“علينا جميعا أن نصبح نسويين” هو كتاب صغير قامت بتأليفه الكاتبة النيجيرية تشيماماندا نغوزي أديشي. نُشر الكتاب لأول مرة عام 2014 من قبل فورث إستيت، ويتحدث عن مفهوم النسوية الخاص بالقرن الحادي والعشرين.

تم اقتباس الكتاب من المحاضرة الشهيرة للكاتبة النيجيرية على منصة TEDx سنة 2012 والتي تحمل نفس الاسم، وعُرضت لأول مرة في TEDx Euston في لندن، حيث تمت مشاهدتها أكثر من خمسة ملايين مرة.

لماذا يجب على الجميع أن يكونوا نسويين؟

يتضمن الكتاب “علينا جميعا أن نصبح نسويين” مجموعة من القصص والتحليلات حول ما المعنى من أن تكون نسويا. وناقشت تشيماماندا أيضا فكرة أن “النسوية” ليست إهانة، بل تسمية يجب أن يتبناها الجميع.

وبينما تدعو الحركة النسوية إلى العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة في جميع جوانب الحياة، يعتقد أشد المعارضين لتحرير المرأة أن الحركة النسوية هي حركة اجتماعية تعمل على عكس أدوار الجنسين وجعل الرجال أقل شأنا. يكشف كتاب “علينا جميعا أن نصبح نسويين” بإيجاز الحاجة إلى تحويل المعتقدات الاجتماعية والبنية الجنسية التي تعزز التفاوت بين الرجال والنساء.

في الأساس، علينا جميعا أن نصبح نسويين لا يعد فقط كالتزام بتحرير المرأة ولكن أيضا كوسيلة لتشجيع الرجال على إجراء محادثات مع النساء حول الجنس والمظهر والأدوار والنجاح. إن كونكم نسويين يستلزم الدفاع عن حقوق المرأة ومحاولة جعل العالم مكانا أفضل للنساء. لا تتحدى الحركة النسوية إطلاقا الأدوار البيولوجية لكل جنس فهي تهدف فقط إلى إحداث ثورة في التمييز الجنسي من خلال خلق فرص وحظوظ متساوية للنساء والرجال.

وتنظر النسوية إلى الناس كبشر وتهدف إلى معالجة الظلم الإجتماعي الذي يسكت إرادة الناس وقدرتهم على تجاوز التوقعات الاجتماعية. لذلك، فكونك نسوية يعمل على تطبيع نجاح المرأة ويسمح للرجال بالسعي لتحقيق المزيد في الحياة. المشاركة في الحركة النسوية المعاصرة تمهد الطريق لمجتمع مستقبلي مزدهر وشامل. إن تمكين المرأة ليس معادلا لانتزاع الفرص من الرجال. إن تعليم المجتمع منح الاحترام المتساوي للمرأة يخلق بيئة مناسبة للنجاح. بحسب ما أوردته الكاتبة النيجيرية في كتابها.

لذلك، فإن تشجيع الناس على أن يصبحوا نسويين يوجه عقولهم بعيدا عن التركيبات الثقافية والاجتماعية، التي تحد من فهمهم للجنس فيما يتعلق بالجنس والأدوار وتسمح للرجال والنساء بأن يصبحوا كما يريدون دون قيود. كما ينتقد الكتاب الطريقة التي بنيت بها الذكورة، ويشير إلى ضرورة تغير المجتمع ككل إذا أردنا الوصول إلى المساواة.

لماذا النسوية؟

رغم وجود منصات تنتج معرفة نسوية باللغة العربية، فإن واقع الشيطنة الذي يُعمل عليه بشكل ممنهج إعلاميا حول أي خطاب يهدف للتغيير، يجعل من الصعب الوصول إلى الشارع العريض، حيث ترفع مجموعة من الفزاعات التخويفية مثل التغريب والهجوم على استقرار المجتمع بهدف خلق شرخ بين الخطاب النسوي والمتلقين، رغم عدالة ومشروعية هذه المطالب.

نعيش في ظل عالم يسوده انعدام المساواة والعدالة، وينقسم إلى مُهيمنين وواقعين تحت الهيمنة، ويتحكم فيه نظام يقوم على التفاوت الطبقي والجندري والعرقي، مما يجعل أي خطاب أو تيار فكري يناهضه يحتاج إلى بذل مجهود كبير كي يجد الإنصات، في مساحة محتكرة من السلطة المُهيمنة.

حتى الفئات التي تخضع للهيمنة، مثل النساء والأقليات الدينية والعرقية والجندرية، تُطبِع وتتبنى قيم وتصورات وخطاب من يضطهدونها.

نجد النساء مثلا يرون أنفسهن استنادا إلى معايير الأيديولوجيا الذكورية في كيفية عيش حياتهن ومركزهن داخل المجتمع، وكل ما يتعلق بهن، حتى وإن كان في ذلك انتقاص من قيمتهن، وينقلن هذه الأفكار إلى أبنائهن وبناتهن، وهذا يرجع إلى سيطرة القيم الذكورية على التنشئة التي يخضعن لها، مما يسمح بالحديث عن إعادة إنتاج الهيمنة والمحافظة عليها بل وتأبيدها، وهو ما تفعله أيضا الأقليات الأخرى.

المقاومة ورفض التمييز والسيطرة، التي يعمل وفقها الخطاب النسوي، تستخدم أسلوب الوعي، وتساعدنا على فهم كيف تعمل الثقافة في بنيات النظام الأبوي على تغليف التقسيمات والتمايزات، وجعلها تقسيمات طبيعية، من خلال فرض مشروعية سيادتها، وتقديمها كما لو كانت مصالح جماعية، تشترك فيها جميع الفئات الاجتماعية والطبقية بغض النظر عن موقعها في المنظومة، مما يسهم في تبرير النظام القائم، وذلك بإقرار الفروق وإقامة المراتب.

هنا يظهر التقاطع العضوي بين الذكورية وكراهية النساء، والعنصرية والطبقية ورهاب المثلية ورهاب الأنوثة والتحول الجنسي، إذ أن مختلف أشكال العنف والإقصاء هذه تنطلق من بنية أبوية قمعية تفرض قيمها وأحكامها وقوانينها بمختلف الوسائل العنفية، مباشرة وغير مباشرة، من أجل الحفاظ على الوضع القائم في وجه محاولات المقاومة والتغيير، وضمان مصالح وسلطة ذوي الامتيازات الجندرية والطبقية والعرقية والدينية على حساب الفئات والأشخاص الأكثر هشاشة والأقل تمتعا بامتيازات القوة والحماية، ضمن دينامية قوية مبررة ومحمية ومروج لها بذرائع مختلفة مثل الطبيعة والصالح العام، وهي مفاهيم إذا ما جرى تفكيكها يمكن إثبات بطلانها وعدم منطقيتها.

إن النسوية كعلم هي “الدراسة المتعمقة للتفرقة والتمييز بين الرجال والنساء في شتى مجالات الحياة، المؤسسة على مجموعة من الحقائق المباشرة وغير المباشرة، ومحاولة فهم أسباب تلك التفرقة، والتي تطلق عليها النسويات الفجوة النوعية، مع اقتراح أفضل الطرق والسبل للتغلب عليها”.

أما النسوية كوعي فهي “الإدراك الواعي المؤسس على الحقائق، الذي يوضح أن الظلم والتفرقة الواقعين على النساء ليسا مجرد صدفة تاريخية، ولا مشكلة ثقافية أو جغرافية أو قضية مرتبطة فقط بالفقر والجهل، بل وعلى الرغم من أهمية تلك الأسباب، فهي مرتبطة أيضا بحزمة معقدة من العوامل المباشرة وغير المباشرة التي تقع على النساء ويعاني على إثرها المجتمع بالكامل”.

أما النسوية كمقاومة فهي “بناء ورؤية النسوية كحركة أداة لنشر المعرفة ورفع الوعي النسوي، عن طريق التعريف بكافة أشكال التمييز، وتنظيم الحملات واستخدام أدوات مختلفة ومبتكرة لمواجهة ماتتعرض له النساء”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.