تعاني سوريا بشكل عام من أزمة مواصلات منذ سنوات عديدة، بسبب أزمة الوقود في البلاد وتخصيص كميات محدودة للمواصلات العامة والخاصة من قبل الحكومة. يأتي ذلك في وقت يعاود مشهد الأزمة الخانقة للمواصلات ظهوره في العاصمة دمشق وكذلك محافظة اللاذقية.

حيث شهدت دمشق ازدحاما خانقا على وسائل النقل لا سيما في مواقف “السرافيس” الرئيسية مثل “جسر الرئيس – البرامكة – شارع الثورة – المزة”. كذلك شهدت شوارع اللاذقية شللا شبه تام على جميع المحاور الداخلية والخارجية لوسائل النقل العامة، وخاصة السرافيس.

وتشير المعلومات وفق تقارير صحفية محلية إلى أن سبب هذا الازدحام هو تخفيض نسبة مخصصات المحافظات من مادتي المازوت والبنزين، حيث تم إيقاف مخصصات محافظة اللاذقية بالكامل يوم أمس 17 نيسان/أبريل.

إجراءات حكومية تفاقم الأزمة

هناك العديد من الصعوبات التي يواجهها المواطنون في سوريا، وأصعبها أزمة المواصلات، خاصة بين الريف والمدينة، حيث يضطر الطلاب والموظفون إلى الانتظار لساعات طويلة حتى يتمكنوا من الحصول على مقعد في وسيلة النقل التي تأخذهم إلى مكان عملهم أو دراستهم، بينما يجدون نفس المعاناة في طريق العودة.

بدورها لم تتمكن الحكومة حتى الآن من إيجاد أي حلول لهذه الأزمة الخانقة، والتي تؤثر بشكل عام على حياة المواطنين وخاصة فئة العاملين وطلاب التعليم.

مصدر مسؤول في محافظة دمشق أوضح لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الإثنين، أن “نسبة تخفيض المازوت والبنزين لوسائل النقل وصلت إلى 25 بالمئة، الأمر الذي له تأثير واضح على عمل وسائل النقل من سرافيس وميكروباصات في دمشق”.

وكشف المصدر ذاته، أن عدد الطلبات اليومية في العاصمة يقدر بـ24 طلبا يوميا من مادتي المازوت والبنزين، “متمنيا” حدوث انفراجات قريبة على صعيد المحروقات وعودة الكميات والمخصصات إلى ما كانت عليه في الشهر الماضي، وفق تعبيره للصحيفة المحلية.

فيما شددت مصادر للصحيفة المحلية، على ضرورة الإسراع في تطبيق نظام (جي بي أس) لما له من أهمية في ضبط المادة وعدم المتاجرة بها في السوق السوداء واستغلال الوضع الراهن في إشارة إلى الفوضى والفساد سواء من قبل أعضاء لجان توزيع المحروقات وأصحاب محطات الوقود، أو من قبل أصحاب السرافيس.

وتعرف منظومة (جي بي أس) وفق المشروع المحلي، بأنها ستكون عبارة عن دارة لتتبع وتعقب مسار حركة الآليات، يتم تركيبها على وسائط النقل العامة (باصات وسرافيس)، كما أن الجهاز مبرمج ببرنامج يراقب مسار خط السرافيس من بداية المسار حتى نهايته، وعند وجود أي خلل في مسار المركبة يتم إرسال إشعار إلى غرفة العمليات والمراقبة الموجودة لدى الجهات المعنية.

قد يهمك: طرطوس وحماة.. استمرار أزمة المواصلات وازدياد الحوادث المرورية

عدم توزيع المخصصات دون تبرير!

موقع “المشهد” المحلي، قال في تقرير نُشر يوم أمس، نقلا عن مالك الخير عضو المكتب لقطاع النقل، إنه يتم بذل الجهود لتوفير الوقود للسرافيس والنقل الداخلي، حيث يُستخدم احتياطي المازوت لباصات النقل الداخلي، مبينا أنه اعتبارا من اليوم الاثنين، ستحل مشكلة النقل في اللاذقية وستعود مخصصات الوقود لمركبات النقل العامة، وفق زعمه.

من جانبه، أشار مدير شركة النقل الداخلي في اللاذقية المهندس طارق عيسى، إلى أن باصات الشركة في حالة تأهب قصوى لتأمين الركاب على جميع الخطوط الرئيسية داخل وخارج المدينة باتجاه المناطق المزدحمة الرئيسية والريف، حسب الإمكانيات المتاحة، أي وفق كمية الوقود المتوفرة لدى الحكومة.

في وقت سابق، اعترف رئيس فرع المرور في حكومة دمشق، لوسائل إعلام محلية، أن “الإجراءات التي تتخذها الحكومة لحل أزمة النقل والمواصلات بشكل عام لا تتجاوز كونها إجراءات ترقيعية“، وذلك لأن مشكلة النقل كبيرة وتحتاج إلى حلول جذرية.

تكمن وراء هذه المعضلات حقيقة أن معظم حافلات القطاع الحكومي تترنح تحت وطأة نقص المحروقات، وتراجع الميزانيات الحكومية، وعدم قدرتها على توفير المازوت أو البنزين لوسائل النقل على الأقل، فضلا عن خروج عدد من تلك الحافلات عن الخدمة نتيجة ذلك، وبالتأكيد أعباء هذه المشاكل يتحملها الموظفين العاملون في المؤسسات الحكومية، أصحاب المداخيل المنخفضة جدا.

يدرك المواطنون اليوم جيدا أن مثل هذه الأزمات لن تنتهي في البلاد، ما دامت الحكومة لا تقوم بوضع حلولا حقيقية لإحداث انفراجة وحل الأزمات، أو بالأحرى ربما تتعمد في خلق مثل هذه الأزمات والطوابير الطويلة على الأفران ومحطات الوقود.

وبات واضحا فشل الحكومة في تنفيذ قراراتها وتحمل مسؤوليات موظفي مؤسساتها، في حين أن معظم مخصصات الوقود التي تصل إلى سوريا موجهة للجيش الحكومي أو للتدفئة، أو يتم تهريبها إلى لبنان عبر شبكة من المهربين.

قد يهمك: نصب واحتيال على الحلبيين بسبب أزمة المواصلات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.