إلى الواجهة، تعود قضية الإعلامية السورية المثيرة للجدل، غالية الطبّاع، التي دعت سابقا إلى قصف الأطفال في شمال شرق سوريا بالكيماوي، واضطرت بعد موجة الغضب الذي ضجّت بها مواقع التواصل الاجتماعي حول ما كتبته لحذفه، ولكن عودة قضيتها هذه المرة من بوابة الفساد التي ما فتئت سابقا بانتقاده.

احتيال ونصب

في ادعاء جديد، اتهمت صفحة “جيفارا طرطوس”، الإعلامية السورية، غالية الطبّاع، بتشكيل عصابة مع أحد المذيعين، للنصب والاحتيال على المواطنين، مدعيين بعلاقتهما القوية مع ضباط ومسؤولين وقدرتهما على التوظيف، بوزارة الإعلام مقابل عشرات الملايين.

وذكرت الصفحة، التي لم يتسن لـ”الحل نت”، التأكد من ادعاءاتها، أن الطبّاع المفصولة نهائيا من كلية الإعلام بتهمه التزوير، تدّعي أنها خريجة, وتم تعيينها كمذيعه بإحدى المحطات الإذاعية، وذلك مخالفا للقوانين والشروط التي تنص على ضرورة أن يكون المذيع حاملاً شهادة جامعية، وليس مطرودا أو مفصولا بتهمة التزوير.

وتابعت الصفحة، “ما لفت الانتباه هو اسم مذيع يقدم برنامج خدمي ورد اسمه كثيراً بالمحادثات والتسجيلات التي وصلتنا، وتحفّظنا على ذكر اسمه للتأكد من الادعاءات المذكورة بأن هذه المبالغ والهدايا له، ولا نعلم إن كان يعلم ذلك وبموافقته أم ادعاء من هذه (النصابة) للتمويه، وإبعاد الشبهات عنها”.

التحريض على القصف بالكيماوي

في كانون الثاني/يناير 2021، ما دعت له مقدمة البرامج في إذاعة “المدينة إف إم” المحلية، غالية الطبّاع، بشن هجمات على مناطق شمال شرق سوريا بالسلاح الكيماوي، كشفت مدى الشرخ الذي أصاب المجتمع السوري الذي يوصف (ولو كذبا) بالفسيفساء، نسبةً إلى القوميات والأديان المتعايشة مع بعضها بسلام.

كتبت “الطباع” في صفحتها الشخصية على فيسبوك: “أخ لو كنت وزيرة دفاع لأسلخ قسد وأطفالن أحلى كيماوي يخدم شواربن وأشعلن مشان نتدفى سمعة طالعة وطالعة، عقوبات موجودة موجودة”.

ولم تذكر مقدمة البرامج في الإذاعة السوريّة أسباب تلك التهديدات التي أطلقتها، إلا أن منشورها  الذي وُصف بـالعنصري لاقى غضبا كبيرا بين السوريين.

يذكر أنه بعد موجة الغضب التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي حول ما كتبته الطّباع، حذفت الأخيرة منشورها من صفحتها في “فيسبوك”.

الفساد الإداري في سوريا

لعل غياب المسؤولية السلوكية والشرعية القضائية من أهم الأسباب الأساسية لتصاعد الفساد الإداري في معظم الدول وخاصة في سوريا، التي تتميز بنظام إداري لا يخضع للمساءلة أو حتى النقد، كما أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية في الفترة الأخيرة، ساهمت في أن يصبح الفساد ثقافة سائدة حتى في أغلب الدوائر.

وبحسب الباحث الاجتماعي، سليمان الخطاط، فقد يكون هذا الشرح نتيجة لا مفر منها للتفسير السابق، فالدولة التي لا تحمل كبار مسؤوليها المسؤولية، كما هو الحال في سوريا، فهي غير قادرة على محاسبة المسؤولين الأقل منهم على نحو فعال وصادق.

وأوضح الخطاط، لـ”الحل نت”، أنه عادة ما تكون حملات مكافحة الفساد عبارة عن حملات انتقائية تقوم بها السلطة السياسية بين الحين والآخر عندما يصل الفساد إلى مستوى لا يمكن تحمله، أو تقوم بتلميع هذه السلطة وإظهارها عفيفة ونقية من أجل تبرئتها من الفساد الذي فاق كل المعدلات العالمية، خصوصا أن المنظمات الدولية كانت تدرج سوريا قبل عام 2011 في المراتب الأولى للفساد الإداري على مستوى العالم.

وبيّن الخطاط، أنه في بعض الأحيان، وبدلا من معاقبة العاملين غير النزيهيين، يعاقب المدراء الفاسدون الموظفين المحترمين المجتهدين بعقوبات سلوكية تأديبية، لأنهم يشكلون تهديدا لهم، ويكشفون عن أفعالهم الخاطئة، بل ويخلصون إلى إنشاء حالات الفساد التي يتمتعون بها.

وكشف الخطاط، أن الفساد الإداري في سوريا وصل إلى مستويات غير مقبولة حيث قيّد أيدي العناصر النظيفة في الإدارة وشل الإبداع، وقتل روح العمل والإصلاح لدى تلك العناصر، ودفعها إلى اللامبالاة والسلبية، وتركت هذه العناصر أمام خيارين: فإما الصمت أو الاستقالة، وفي مواجهة الخوف من خسارة الوظيفة بسبب الافتقار إلى فرص العمل فإن الكوادر النظيفة قد تتحول إلى كوادر فاسدة.

وكانت إحصائيات قضائية نشرت عام 2015، قد كشفت أن دعاوى الاختلاس المنظورة أمام المحاكم الجنائية في سوريا، بلغت 500 دعوى، منها 200 في دمشق وريفها، و100 في حلب، وطبعاً هذا الرقم هو أقل بكثير من الرقم الحقيقي لواقعات الاختلاس، إنما هو فقط لمن حوّلت جرائمهم إلى القضاء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.