ميليشيات عراقية، تدعي أنها جزء من “محور المقاومة” المناهض للولايات المتحدة، تحشد اليوم قواتها في أوكرانيا إلى جانب الجيش الروسي. فهم مستعدون للموت من أجل روسيا، بعيدا عن الشرق الأوسط، ساحة معركتهم. وقد غادر بالفعل عشرات المقاتلين العراقيين، القريبين من إيران، ومن صفوف “حزب الله” العراقي أو “عصائب أهل الحق” أو “لواء الخراساني” للقتال في أوكرانيا إلى جانب القوات الروسية.

وفي الشهر الماضي، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته بتسهيل نشر مقاتلين متطوعين من الشرق الأوسط، حيث قال وهو يشير لوزير دفاعه، سيرغي شويغو “إذا رأيت أشخاصا يريدون المجيء طوعا ومساعدة الأشخاص الذين يعيشون في دونباس، خاصة إذا كان عملهم التطوعي غير مبرر لأسباب مالية، علينا الترحيب بهم ومساعدتهم على الوصول إلى منطقة القتال”. ومنذ ذلك الحين، بدأ يتدفق المتطوعون العراقيون.

وسرعان ما أصبحت مشاهدة تطورات الحرب في أوكرانيا على شاشة التلفزيون أمرا لا يطاق بالنسبة لصلاح، الذي يبلغ من العمر 41 عاما، وهو من قدامى المحاربين في الحرب ضد “داعش” في العراق وسوريا. وقد كان صف ضابط سابق في الجيش العراقي، ليقاتل بعدها هذا الرجل، الحاصل على دبلوم في علم النفس، في صفوف “حزب الله العراقي” منذ عام 2013. فيقول: “لم أعد أرغب في متابعة الأخبار من غرفة المعيشة، أريد أن أكون جزءا منها”. وكونه متخصص في القتال في المناطق الحضرية، فقد تطوع صلاح على الفور لدعم “الحليف الروسي” ضد الولايات المتحدة. هذه فرصة لا يريد أن يفوتها لأي سبب في العالم، حتى لو كان ذلك يعني خسارة حياته في منطقة مجهولة.

ويتابع حديثه لصحيفة “سود ويست” الفرنسية، “إنها المرة الأولى التي نحارب فيها عدونا خارج وطننا، كما يفعلون في بلادنا. لا أكره الشعب الأوكراني، وسأقاتل فقط جيشهم المدعوم من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي”، يضيف صلاح.

وفي 11 آذار/مارس المنصرم، أعلن سيرغي شويغو أن 16 ألف مقاتل من الشرق الأوسط مستعدون لمساعدة القوات الروسية في دونباس. “بصفتنا مقاتلين في المقاومة، يجب علينا، باسم الإنسانية، دعم روسيا. سأفعل الشيء نفسه بالنسبة للصين أو فنزويلا أو حتى كوريا الشمالية، إذا لزم الأمر”، يصر صلاح، مقتنعا بمزايا قتاله إلى جانب القوات الروسية.

وفق ما ترجم موقع “الحل نت” فقد تم تدريب كل هؤلاء المتطوعين العراقيين على أيدي روس ولبنانيين وإيرانيين في معسكرات تدريب سورية على مدى السنوات الثماني الماضية. وبالنسبة لمصطفى الكعبي، قناص عراقي متمرس ومن ذوي الخبرة في الحروب غير المتكافئة، من المستحيل أن يتوانى في هذا المنعطف الحاسم في التاريخ، حيث يقول “على عكس الولايات المتحدة، دربتنا روسيا على محاربة تنظيم داعش. نريد تقوية المحور الصيني – الروسي – الإيراني حتى تكتسب روسيا القوة، وبالتالي تتوقف الولايات المتحدة عن إيذاء الشعوب العربية”.

وبذلك التحق كل من صلاح ومصطفى بالأراضي السورية، وهي نقطة تجمع للمتطوعين الموالين لروسيا. وفي روسيا، حيث هم اليوم، يتم تلقينهم المفاهيم الأوكرانية بالإضافة إلى دورات حول ثقافة وجغرافيا الأماكن، قبل نشرهم في أوكرانيا.

ووفقا لمصدر حكومي عراقي، طلب عدم الكشف عن هويته، فإن حوالي 150 من المقاتلين العراقيين الراغبين في القتال في أوكرانيا قد مروا بالفعل عبر سوريا. “بصفتنا حكومة، نحن لا نرسل أيا منهم. نحن لا نشارك في هذه الحرب. لقد فحصنا جوازات سفرهم وكل شيء كان قانونيا. وبما أنهم لم يتقدموا بطلب للحصول على تأشيرة من روسيا، فنحن مضطرون إلى اعتبار إقامتهم في سوريا سياحية”، يؤكد هذا المصدر المقرب من وزارة الداخلية العراقية.

لقد أخذ رعد، البالغ من العمر 44 عاما، من مدينة كربلاء، وهو منخرط لمدة خمس سنوات في جماعة “عصائب أهل الحق” المسلحة المتطرفة في سوريا والعراق، زمام المبادرة. ومع ذلك، يبقى قراره عائليا أكثر منه حربيا. “عندما فهمت أن أخي الصغير سوف يتطوع، أجبرته على البقاء وأخذت أنا مكانه”، يقول رعد وهو الآخر قناص. ويتابع قائلا “كانوا بحاجة إلى خمسة مقاتلين فقط في مجموعتي وكنت أنا الخامس”. ومثل رفاقه في السلاح، لا يعرف رعد شيئا عن مهمته في أوكرانيا.

وبالرغم من السنوات التي قضاها في الجبهة، يشك رعد اليوم في القيمة الحقيقية لمعركته، حيث يعترف وهو ينهي استعداداته النهائية “لا أحد يجبرني على الذهاب. ومع ذلك، فإن الخوف من قتل المدنيين والأطفال، بل والأسوأ من ذلك، من عدم الموت كمقاتل مقاومة ولكن كغازي، يدفعني إلى الجنون”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.