خلال السنوات السابقة تهالكت منظومة الإطفاء في سوريا إلى جانب سرقة  الكثير من سياراتها ومعداتها وضعف الدعم الحكومي لها، أجبر دمشق بالتراجع عن رفضها لتوريد سيارات الإطفاء، لا سيما أيضا بعد أن حظي القطاع الصحي بحصة كبيرة من الدمار، إذ بلغت خسائره 12 مليار دولار.

سيارات إطفاء مستعملة

بعد الحرائق التي أصابت الغابات والمدن في سوريا، اتهم العديد من المواطنين مؤسسات الحكومة، بإهمال تأهيل خدمة الإطفاء لحمايتهم، لا سيما وأن القطاع في كافة المناطق يعاني بسبب قلة سيارات الإطفاء، وندرة الوقود المخصص لها.

بعد سنتين من تقديم المشروع، وافق رئيس الوزراء السوري، حسين عرنوس، اليوم الخميس، على توصية اللجنة الاقتصادية التي تضمنت دعم مقترح وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وغرفة صناعة حمص، بالسماح للمنشآت الصناعية باستيراد سيارات الإطفاء، الجديدة منها أو المستعملة، باستثناء “المشاريع المقامة على قانون الاستثمار”.

ونصت التوصية على ضرورة استخدام السيارات المسموح باستيرادها بالتنسيق مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة، ووضعها ضمن منظومة إطفاء الحرائق بالمحافظة في حالة حدوث طارئ، على ألا يجب أن تتجاوز سنة صنعها 5 سنوات عدا سنة الصنع.

وبحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، قرر مجلس الوزراء السوري بتاريخ 25 مايو/أيار الفائت، السماح باستيراد مكونات السيارات لشركات تجميع السيارات ذات الصالات الثلاث مرة أخرى، ويأتي القرار بعد أن منعت حكومة دمشق، منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2019، استيراد أي قطع سيارات تستخدم في تجميع السيارات من قبل شركات متخصصة في هذه الصناعة.

ونتيجة لهذا القرار، انقسمت الآراء بين تجار السيارات حول تأثير القرار على السوق، فهناك نسبة كبيرة ترى أن السوق مصاب بالشلل حاليا ولا يوجد أي انخفاض بسعر بيع أو شراء السيارات، موضحين أنه لا يوجد شيء رخيص، وبالنسبة لقطع السيارات سيتم الاستيراد بسعر مرتفع وهذا سيساهم بتوقيف السوق وموته بشكل أكبر وسينعكس سلبيا على تجار السيارات.

وآخرون تساءلوا حول تأثير القرار على نسبة انخفاض سعر السـيارات سواء شراء أو بيع حيث أن هذا الأمر يتعلق بشكل مباشر بالرسوم والضرائب الجمركية التي ستفرض على القطع المستوردة وهذا ما ينتظرون معرفته خلال الأيام القادمة.

رفض غير مبرر

في تشرين الأول/أكتوبر 2020، رفضت الحكومة السورية طلبا تقدم به الصناعيون في مدينة حمص، لاستيراد آلاف سيارات الإسعاف والإطفاء وربطها بأنظمة الإسعاف والإطفاء التابعة للحكومة، حسبما نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن عضو مجلس الشعب السوري.

وكشف وائل ملحم حينها، أن أعضاء غرفة صناعة حمص قدموا مذكرة خطية إلى رئيس مجلس الوزراء، يطالبون فيها بالسماح لكل صاحب منشأة صناعية باستيراد سيارة إطفاء وسيارة إسعاف من دون أي رسوم وضرائب جمركية، وذلك لربط هذه السيارات بأنظمة الإسعاف والإطفاء السورية.

وبحسب الممثل عن مدينة حمص، فإن المحافظة تضم حوالي 5000 منشأة صناعية، وحسب استعدادها المعلن الذي أدرجته في طلبها إلى الحكومة، يمكنها أن توفر ما لا يقل عن 5000 عربة إطفاء وإسعاف، وهو ما يكفي لتزويد نظام الطوارئ الوطني بما يحتاجه لمواجهة أي كارثة.

وأكد ملحم آنذاك، أن هذا الإجراء سيوفر على الحكومة السورية تكاليف استيراد مثل هذه السيارات، بالإضافة إلى رسوم الصيانة، وأن هذه السيارات ستكون جاهزة للتدخل في الحالات الطارئة، مبديا استغرابه من عدم اهتمام الحكومة السورية بهذا الطلب، حيث لم تستجب له بعد.

منظومة ضعيفة وتعويضات مخجلة

بالنسبة لقطاع مكافحة الحرائق والإنقاذ، تنشئ البلدان عادة منظومة متخصصة، وقد يكون نظام إطفاء الحرائق في دولة ما مركزيا بينما يكون في دولة أخرى محليا، وقد يكون ذا طبيعة عسكرية أو مدنية أو شبه عسكرية، وغالبية منظومة مكافحة الحرائق لا مركزية، وتقع مسؤولية إنشاء لواء خاص لمكافحة الحرائق على عاتق حكومة كل محافظة وبلدية.

وينقسم رجال الإطفاء السوريون إلى وحدات، أصغرها “زمرة الإطفاء”، ثم الفئة التي تضم العديد من المجموعات ثم السرية التي تضم عددا كبيرا من المجموعات، وأخيرا الفوج الذي يتكون من ثلاث سرايا، وهو تنظيم مدني شبه عسكري، وتتوزع هذه المجموعات على مراكز الإطفاء في المدينة.

وتحتوي كل محافظة في سوريا على فوج إطفاء، بعدد من الأشخاص والمعدات بحسب حجم المحافظة وكثافتها السكانية، وجمعيها مرتبط بوزارة الإدارة المحلية، ونظرا لغياب التقنيات الحالية فإن بيئة العمل بالنسبة لرجال الإطفاء تبدو مليئة بالمخاطر العديدة، خاصة في ظل ظروف الحرائق التي تجتاح البلاد، ومع عدم الاهتمام بالرواتب والضغط الوظيفي ونقص الأيدي العاملة.

وفي هذا الصدد، أكد مدير إدارة الحرائق والكوارث في وزارة الإدارة المحلية، سعود الرميلة، في تصريحات سابقة، أن سوريا تضم 14 فوجا لمكافحة الحرائق في مراكز المحافظات، و56 وحدة إطفاء، و434 مركبة، منها 300 مركبة جاهزة، وأن هناك خطة مستقبلية لتطوير عمل النظام دون توضيح الفكرة.

وقال الرميلة، “يمتلك الفوج الواحد نحو 25 سيارة، من بينها سيارات مختلطة وصهاريج ومركبات إنقاذ، وهناك سيارات سلالم تصل إلى الطابق العاشر، وهناك نحو 1900 رجل إطفاء في سوريا”.

من جهته، اعتبر وزير الشؤون العمالية في الاتحاد العام لنقابات العمال، حيدر حسن، أن نظام إطفاء الحرائق في سوريا يعاني من نقص في رجال الإطفاء والسائقين، مشيرا إلى الحاجة الماسة إليهم في ظل الزيادة الأخيرة في الحرائق في محافظة دمشق، أو في حال طلب مساعدات من محافظات أخرى.

وتعزى هذه الندرة، وفقا لحيدر، إلى استدعاء العديد من وحدات الإطفاء للخدمة الاحتياطية، فضلا عن قلة فرص العمل في الميدان، في حين أن الحرائق التي أصابت البلاد خلال العامين الفائتين لم تشهدها منذ عقود، واضطرارهم إلى استخدام سيارات الإطفاء من عدة محافظات، بسبب نقص التجهيز الذي كان يقف عائقا في عملهم، إضافة إلى مشكلة سوء حالة الطرق التي تصعب مهمة السيارات الحالية للوصول إلى أماكن الحرائق.

ويتقاضى رجال الإطفاء والدفاع المدني 90 ألف ليرة شهريا أو أقل من 3 آلاف ليرات يوميا بسبب طبيعة عملهم، ورغم أن الفوج يعمل على مدار الساعة، إلا أنها لا يحصل على حصة يومية من الغذاء بحسب حيدر، مشيرا إلى أن جميع طلبات العمال قدمت إلى وزارة الإدارة المحلية في رسائل رسمية عبر الاتحاد العام لنقابات العمال.

الجدير ذكره، أن نظام الدفاع المدني ومكافحة الحرائق في سوريا يتطلب إجراء تغييرات على إطاره القانوني والتنظيمي، فضلا عن الكوادر والتكنولوجيات والمعدات الحديثة، من أجل التعامل مع الحرائق الواسعة النطاق مثل تلك التي وقعت مؤخرا على الساحل السوري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.