مع بداية كل شهر، تعاني الصرافات المتبقية في سوريا من ازدحام كبير، من أجل استلام الرواتب، والتي لا تتجاوز في معظم الأوقات الـ 20 دولار، حيث باتت أجهزة الصراف الآلي المتوقفة عن العمل أصبحت مشكلة تقليدية تظهر في مقدمة كل شهر.

وخلال السنوات الماضية انخفض عدد أجهزة الصرافات مقارنة بالخدمة المطلوبة في سوريا، فحالياً لا يتجاوز عدد الصرافات العاملة في كل من التجاري السوري والعقاري 500 صراف بشكل فعلي، في حين أن المطلوب حوالي 5 آلاف صراف لتحسين هذه الخدمة، حسب متابعة “الحل نت”.

خدمة الدفع الإلكتروني في الطريق لسوريا

بحسب موقع “أثر برس” المحلي، فقد منحت الهيئة الوطنية لخدمات الشبكة تصريحا أوليا لعمل تطبيق “إي ليرة” المختص في مجال خدمات الدفع الإلكتروني، من ضمن 4 شركات تقدمت للحصول على تصريح تطـبيق يقدم خدمات دفع إلكتروني وهي “إي ليرة””، و”إي كاش”، و”سدادي”، و”سيدرة”.

ونقل الموقع عن مديرة التنظيم والتراخيص في الهيئة المهندسة مادلين الشلي، أن الهيئة طلبت من الشركة المشغلة للتطبيق استكمال الموافقات اللازمة من مصرف سوريا المركزي، تمهيدا لمنحه التصريح النهائي، وذلك استنادا إلى الضوابط والنواظم الخاصة بالتطبيقات الإلكترونية العاملة على الشبكة.

حيث يقدم التطبيق خدمات الدفع الإلكتروني للعموم، بما فيها تسديد الفواتير والرسومات والاشتراكات والأقساط والخدمات الإلكترونية لكل المؤسسات المتوسطة والكبيرة ذات النشاط التجاري أو الصناعي أو الخدمي أو التعليمي في القطاعين العام والخاص.

قد يهمك:سوريا.. الصرافات الآلية خارج الخدمة والدفع الالكتروني وهم

عقبات متعددة في وجه المشروع

في حديثه لموقع “الحل نت”، يرى الباحث الاقتصادي، أدهم قضيماتي، أن مشروع الدفع الإلكتروني يحتاج لبنية تحتية ملائمة وهي غير موجودة في مناطق سيطرة الحكومة، فهي بنية خاصة بأنظمة متطورة، كالاتصالات والأنترنت، والبنية التحتية السورية بشكل عام تعرضت لدمار كبير خلال السنوات الماضية، دون أن يكون هناك قدرة حكومية على إعادة تأهيلها.

وأضاف قضيماتي، أنه لو تم العمل على هذا المشروع، فإنه سيواجه العديد من المشاكل، أبرزها نقص المحروقات وبالتالي نقص الطاقة الكهربائية التي تعتبر حجر أساس في المشروع، بالإضافة للحاجة لوجود كادر متخصص، وهو ما تفتقر إليه سوريا.

وعلى الرغم من هذه العقبات، فإنه كان يمكن للحكومة إيجاد صيغ ممكنة للتعامل مع مشاكل عمل الصيارفة أو التخفيف من حدتها، إلا أن العاملين في البنوك أكدوا أن الحكومة ليست لديها رغبة جادة في حل هذا الملف، وأن كل ما يتم في هذا الشأن هو التأجيل حتى يتحقق مشروع الدفع الإلكتروني، ما يشير إلى الرغبة في الاستحواذ على أحد القطاعات الاقتصادية المهمة من قبل فئة محددة بعد شركات الاتصالات، بحسب متابعة “الحل نت”.

إقرأ:المصارف السورية تُعاني من “السُمنة”.. سيولة بلا فائدة

ما هو الدفع الإلكتروني؟

نظام يقوم على سداد وتحويل الأموال بشكل إلكتروني بعيدا عن النقود الورقية “الكاش”، بحيث يتم تحويل الأموال من ماكينة إلى ماكينة أخرى اعتمادا على شيفرات رقمية سرية لا يعرفها سوى العميل والجهة التي يتعامل معها.

كما أنه نظام تقدمه المؤسسات المالية، والمصرفية لجعل عملية الدفع الإلكتروني آمنة وسهلة، وتمتاز هذه المنظومة بخضوعها للقوانين، التي تجعل جميع الحركات المالية تتم في سرية تامة، لضمان الحماية والأمان للمستخدم، حيث إن نظام الدفع الإلكتروني قد ظهر وتطور بالتزامن مع ظهور وتطور التجارة الإلكترونية، لذلك تعد ذات علاقة وثيقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي تكمل إجراءاتها الإلكترونية من بيع وشراء.

ويقدم الدفع الإلكتروني الكثير من المزايا والفوائد لكل المتعاملين به، كتوفير الجهد والكلفة المرتبطة بعملية الدفع التقليدية مثل النقد أو الشيكات، وتوفير الوقت والإسهام في زيادة المبيعات وانخفاض تكاليف المعاملات، وضمان حقوق التجارة والجهات المفوترة، كما أنه يتجاوز المخاطر الأمنية التي تأتي مع التعامل مع الأموال النقدية باليد.

قد يهمك:هل ينافس “المصرف المركزي السوري” السوق السوداء بدولار الحوالات؟

من المستفيد من المشروع في سوريا؟

الدفع الإلكتروني، من التطبيقات التي تدر أرباحا مادية كبيرة لا تقل بأهميتها عن أرباح شركات الاتصالات، ولكن بحسب قضيماتي، فإن الحكومة السورية لا تملك الأموال لإنجاز هذا المشروع، كما أنه ليس لديها القدرة التقنية لتصنيع التجهيزات والمعدات الخاصة به، وبالتالي فلا بد أن يكون هناك اتفاق لتوريد المعدات إما من روسيا أو إيران، بالإضافة لجلب خبرات من إحدى هاتين الدولتين، لافتقار سوريا لخبرات متخصصة في هذا المجال، وبالتالي فلن يكون المشروع وطنيا سوريا بشكل كامل.

أما بالنسبة لعوائد المشروع، فيرى قضيماتي، أنها ستعود لأشخاص محددين في الحكومة، بالشراكة مع الجهة المنفذة للمشروع، وبالتالي فلا يمكن لأرباح هذا المشروع أن تدخل في موازنة الدولة أو الاقتصاد الوطني بشكل عام، ولن تنعكس بأي أثر إيجابي على المواطن، فالمشروع ليس سوى أحد المشاريع التي يهدف من خلالها أشخاص محددون على الاستحواذ على ما تبقى من الاقتصاد السوري.

إقرأ:“المصرف المركزي” يقضي على آمال السوريين بانتعاش الاقتصاد

توجه عالمي كبير نحو التطبيقات الرقمية المتعلقة بالاقتصاد وأبرزها الدفع الإلكتروني، وهو ما يعتبره اقتصاديون عصر الثورة الصناعية الرابعة، حيث ووفقا لإحصاءات عالمية، قفزت قيمة المعاملات ضمن سوق المدفوعات الرقمية العالمية قفزة كبيرة تجاوزت 5 تريليون دولار في العام 2020، مع توقعات نمو هذه السوق لتصل بحلول 2026 إلى ما يزيد على 11 تريليون دولار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.