تتفاقم الأزمة الاقتصادية في سوريا، مع استمرار عجز الحكومة عن احتواء الأزمة المعيشية، فضلا عن عجزها عن تأمين السلع الأساسية والمواد الغذائية المحروقات، وذلك في وقت وصلت فيه نسب التضخم إلى أعلى مستوياتها في تاريخ البلاد.

التضخم عام 2020

المكتب المركزي للإحصاء في سوريا، أصدر تقريرا أكد خلاله أن التضخم السنوي لجميع السلع، في العام 2020 بلغ 163.1 بالمئة مقارنة مع العام 2019.

وبحسب التقرير الذي نشرت صحيفة “الوطن” المحلية الخميس نسخة منه، “فقد بلغ أكبر تضخم سنوي في العام 2020 مقارنة بالعام 2019 في قطاع المطاعم والفنادق حيث بلغ 526.2 بالمئة، يليها المياه المعدنية، والمشروبات المرطبة، وأنواع عصير الفواكه بتضخم سنوي وصل إلى 249.4، جاء بعدها السلع والخدمات المستعملة في عمليات الصيانة المنزلية بتضخم سنوي بلغ 230.3، ثم المشروبات غير الكحولية بتضخم سنوي 224.9″.

، ثم التبغ محققا تضخما سنويا 223.1، فالمشروبات الكحولية والتبغ بتضخم سنوي 220.4، يليه البن والشاي والكاكاو 217.9، والفواكه ،بلغ التضخم السنوي 205.4، ثم اللبن والجبن والبيض بتضخم سنوي 199.7، يليها الزيوت والدهون بـتضخم سنوي 198.0.

قد يهمك: “مصاري بالشوالات” على طريق حمص تثير سخرية السوريين

ويرى الباحث الاقتصادي والأكاديمي، الدكتور يحيى السيد عمر، أن انهيار العملة السورية بين عامي 2019 و2020، شكل العامل الأهم لارتفاع أسعار السلع في الأسواق السورية، حيث أن قيمة التضخم في أسعار السلع المستوردة يفوق نظيره في السلع المحلية، وذلك كون السلع المستوردة تتأثر بتضخمين، الأول هو التضخم العالمي، والثاني التضخم المحلي.

ويقول السيد عمر في حديثه لـ“الحل نت“: “لا بد من التوضيح أن البيانات المذكورة تخص المقارنة بين عامي 2020 و 2019، وهذه الفترة شهدت أول تدهور حاد في الليرة السورية، ففي مطلع عام 2019 كانت قيمة الليرة تعادل 490 ليرة للدولار الواحد، بينما في نهاية عام 2020 كانت 3000 ليرة للدولار“.

وحول انعكاس هذه الأرقام على الأوضاع المعيشية في سوريا حاليا يضيف السيد عمر: “يستمر التضخم في عام 2022 في نخر الاقتصاد السوري الحكومي والشعبي، فتآكل القيمة الشرائية لليرة بفعل التضخم أدى لارتفاع حاد في معدلات الفقر والفقر المدقع، وحاليا هناك فجوة هائلة بين دخل الفرد وحاجاته الأساسية، ففي العام الحالي ووفقا لمؤشر قاسيون فإن الأسرة المؤلفة من 5 أشخاص تحتاج ل 2,750,000 ليرة شهريا، وهو ما يعادل 750 دولار، بينما دخل الموظف الحكومي لا يتجاوز 150 الف ليرة شهريا، وهو ما يعادل 40 دولار شهريا“.

ويؤكد الباحث الاقتصادي أن الخيارات أمام حكومة دمشق، لمواجهة الأزمة الاقتصادية “محدودة للغاية“، وذلك في ظل العقوبات الدولية والفساد الإداري والاقتصادي والتضخم العالمي وتعطل الإنتاج وسيطرة ميليشيات الحرب.

وحول ذلك يضيف: “تعتمد حكومة النظام بشكل رئيس على التمويل بالعجز، وهو ما يفافم من أزمة التضخم، فالحل الأفضل حاليا تحفيز الإنتاج الزراعي، كونه الخطوة الوحيدة المتاحة، إلا أنه وحتى الآن لم تقم حكومة النظام بخطوات ملموسة في هذا المجال“.

يذكر أن الحكومة سبق وأن وضعت عنوانا لأدائها في المرحلة السابقة، بأنها لن تتجه إلى زيادات كبيرة في الرواتب كما يقتضي المنطق، وذلك بحجة أن السوق سيمتص هذه السيولة ولن يستفيد منها الموظف الاستفادة الحقيقية المطلوبة، وسيكون الاتجاه نحو تخفيض الأسعار، لكن ما حدث على الأرض هو أن الأسعار حلقت بجنون، ودخل المواطن وقدرته الشرائية انخفضت بشكل كبير، والأهم هو أن هامش الثقة بالإجراءات الحكومية انخفض كثيرا.

الفقر أكثر من 90 بالمئة

تشير الأرقام الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها الرئيسية، والتي تُجمع بحسب تقاريرها الدورية وتصريحات مسؤوليها على أن نسبة انتشار الفقر في سوريا تزيد اليوم على 90 بالمئة، وهي نسبة تمّ استنتاجها إما من خلال الخلاصات المبنية على خط الفقر الأممي البالغ 1.90 دولار للفرد في اليوم، أو من خلال نتائج مسوح الأمن الغذائي للأسر السورية، والتي نفذت بالتعاون مع الحكومة السورية، وآخرها كان في عام 2020، بحسب موقع “الجمل” المحلي.

وبحسب الموقع، تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن معدل انتشار الفقر اليوم في سوريا يُراوح ما بين 90 و95 بالمئة، وذلك استنادا إلى الارتفاع غير المسبوق في معدل التضخم خلال عامي 2020 و2021 والأشهر الأولى من العام الحالي، وفشل السياسات الحكومية في إنعاش العجلة الإنتاجية للبلاد بالشكل والمستوى المطلوبين.

ووفق مراكز بحثية مختصة، فإن الحديث عن انتشار الفقر بين أكثر من 90 بالمئة من السوريين، أمر موضوعي حسب بعض مؤشرات الوضع الراهن والمتعلّقة بحصة الفرد المتحققة من الاحتياجات الغذائية وغير الغذائية، حيث تُظهر النتائج الرسمية لمسح الأمن الغذائي الذي جرى نهاية عام 2020، أن 8.3 بالمئة من الأسر تعاني من انعدام شديد في أمنها الغذائي، و47.2 بالمئة تعاني من انعدام متوسّط، و39.4 بالمئة تتمتع بأمن غذائي مقبول، لكنها معرضة لانعدام أمنها مع أي صدمة، وهناك فقط 5.1 بالمئة من الأسر تم تصنيفها على أنها آمنة غذائيا.

قد يهمك: أزمة وقود خانقة في سوريا.. روسيا وإيران تخلوا عن دمشق؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.