لا تزال الليرة التركية تسجل تراجعا أمام الدولار، وبدأ هذا التراجع منذ بداية العام الجاري، حيث وصلت إلى أدنى مستوى لها في الأشهر الخمسة الماضية، اليوم الثلاثاء، لترتفع خسائرها هذا العام إلى 18 بالمئة مع تزايد تساؤل المستثمرين عن استدامة السياسات الاقتصادية وسط تراجع العملة وارتفاع التضخم.

انخفاض جديد لليرة


تواجه تركيا أزمة اقتصادية منذ سنوات، وقد أدت التوترات الجيوسياسية والقرارات الاقتصادية إلى تفاقمها، مما خلق أزمة اقتصادية تبدو مهمة صعبة على الحكومة التركية التغلب عليها.

وانخفضت الليرة التركية حتى 16.0435 مقابل الدولار الأميركي، أضعف بنسبة 0.6 بالمئة من إغلاق يوم أمس الاثنين، واستقرت عند 16.0250 الساعة 06:57 بتوقيت غرينتش، وفقا لوكالة “رويترز”.

وهذا الانخفاض يأتي قبل يومين من اجتماع المركزي التركي بشأن إصدار قرار الفائدة يوم غد الخميس الموافق 26 أيار/مايو الجاري، وتتجه التوقعات إلى تثبيت الفائدة عند مستويات 14 بالمئة.

وبحسب بيانات المركزي التركي التي صدرت يوم أمس الاثنين انخفض مؤشر ثقة التصنيع من مستويات 109.7 نقطة خلال نيسان/أبريل الفائت إلى مستويات 109.4 نقطة خلال أيار/مايو الجاري.

وكانت الأرقام الرسمية أظهرت أن مؤشر أسعار المستهلكين في تركيا ارتفع بنسبة 70 بالمئة وذلك في نيسان/أبريل مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ عقدين من الزمن.

وقبل أيام قال بنك “آي إن جي” الهولندي إن تركيا قد تواجه مشاكل في تمويل عجز الحساب الجاري المزدهر لأن الاستثمار الأجنبي المباشر لا يزال منخفضا مقارنة بنظرائها ويعتمد بشدة على تدفقات رأس المال قصيرة الأجل.

وأفاد البنك المركزي التركي الأسبوع الماضي أن عجز الحساب الجاري نما بنسبة 67 بالمئة سنويا إلى 5.55 مليار دولار في آذار/مارس مع قفز الواردات. كان هذا الشهر الخامس على التوالي من العجز. زادت فجوة الحساب الجاري المتجدد لمدة 12 شهرا إلى 24.2 مليار دولار، وهو ما يتجاوز بكثير هدف الحكومة لعام 2022 البالغ 18.6 مليار دولار في برنامجها الاقتصادي لمدة ثلاث سنوات.

من جانبه، قال كبير الاقتصاديين في “آي إن جي” محمد ميركان في تقرير صحفي تركي، نظرا أنه من المتوقع أن تظل أسعار النفط مرتفعة، فمن المرجح أن يحافظ الحساب الجاري على الاتجاه الآخذ في الاتساع في المدى القريب.
ويتنبأ البرنامج الاقتصادي التركي، الذي يركز على التصنيع والصادرات، بوجود فوائض في الحساب الجاري، لكن ارتفاع أسعار الطاقة العالمية وارتفاع تكلفة الواردات قوض هذا الهدف.

وبحسب تقارير صحفية، فإنه وبالرغم من التخفيضات الضريبية على السلع الأساسية والدعم الحكومي لبعض فواتير الكهرباء لتخفيف العبء على ميزانيات العوائل التركية، فإن التضخم الجامح الذي يقلق تركيا زاد من حدته الغزو الروسي لأوكرانيا.

قد يهمك: تدهور جديد لليرة التركية.. انحدار متوقع نحو أدنى مستوياتها

الفائدة أصل “الشرور”

شهدت الليرة التركية انهيارا حادا بلغت ذروتها في كانون الأول /ديسمبر 2021، حيث أعطى الرئيس رجب طيب أردوغان للصادرات الأولوية على استقرار العملة بعدما أطلق سياسة خاصة بخفض معدلات الفائدة.

ووصف أردوغان وقتذاك أسعار الفائدة بأنها أصل كل الشرور، واستخدم سياسة غير تقليدية لمحاولة خفض الأسعار بما في ذلك التدخل في أسواق الصرف الأجنبي.

وغير أردوغان قيادة البنك المركزي التركي في البلاد العامين الماضيين ثلاث مرات وخفض البنك المركزي أسعار الفائدة من 19 بالمئة إلى 14 بالمئة منذ أيلول/سبتمبر وحتى كانون الأول/ديسمبر 2021.

وفي حين يواصل شبح التضخم تغوله في الاقتصاد التركي، فإن حكومة أنقرة تسير نحو تهدئة الأسواق حسب طاقتها، رغم أن التضخم سينخفض مع البرنامج الاقتصادي الجديد والذي سيعطي الأولوية للمعدلات المنخفضة لتعزيز الإنتاج والصادرات، وفق زعم المسؤولين الأتراك.

وتحتاج تركيا إلى تمويل عجز الحساب الجاري بتدفقات رأس المال الأجنبي أو المخاطرة بمزيد من الضعف في الليرة، التي تراجعت بنسبة 44 في المائة مقابل الدولار العام الماضي. فقدت العملة ما يقرب من 15 في المائة من قيمتها في عام 2022 بسبب قوة الدولار العالمية والمخاوف بشأن السياسة الاقتصادية.

وقال البنك المركزي إن الاحتياطيات الرسمية للبلاد تراجعت 4.51 مليار دولار في مارس. تدخل البنك في أسواق الصرف الأجنبي مع البنوك التي تديرها الدولة للدفاع عن الليرة والمساعدة في وقف ارتفاع التضخم، الذي تسارع جزئيا بسبب ارتفاع تكاليف الاستيراد.

قد يهمك:  الليرة التركية مستمرة في التدهور.. لماذا تنهار العملة بهذه السرعة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.