عادة ما تبدأ ذروة موسم الحرائق في سوريا في أواخر أيار/مايو من كل عام وتستمر لحوالي 16 أسبوعا، خلال الفترة بين 31 أيار/مايو 2021 و23 أيار/مايو 2022، تم الإبلاغ عن 219 إنذارا حريق داخل البلاد، إلا أن مؤشرات خطورة الحريق للأسبوع الحالي بلغت مستوى خطورة مرتفعة، ولا سيما غابات شمال غرب البلاد.

ارتفاع مؤشرات خطورة الحرائق

في صورة واضحة، أظهرت الخرائط التي صدرت عن “منصة الغابات ومراقبة الحرائق”، أمس الجمعة، مؤشرات خطر عالية ومتوسطة للحرائق في غابات شمال غرب سوريا، مع انخفاض نسبة المساحات المتأثرة بالمستوى المرتفع إلى متوسط، اليوم السبت.

ودعت المنصة، عبر بيان اطلع عليه “الحل نت”، الأهالي الذين يخرجون للتنزه، بعدم إحداث أية حرائق والاتصال بخطوط الطوارئ للإبلاغ عن أي ألسنة أو دخان يتصاعد في الغابات.

وقد وضعت الخرائط بالتعاون مع المديرية العامة للأرصاد الجوية ومديرية الغابات في غرب سوريا، ومديرية المنصات الحرجية، ورصد الحرائق التابعة لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي.

وأشارت المنصة، إلى أنه وبالتعاون مع الإدارة العامة للأرصاد الجوية والإصلاح الزراعي ومديرية الغابات، سيركز البرنامج على وضع خرائط ومؤشرات للأراضي والغابات التي من المتوقع أن تتعرض للحريق، حيث أصدر البرنامج قبل أيام تحذيرا بشأن ارتفاع مؤشرات خطر الحرائق في العديد من مواقع الغابات على المنحدرات الشرقية لسلسلة الجبال الساحلية.

موسم مبكر للحرائق في المخيمات

ومع ارتفاع درجات الحرارة، يعود هاجس اندلاع الحرائق إلى المخيمات والأراضي الزراعية في شمال غرب سوريا، في وقت يعاني فيه الموسم من خسائر كبيرة في معظم المناطق، جراء انكماش المساحات المزروعة وانخفاض معدلات سقوط الأمطار هذا العام، مما أثر سلبا على الأمن الغذائي.

ومنذ بداية العام، أخمدت فرق إطفاء “الدفاع المدني”، أكثر من 450 حريقا في شمال غرب سوريا، بما في ذلك 237 حريقا في منازل المدنيين، و19 حريقا في الغابات والحقول الزراعية، و45 حريقا في محطات الوقود البدائية ومعامل التكرير، وبقية الحرائق في المرافق العامة والمباني والمتاجر.

وتجاوز عدد الحرائق التي سجلت في مخيمات النازحين شمال غرب سوريا 80 حريقا، فيما سجل “فريق منسقوالاستجابة للأزمة السورية” وقوع أضرار في 112 خيمة، إضافة إلى عدد من القتلى والجرحى بين النازحين غالبيتهم من النساء والأطفال.

وقالت المنظمة، في بيان رسمي الأسبوع الفائت، إنها وثقت حوالي 82 حريقا منذ بداية العام مع ارتفاع عدد الحرائق مع حلول فصل الصيف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة داخل الخيام، خاصة وأن غالبية الخيام غير مقاومة للحريق، وتعزى حرائق الصيف في معظمها إلى استخدام تقنيات الطبخ القديمة داخل المخيمات، فضلا عن درجات الحرارة العالية التي تجعل المعدات الكهربائية شديدة الاشتعال.

وبالمثل، توقعت منظمة “الدفاع المدني” (الخوذ البيضاء)، بدء موسم مبكر للحرائق في غرب سوريا مطلع العام الجاري، استنادا إلى متغيرات العوامل الجوية الأساسية المؤثرة على الحرائق، وهي الحرارة والرطوبة والرياح والجفاف، وذلك بحسب تقارير صادرة عن عدة هيئات متخصصة في مراقبة الأحوال الجوية.

خطة تشاركية لإدارة الحرائق في سوريا

يعيش المزارعون في سوريا قلقا مضاعفا مع دخول فصل الصيف، لا سيما بعد أن شهدت البلاد خلال المواسم السابقة، حرائق كبيرة، التهمت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والغابات، إذ تسبب 187 حريقا وقع بين آب/أغسطس وتشرين الأول/أكتوبر، في طرطوس وحمص وحماة وأجزاء أخرى من البلاد بأضرار لحوالي 370 منزلا، بقيمة 23 مليون دولار.

وفي حديث سابق للخبير الزراعي، عبد المولى أبازيد، مع “الحل نت”، فإنه لا ينبغي التقليل من أهمية الغابات في بلد جاف مثل سوريا، حيث توفر الغابات علفا ثابتا لعدد كبير من حيوانات الرعي البرية، وتلعب دورا مهما في تجميع المياه، وفي مكافحة التصحر وفي منع التربة والتعرية والحفاظ على التنوع البيولوجي.

وبحسب حديث أبازيد، فإن حرائق الغابات في سوريا تعتبر مشكلة اجتماعية في المقام الأول، وسكان الريف الذين يعيشون في الغابة وحولها هم العامل الرئيسي لإحداث الحرائق. مضيفا، “في الواقع، يتم إشعال أكثر من 95 بالمائة من الحرائق السنوية مباشرة من قبل الناس، أو بشكل غير مباشر من خلال الأنشطة الزراعية مثل الرعي داخل أكشاك الغابات، وتحويل أراضي الغابات إلى الزراعة وبناء المنازل، والإهمال.

كما إن الدولة ووفقا للأبازيد، أهملت تطوير الخطة التشاركية في إدارة حرائق الغابات، وأيضا تطوير قدرات المؤسسة في مجال الكشف عن الحرائق وقمعها؛ إذ كان يهدف هذا المشروع إلى تعزيز القدرات في مجال الوقاية من الحرائق والتأهب لها من خلال إشراك أصحاب المصلحة في جميع  القطاعات منذ عام 2003.

الجدير ذكره، أن سوريا وضعت نظام إنذار مبكر للحريق عام 1984. ومع ذلك، لم يكن فعالا في تقليل عدد الحرائق أو شدتها، بحسب التقرير الصادر من دمشق، لأن مرافق مكافحة الحرائق الأخرى، بما في ذلك رجال الإطفاء، والمعدات، المعلومات، وما إلى ذلك، لم يتم تجديدها. ويبدو أن الوضع ظل على ما هو عليه حتى الآن، حيث بلغ عدد حرائق الغابات في عام 2019 وحده 627 بحسب إحصائيات دائرة الغابات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.