على الرغم من أن العالم يتقدم ويتطور عاما بعد عام، إلا أن الحياة في سوريا تتراجع يوما بعد يوم، فالتناقض المعيشي الذي يعيشه السوريون بات أمرا مرهقا ولا يستوعبه العقل. حتى وصل الأمر إلى أن تكلفة قطع غيار السيارات ارتفعت بشكل غير مسبوق خلال الفترة الماضية، والمثير للدهشة أن تكلفة قطع غيار السيارات القديمة والمتهالكة أصلا قد ارتفعت إلى أكثر من 500 بالمئة، وهو ما يعد مخالفا لمعايير السوق بشكل عام.

سيارات قديمة وأسعار “كاوية”


صحيفة “تشرين” المحلية، نشرت تقريرا اليوم الأحد، أشارت من خلاله إلى أن شوارع دمشق وريفها ما زالت تشهد وجود سيارات يعود بعضها لمرحلة أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، بينما تعد سيارات حقبة الألفين والتي تجاوز عمرها 17 عاما هي الأحدث.

وأضافت الصحيفة المحلية، أن “السيارات التي تعود لعام 1975 لا تقل قيمتها حاليا عن 15 مليون ليرة سورية أي ما يقارب4 آلاف دولار، رغم أنها متوقفة ولا يوجد لها قطع غيار، وكل مهمتها بيع مخصصاتها من البنزين غالبا”.

من جانبه، أمين صندوق جمعية صيانة السيارات بدمشق محمد خادم الجامع، وصف هذا النوع من السيارات بأنها تعامل “وكأنها عروس رغم اهترائها” وقال إن زبائنها من الفقراء عموما، وفق التقرير المحلي.

على جانب آخر، رئيس جمعية صيانة السيارات بدمشق يوسف جزائرلي قدر للصحيفة المحلية نسبة السيارات القديمة التي ما زالت موجودة في شوارع دمشق والتي بلغت بنحو 10 بالمئة.

ولفت جزائرلي إلى أن هناك سيارات تعود لعام 1947، وأخرى لعام 1953، و1975، وهذه الأخيرة لا تقل قيمتها عن 15 مليون ليرة، رغم أن أكثرها متوقف ولا يوجد لها قطع غيار، وأن سعر سيارة “المازدا” التي تعود لعام 1983 تقدر بحدود الـ 22 مليون ليرة، وسيارة من نوع “الكولف” مثلا لعام 83 أيضا كان سعرها 60 مليون ليرة، الآن ما زال سعرها بحدود الـ 22 مليون ليرة.

وعن أسباب ارتفاع السيارات المستعملة، تختلف بحسب وجهة نظر أصحاب مكاتب السيارات، وخبراء الاقتصاد، حيث يرى قسم من تجار السيارات في سوريا، أن أسباب ارتفاع أسعار السيارات لا تزال مجهولة وغريبة بالنسبة لهم، وخاصة أن كل المعطيات تستدعي انخفاض الأسعار، فمثلا ارتفاع سعر البنزين يجب أن يؤدي إلى زيادة مصروف السيارة وبالتالي انخفاض سعرها، ولكن ما يحدث اليوم أنه حتى لو انقطع البنزين وتوقّفت كل السيارات عن العمل فإن الأسعار ستستمر في الارتفاع، بحسب تقرير نشرته صحيفة “الوطن” المحلية، مؤخرا.

هؤلاء التجار، يرون أن ارتفاع الأسعار المبالغ به أدى إلى جمودٍ كبير في حركة الأسواق واستحالة الشراء من فئة كبيرة من المواطنين، فمثلا يصل سعر سيارة “كيا ريو” الأكثر شهرة في الشوارع، إلى أسعار خيالية تقدر بـ 75 مليون ليرة، وسط فوضى في التسعير من دون وجود ضوابط في السوق، مشيرين إلى أملهم بأن يكون قرار السماح باستيراد مكونات السيارات سببا في انخفاض الأسعار خلال الفترة المقبلة.

قد يهمك: فوضى في أسعار السيارات بسوريا.. أقل عطل بـ300 ألف

موديلات قديمة في الأسواق

وضمن السياق ذاته، أوضح جزائرلي للصحيفة المحلية، أن أكثر السيارات الموجودة في الأسواق تعود لأعوام 2005 و 2006، وأن قرار وقف استيراد السيارات حال دون تنسيق السيارات القديمة التي تحولت إلى عبء على الاقتصاد.

وأضاف أن “تنسيق السيارات القديمة يكلف الاقتصاد الكثير من الأموال بسبب ارتفاع تكاليف إصلاحها واستهلاكها الكبير للوقود”.

وبحسب التقرير المحلي، يعاني كل أصحاب الآليات من ارتفاع تكاليف أي عملية إصلاح مهما كانت صغيرة, وقد أكد جزائرلي أن قطع غيار السيارات ارتفعت بنسبة كبيرة تجاوزت 500 بالمئة.

هناك فرق كبير في أنواع القطع المتوافرة حاليا عن سابقاتها، حيث أشار جزائرلي إلى أن “قطع الغيار الكورية كانت تملأ الأسواق المحلية، في حين أن قطع الغيار المتوفرة حاليا صينية المنشأ ومن نوعيات أقل جودة”.

في حين بيّن صاحب محل قطع غيار محمد البندقجي للصحيفة المحلية، أن تأمين قطع الغيار أصبح مكلفا جدا، وأن شروط الاستيراد صعبة، إذ إن القيام بأي معاملة استيراد يتطلب تجميد 40 بالمئة من قيمة الصفقة لمدة 6 أشهر في البنوك، لذا يتهرب أغلب التجار من الاستيراد بأسمائهم.

ونوّهت الصحيفة المحلية في تقريرها، إلى أن تكلفة كيلو قطع الغيار المشحون ارتفعت من 40 سنتا إلى 3 دولارات ونصف الدولار، وأن أغلب المستوردات أصبحت من مصر بعدما كانت مصانع حلب تصنع الكثير من قطع الغيار.

ارتفاعات كبيرة

وحول الظاهرة الأغرب في البلاد، وهي شراء دواليب مستعملة قال جزائرلي إن هذا يحصل والسبب يعود للارتفاع الكبير في أسعارها، حيث ارتفع سعر طقم العجلات من 8 آلاف ليرة إلى 900 ألف ليرة. وقد تسبب استخدام العجلات المستعملة بالكثير من الحوادث والضحايا.

من جانبه، أشار رئيس جمعية صيانة السيارات في ريف دمشق بشير موسى أثناء حديثه للصحيفة المحلية، إلى مشكلة نقص الأماكن المخصصة لصيانة السيارات في الريف كما الحال في دوما وحرستا، بعدما خسر الكثير من أصحاب هذه الحرفة محلاتهم خلال السنوات الماضية.

وبحسب موسى، فإن عدد الحرفيين المسجلين في جمعية الريف يصل إلى 2350 حرفيا بينما عدد العاملين في هذه الحرفة لا يقل عن 100 ألف حرفي في الريف.

وبالنسبة إلى المسجلون في جمعية دمشق فلا يتجاوز أيضا 3415 حرفيا، ويتجاوز عدد العاملين في الحرفة 100 ألف حرفي أيضا، حسب تقديرات جزائرلي.

ووفق جمعية صيانة السيارات في ريف دمشق أن سوريا خسرت أكثر من 50 بالمئة من خبراتها في حرفة تصليح السيارات، وعن تفاوت أسعار التصليح بين محل وآخر قال موسى: لا توجد تسعيرة محددة، وفي كل شهر تصلهم شكاوى تحال للقضاء إذا لم تحل وديا، على حد وصفه للصحيفة المحلية.

وفي وقت سابق، أشار جزائرلي لصحيفة “الوطن” المحلية، إلى أن عودة السماح باستيراد مكونات صناعة السيارات قرار جيد ينعكس إيجابا على تنشيط وتحديث سوق السيارات وتصنيعها، كما يرفد السوق بقطع مستعملة أو جديدة من أبواب ومقدمات ومحركات وقطع الغيار والإطارات خاصة بعد شح كبير في هذه القطع خلال السنوات السابقة.

وبيّن أنه يفضل عودة استيراد وإدخال سيارات جديدة للسيطرة على حركة البيع والشراء، لأن سوق السيارات حاليا غير منطقي وفيه فوضى وبحاجة لتنظيم، فليس من المعقول أن تكون سيارة من موديل 75 بسعر 10 ملايين ليرة، وسيارة من موديل 85 بسعر 22 مليون ليرة، إضافة لإحداث تجديد في السوق حيث ما زالت هناك سيارات قديمة موديل الستينيات والسبعينيات لم يعد لها قطع غيار.

وبحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فقد قرر مجلس الوزراء السوري بتاريخ 25 مايو/أيار الفائت، السماح باستيراد مكونات السيارات لشركات تجميع السيارات ذات الصالات الثلاث مرة أخرى، ويأتي القرار بعد أن منعت حكومة دمشق، منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2019، استيراد أي قطع سيارات تستخدم في تجميع السيارات من قبل شركات متخصصة في هذه الصناعة.

قد يهمك: ارتفاع خيالي لأسعار السيارات المستعملة في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.