مع بداية فصل الصيف الحار وانخفاض مستوى الينابيع وازدياد الطلب على عبوات المياه الباردة في البقاليات نتيجة انقطاع الكهرباء لساعات طويلة يبدو أن هناك انخفاضا في مخصصات المياه المعدنية للمواطنين إلى النصف من قبل الجهات الحكومية.

أعباء إضافية على المواطنين

خلال لقاء مع مدير السورية للتجارة زياد هزاع في برنامج “حديث” النهار” على إذاعة “شام إف إم” يوم أمس الثلاثاء، كشف أن ” مخصصات جعب المياه للمواطنين قد خفضت إلى النصف، أي من 4 جعب كبيرة إلى 2، ومن 8 صغيرة إلى 4″.

وعزا هزاع ذلك، إلى بدء فصل الصيف وانخفاض منسوب الينابيع وازدياد الطلب على المادة من قبل البقاليات والفعاليات السياحية، وذلك بما يتناسب مع تلبية احتياجات الجميع ولضبط عملية التوزيع، موضحا أن السورية للتجارة بدأت بتوزيع المياه في فصل الشتاء، حيث يكون الطلب منخفضا، وبالتالي كانت الكميات المتاحة أعلى من حاجة المواطنين.

وأردف هزاع أن السورية للتجارة توزع 70 بالمئة من كميات المياه المعدنية، للبقاليات والفعاليات السياحية بسعر الجملة 4400 ليرة للجعبة الكبيرة (الصندوق الكامل)، و5310 ليرة للجعبة الصغيرة، منوّها إلى أن الفعاليات السياحية تبيعها بسعر تحدده وزارة السياحة وليس من شأن السورية للتجارة هذا الأمر، في حين تبيعها البقاليات بـ4800 ليرة، أي بهامش ربح 400 ليرة سورية.

ولأن الأجواء حارة خلال فصل الصيف، خاصة مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، فإن الطلب على عبوات المياه المعدنية في البقاليات يتزايد بحكم وجود مولدات توليد الكهرباء في البقاليات وبالتالي توفير المياه الباردة، ما يضطر الناس لشراء العبوات بشكل أكبر وبالتالي زيادة الأسعار في الأيام المقبلة بالتزامن مع تقليل المخصصات من قبل الحكومة.

وضمن سياق موازٍ، يعاني عدد من سكان أحياء مدينة حمص من نقص بمياه الشرب، حيث اشتكى سكان من أحياء الأرمن الشرقي والجنوبي والمهاجرين والعباسية والسبيل، ضعف وصول المياه إلى منازلهم على الرغم من تشغيلهم لمضخات المياه عند ضخها باتجاه منازلهم، حيث لا يتمكنون من تعبئة خزاناتهم ما يضطرهم إلى شراء المياه من الصهاريج بأسعار مرتفعة، مشيرين إلى عدم توافق برنامج تقنين الكهرباء مع برنامج تقنين المياه مطالبين مؤسسة مياه حمص بإيجاد حل لهذه المشكلة مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وفق تقارير صحفية محلية قبل أيام.

قد يهمك: الكهرباء غائبة.. استخدام الخوابي في سوريا لتبريد المياه

تقنين مياه الشرب

مطلع شباط/فبراير الماضي، بدأ الحديث في الأروقة الحكومية عن قطاع المياه المدعوم من قبل الدولة السورية، والذي يعتبر من أهم القطاعات المتصلة بحياة المواطن بشكل مباشر، حيث تردد الحديث في وزارة الموارد المائية حول تكلفة كل متر مكعب من مياه الشرب على الاقتصاد الوطني، والتي تكلف الاقتصاد السوري في بعض المناطق حوالي 1400 ليرة سورية، ليتم تقديمها للمواطن بسعر 7 ليرات سورية لكل متر مكعب.

وفي واقع الأمر تعاني معظم المناطق السورية من نقص في مياه الشرب، ما يخالف التصريحات الحكومية حول دعم تكلفة المياه، فهناك تفاوت بين مراكز المدن الرئيسية والتي تصل المياه لبعض أحيائها التي تحوي مقرات حكومية رسمية بشكل جيد، فيما تعاني بقية الأحياء والأرياف من شح كبير.

وحول أسعار المياه، فإن مؤسسة مياه الشرب تقدم الأمتار الخمسة الأولى بشكل مجاني للمواطنين، وفق نظام شرائح تعتمده المؤسسة، وهذه تسمى الشريحة الأولى، ثم بعد ذلك تبدأ الشريحة الثانية بالاستهلاك من 6 – 15 متر مكعب ويبلغ سعر المتر المكعب الواحد فيها 7 ليرات سورية، ثم ينتقل التقدير إلى الشريحة الثالثة والرابعة، والخامسة والتي تبدأ بالاستهلاك من 36 – 50 متر مكعب، حيث يبلغ سعر المتر المكعب فيها 30 ليرة سورية، وهكذا يكون الارتفاع في الأسعار مع نسبة كل شريحة.

العودة إلى أساليب بدائية؟!

في الآونة الأخيرة، تصدر أواني فخارية واجهات عدد كبير من المحلات التجارية في محافظة اللاذقية، مع عودة المواطنين لشراء هذه الأدوات في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، ما جعلها مصدر “تبريد” لمياه الشرب في فصل الصيف الحار.

صحيفة “الوطن” المحلية، نشرت يوم الإثنين الفائت، تقريرا أشارت فيه بأن شراء “خابية” (جرة الفخار) بات ضرورة في هذه الأوقات الصيفية الحارة حتى يستطيع السوريين شرب مياه مقبولة غير ساخنة على الأقل في ظل انقطاع الكهرباء على امتداد المحافظات السورية، واعتبرت إحدى السيدات في اللاذقية أن “العادات البدائية التي نسيها الأجداد تعود إلينا ليتلقاها الأحفاد في عصر يقال إنه عصر الأتمتة والسرعة، يا للمفارقات العجيبة”.

ويرى مواطنون خلال حديثهم للصحيفة المحلية، أن “كوز الفخار” يحفظ برودة الماء لساعات طويلة من دون أي مادة أخرى على عكس البرادات الهوائية والغازية التي تتطلب وجود الكهرباء لتبرد المياه وحفظ الطعام بشكل عام، مشيرين إلى حاجة السوق لهذه المواد بشرط أن تكون أواني فخار أصلية وغير تجارية.

وبحسب عدد من بائعي الأواني الفخارية، فإن استجرار هذه المواد أصبح مطلبا لمعظم المستهلكين، الأمر الذي دفع التجار إلى قبول استيراد هذه المواد من محافظات أخرى بأسعار مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة التي كانت هذه الأواني منسية فيها نوعا، إلا أنها تبقى أوفر من تشغيل المولدات أو البرادات على الطاقة الشمسية.

ويباع “كوز الفخار” وهو عبارة عن مصب ماء يشبه الإبريق وله فتحة جانبية وغطاء فخار في المنتصف، بأسعار تتراوح بين 12-7 ألف ليرة سورية حسب حجمه، والجرة الفخارية من 50-30 ألف ليرة، والكؤوس الفخارية تتراوح بين 6-3 آلاف ليرة، والوعاء الفخار من 35-20 ألف ليرة ويستعمل للطبخ على النار أيضا.

ولا يزال واقع الكهرباء والمياه سيء في عموم سوريا، حيث تصل ساعات تقنين الكهرباء إلى أكثر من 20 ساعة في اليوم خاصة في فصلي الشتاء البارد والصيف الحار، ونتيجة لذلك يلجأ السوريون إلى حلول بديلة لمواصلة حياتهم اليومية.

يشار إلى أن الحكومة السورية قدمت خلال السنوات الماضية عشرات الوعود بتحسين واقع التيار الكهربائي والمياه، إلا أن ما حصل كان العكس ومع تقدم الوقت تزيد ساعات التقنين في سوريا. فيما قدرت وزارة الكهرباء السورية في العام 2021 تكلفة إعادة بناء الإنتاج والنقل في القطاع بـ 2.4 مليار دولار.

قد يهمك: في ظل عجز حكومي.. هل يستطيع السوري “الغلبان” تجاوز مشكلة تأمين المياه؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.