منذ اصطدامها بالرفض الدولي والأميركي، وتهديدات بدءها عملية عسكرية محتملة في الشمال السوري، تسعى تركيا للحصول على بعض الموافقات وحتى إن كانت من روسيا لفسح المجال أمامها للتحرك عسكريا ولو بشكل محدود على الحدود السورية التركية.

اتفاق روسي تركي؟

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار بحث مع نظيره الروسي سيرغي شويغو، الأوضاع في سوريا وأوكرانيا وذلك خلال مكالمة هاتفية جمعت الجانبين الثلاثاء.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان لها إنه “بمبادرة من الجانب التركي، أجرى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو محادثات هاتفية مع وزير الدفاع الوطني التركي خلوصي أكار، وتم التركيز بشكل رئيسي على تبادل الآراء والتقييمات للوضع في أوكرانيا وسوريا“.

وأكد الجانبان بحسب البيان الروسي، على أهمية استمرار التعاون الوثيق في سوريا الموجه للحفاظ على استقرار طويل الأمد في المنطقة.

قد يهمك: “مرتزق” سوري يروي قصة نقله من تركيا للقتال في ليبيا

وحول أوكرانيا جاء في البيان: “”بحث وزراء الدفاع بالتفصيل قضايا سلامة الملاحة في البحر الأسود المرتبطة بحل مشكلة إخراج الحبوب من أراضي أوكرانيا“.

يتعقد الموقف التركي فيما يتعلق بالتهديدات التي أطلقها أردوغان قبل نحو أسبوعين، لا سيما وأن التعاون مع الروس لا يبدو أنه سيأتي ثماره مع رفض كافة الأطراف وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي رفضت بشكل صريح ومعلن أي تحرك عسكري للأتراك شمالي سوريا.

مطالب روسيا

الكاتب والمحلل السياسي حسن النيفي، يرى أن روسيا ربما لن تسعى لرفض عملية عسكرية محدودة لتركيا في بعض مناطق الشمال السوري، إلا أنها تبحث عن مقابل، من أجل عدم رفض هذه التحركات.

ويضيف النيفي في حديثه لـ“الحل نت“: “ربما تجسّد هذا المقابل بموافقة تركيا على فتح مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية باتجاه سوريا، وكذلك ضمان موقف تركيا الرافض لانضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو، وذلك استباقا للمؤتمر الذي سيعقده الناتو في مدريد أواخر الشهر الحالي“.

وحول المباحثات التي جمعت وزيري دفاع البلدين يعلق النيفي بالقول: “فيما يخص تداعيات الحرب في أوكرانيا، فمن البديهي الذهاب إلى أن التفاهمات التركية الروسية على الحيّز الجغرافي السوري لا تعني فقط الاكتفاء بالقضايا السورية، بل إن هذه التفاهمات مرهونة بتفاهمات أخرى حول مصالح مشتركة بين الطرفين خارج حدود سوريا“.

وتسعى أنقرة عبر اللجوء إلى استمالة روسيا، إلى الضغط على الأوربيين والأميركيين، من أجل الاستيلاء على المزيد من الجغرافيا السورية شمالا، وذلك بحجة إقامة “المنطقة الآمنة” التركية.

تهديدات جديدة

رغم الرفض الدولي، عاود الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان قبل أيام، بتجديد تهديداته بشن عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، بحجة إنشاء “منطقة آمنة” على عمق 30 كيلومترا، وبالتالي إبعاد “وحدات حماية الشعب” المكون الأكبر لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” عن حدوده والتي تشكل خطرا –بحسب أنقرة- على الأمن القومي التركي.

لكن أردوغان غيّر لهجته فيما يخص المناطق المشمولة في العملية المحتملة، حيث حدد بوضوح أمام البرلمان أن العملية العسكرية لن تشمل شرق الفرات، بل غرب النهر فقط، وتحديدا في منبج وتل رفعت.

أميركا والدور الحاسم

وبالتزامن مع هذه التصريحات، وسعت أميركا انتشار قواتها ودورياتها وسيرت طائرات شرق الفرات، لتأكيد حماية حلفائها وردع الجيش التركي. كما أعلنت واشنطن وأبلغت أنقرة عبر مندوبتها إلى الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد رفضها أي هجمات عسكرية، معتبرة أن ذلك سيضر بالاستقرار الإقليمي.

وبناء على ما سبق فإنه من الواضح أن ما يجري في الشمال السوري فصل جديد، لن تكون العملية التركية حال حدوثها سوى جزء بسيط من إعادة ترتيب المشهد السوري بشكل كامل، يكون للولايات المتحدة الكلمة الفصل في تحديد مصير هذا الملف، خاصة بعد تدهور العلاقات مع روسيا إثر غزو الأخيرة لأوكرانيا.

المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، ساميويل وربيرغ، كان قد قال في مقابلة صحفية خاصة مع موقع “الحل نت” إن واشنطن تدين أي تصعيد وتدعم الإبقاء على خطوط وقف إطلاق النار الحالية في سوريا، مبديا القلق الشديد للولايات المتحدة بشأن التقارير حول زيادة النشاط العسكري المحتمل في شمال سوريا، لما في ذلك من تأثير على المدنيين السوريين.

اقرأ أيضا: صمت روسي أمام “المنطقة الآمنة” التركية في سوريا.. ما الأسباب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.