في ظل الحديث المتداول عن أزمة الغذاء في سوريا، وسط فشل حكومة دمشق في إدارة الأزمات، إذ بدلا من أن تجد الجهات المعنية حلولا لهذه الأزمة، التي بدأت تلوح في الأفق تدريجيا، هناك مصادر ذات صلة بتلك الجهات، أفادت لوسائل الإعلام المحلية، بأن وزارة التجارة الداخلية السورية تستعد لاتخاذ قرارات جديدة تتعلق بتموين الخبز، ومن المتوقع أن تقضي هذه القرارات، إما بتخفيض وزن الربطة الواحدة أو تقليل الكميات المخصصة للعائلات عبر البطاقة الإلكترونية، أو يتم زيادة سعر الربطة، وبالتالي سيواجه السوريون أزمة خبز جديدة خلال الفترة المقبلة.

كل السيناريوهات متوقعة

مصادر ذات صلة صرحت لصحيفة “البعث” المحلية، يوم أمس الثلاثاء، أن وزارة التجارة الداخلية السورية تستعد لاتخاذ قرارات جديدة تتعلق بمادة الخبز التمويني، في ظل شح مادة القمح عالميا، ومن المتوقع أن تقضي هذه القرارات بتخفيض وزن الربطة من 1100 غرام إلى 1000، أو تصحيح الكميات المخصصة للعائلات عبر البطاقة الإلكترونية وفقا لعدد أفراد الأسرة، بينما يبقى الخيار الثالث الأقل حظا، وهو زيادة سعر الربطة من 200 إلى 300 ليرة سورية، والذي يمكن تطبيقه بالتوازي مع أحد الإجراءين الآخرين.

كذلك، كشفت المصادر ذاتها، عن أن الوزارة بدأت باتخاذ إجراءات فعلية لتوفير وضبط استهلاك الدقيق التمويني، من خلال إيقاف تزويد المحافظات بمخصصات إضافية، وإبلاغ المحافظات بضرورة الالتزام بمخصصاتها من دون طلب زيادة، فيما عدا التوجه لتخفيض مخصصات المادة بنسبة 10 بالمئة، كما أعلنت الوزارة مؤخرا، عن منع الأفران من التصرف بالنسبة المسموح بها للبيع خارج البطاقة ،والتي تقدر بنحو 3 بالمئة، وإلزامها بتخريج كامل الكمية عبر أجهزة نقاط البيع.

ووفقا للتقرير المحلي، فإن السيناريو الأكثر حظا للتطبيق، هو تخفيض وزن ربطة الخبز إلى 1000 غرام، حيث تمكّن هذه النسبة من توفير نحو 400 طن دقيق يوميا، بالتوازي مع مقترح لرفع سعر ربطة الخبز إلى 300 ليرة سورية، بحيث تتمكن الجهات المعنية من سد العجز بنسب بسيطة.

تبريرات هذه القرارات المرتقبة

ضمن سياق أسباب هذه القرارات المرتقبة من قبل دمشق، أكدت المصادر ذاتها للصحيفة المحلية، أن التغيير المناخي وانخفاض إنتاج الغذاء العالمي، وارتفاع أسعار المنتجات الغذائية وكلفة النقل، فيما عدا مخاوف انقطاع الإمدادات، جميعها عوامل تدفع لاتخاذ إجراءات تثبت الأمن الغذائي، وتضمن توافر المادة في أصعب الظروف، خاصة وأن مادة الخبز أساسية في النظام الغذائي للأُسر السورية.

كما ونوّهت المصادر إلى وجود دراسة جديدة، أو إعادة توزيع لمخصصات الشرائح عبر البطاقة الإلكترونية، وتخفيض مخصصات الأفراد، ومن المتوقع أن يتم تخفيض حصة البطاقة لشريحة الشخص الواحد من 4 ربطات أسبوعيا إلى 3 ربطات أسبوعيا، وشريحة الشخصين من 6 ربطات إلى 5 ربطات أسبوعيا، بحيث تكون حصة الفرد نحو 392 غرام فقط.

أما بالنسبة للبطاقات التي يصل عدد الأفراد فيها إلى 14 شخصا، فسيتم تخفيض مخصصاتها من 36 ربطة إلى 32 ربطة أسبوعيا.

قد يهمك: “لا يصلح للاستهلاك البشري”.. رداءة الخبز تثير استياء سكان مدينة دير الزور

سرقة خبز المواطنين

في سياق موازٍ، بيّن مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في محافظة اللاذقية أحمد زاهر في وقت سابق لوسائل الإعلام المحلية، أنه تم تنظيم ضبط تمويني بحق مخبز بريف جبلة لمخالفة نقص وزن ربط الخبز المعدة للبيع للمواطنين، وتم تغريم صاحب المخبز بمبلغ 650 ألف ليرة سورية، بالإضافة لتنظيم ستة ضبوط تموينية بمخالفة الاتجار بمادة الخبز التمويني من دون استخدام البطاقة الذكية، وبلغت قيمة الغرامات 2.921 مليون ليرة.

وبحسب موقع “أثر برس” المحلي، الذي أشار في وقت سابق إلى حجم المخالفات التموينية الجسيمة في قطاعي المحروقات والمخابز خلال أسبوعين فقط، إلى حجم المخالفات المالية الكبيرة والتي تضمنتها ضبوط وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وذلك ضمن سلسلة حلقات الفساد التي تمتهن السرقة والغش، واستغلال الأزمات للمنفعة المادية على حساب المواطن.

حيث كشفت الأرقام الرسمية الأخيرة الصادرة عن إعلام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، القيمة المالية للمخالفات “الجسيمة” والتي سُجّلت على محطات الوقود والأفران فقط، والبالغة بما يزيد عن861 مليون ليرة سورية.

ويشتكي الكثير من المواطنين السوريين من المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، من وجود ازدحام كبير على الأفران، وعدم كفاية مخصصات الخبز، إضافة إلى سوء نوعية الخبز المباع عبر المعتمدين.

وقد حاولت الحكومة حل الازدحام على الأفران في مطلع العام الحالي من خلال توزيع الخبز عبر معتمدين، وخاصة في دمشق، ولكن لم يتجاوز عدد هؤلاء المعتمدين 365 شخص، وهو عدد غير كاف لتغطية دمشق، إذ تحتاج إلى الوصول إلى 1500 معتمد توزيع خبز على الأقل، حسب متابعة “الحل نت“.

ويرى الخبير الاقتصادي أحمد قلعجي، في حديث سابق مع “الحل نت”، أن المشكلة الرئيسية، لا تنحصر فقط بوزارة التجارة الداخلية والوزير، وإنما بسياسة الدولة كافة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية بكافة وزاراتها ومؤسساتها.

تاليا، إذا نفّذت دمشق السيناريوهات الثلاثة المتداولة حاليا، فستزداد حالات الفساد، وستتشكل أزمة خبز جديدة في البلاد، بالإضافة إلى انتعاش السوق السوداء للخبز، مما سيفاقم معاناة المواطنين أكثر فأكثر.

مُحسّنات تضاف لرغيف الخبز

مديرة التخطيط والتعاون الدولي في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية روزالي سعدو، أكدت أن الوزارة تستعد لتنفيذ خطة تحسين منتج الخبز، حيث سيتم إدخال مغذيات دقيقة ترفع القيمة الغذائية وتحسين الواقع الغذائي، المبني على أسس ركيزة، لرغيف الخبز الذي يشكل العنصر الأساسي على المائدة السورية.

وأشارت سعدو في تصريحات نقلتها صحيفة “البعث” المحلية الاثنين الماضي، أن: “الخطة سيتم تنفيذها بعد إنجاز كافة الدراسات الضرورية، وذلك بالتعاون مع الشركاء في الجهات الحكومية، والمنظمات الدولية، والإنسانية التي أدرجت مشروع المغذيات الدقيقة ضمن خطتها الاستراتيجية للعام الجاري“.

وبحسب سعدو فإن تكلفة هذا المشروع تصل إلى المليارات، بهدف تحسين سوية الغذاء، وتعزيز الصحة الجسدية، والذهنية للمواطنين في إطار المعايير العالمية، حسب قولها.

وتشهد البلاد منذ أشهر أزمة في توزيع مادة الخبز، في مؤشر يرسم واقعا معيشيا قاتما، مع ارتفاع صعوبة الحصول على الرغيف في سوريا، في حين يتخوف الأهالي من هذه الخطط، التي قد تكون مؤشرا، أو تمهيدا لرفع أسعار الخبز خلال الفترة القادمة.

وبحسب تقارير سابقة لـ“الحل نت” فإن: “ربطة الخبز المكونة من 12 رغيفا، تُباع على بعد أمتار قليلة من المخابز بأربعة آلاف ليرة، أي عشرة أضعاف سعرها المدعوم، وبكثير من الأريحية، وعلى عينك يا تاجر“.

في هذه الظروف الحرجة، وكما هو الحال في بلدان أخرى في المنطقة، تختبئ بوادر الصراع على الغذاء وراء مخاوف من “مجاعة” تهدد ملايين السوريين، مع تحول سوريا إلى دولة مستوردة بعد أن كانت مصدرة ولا سيما للقمح خلال السنوات الماضية.

قد يهمك: مُحسنات تضاف لرغيف الخبز السوري.. هل ترتفع أسعاره؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.