لابد لزائر مدينة دمشق، أن يمر ولو لمرة واحدة على تمثال فروسية صلاح الدين الأيوبي، الذي يقف أمام قلعة دمشق التاريخية، وهو عبارة عن نصب تذكاري برونزي ضخم، صُمم بمناسبة ذكرى وفاة صلاح الدين الأيوبي الـ 800، لكن قليل من يعرف مصمّمه الذي فارق الحياة، أمس الجمعة.

رحيل نحات تمثال صلاح الدين

توفي الفنان التشكيلي السوري عبد الله السيد، في دمشق، أمس الجمعة عن 81 عاما، فعلى يده صُنع تمثال صلاح الدين، والذي يعكس صورة هذا القائد بعد انتصاره في معركة حطين،  بحسب ما أفاد مصدر في عائلته.

وقال ابن شقيقته وديع عطفه، عبر الهاتف لوكالة “فرانس برس”، “توفي خالي صباح الجمعة وفاة طبيعية في منزله بدمشق”.

وينحدر السيد المولود في عام 1941، من مدينة مصياف، وانضم عام 1965 إلى كلية الآداب، قسم الفلسفة والدراسات الاجتماعية في جامعة دمشق، وتخرج من كلية الفنون الجميلة في دمشق، قسم النحت في عام 1971.

حصل عبد الله السيد، على دبلوم الدراسات المعمقة بعلم الجمال بالعاصمة الفرنسية باريس عام 1977. ثم حاز على دبلوم عالي (معادل للدكتوراه) في النحت النصبي من “المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة” في نفس المدينة في عام 1980.

أشهر أعمال عبد الله السيد

خلال حياته، عمل السيد أكاديميا في كلية الفنون الجميلة، ورئيساً لقسم النحت، وباحثاً في الفنون السورية، وأستاذا لعلم الجمال والنقد للدراسات العليا، عضواً في لجان التحكيم والإشراف على المهرجانات الفنية والنصب التذكارية.

وقلد السيد منصب عضو في المجلس التنفيذي لنقابة الفنون الجميلة، ورئيس تحرير لمجلة “الحياة” التشكيلية، وعضوا في لجنة الفنون في المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية.

وخلال مسيرته، نفّذ الفنان التشكيلي، عبد الله السيد، الكثير من النصب التذكارية والتماثيل في العديد من المدن السورية، أشهرها نصب صلاح الدين الأيوبي في مدينة دمشق 1992، ونصب الشهداء بدرعا 1990، ونصب “العيد الفضي” بدرعا 1995.

كما نفّذ السيد نصب، سفينة نوح الدمشقي في مدينة دالاس في الولايات المتحدة الأميركية عام 2001، وله العديد من الأبحاث المنشورة في الدوريات الفكرية، والفنية عن الفن التشكيلي السوري وعلم الجمال وتاريخ الفن.

نبذة عن الفن الحديث في سوريا

تاريخيا، نادرا ما كانت تجربة وذاكرة الفن التشكيلي السوري الحديث مرتبطة بالتراث، إذ كانت محفوفة بالأحرى بالأشكال الغربية النقية، أو الهجينة في بعض الحالات الأخرى. لكن في الوقت نفسه، احتضنت نزعة ثقافية موجهة نحو استخدام عناصر الزينة.

هذا هو أسلوب فنان الاستشراق الذاتي، الذي يميل إلى إحياء التراث الزخرفي التجريدي من خلال فهم خاص للذاكرة البصرية. ويتضمن ذلك الانخراط في الرموز الهندسية وأحيانًا النباتية، أو مع عناصر متنوعة أخرى مثل الخط على القماش.

ومع ذلك، خلقت التطورات الأخيرة في المنطقة سياقا فريدا أدى إلى تغيير مفهوم الانتماء إلى مكان ما، مصحوبا بانسحاب سريع وعنيف على المستوى العاطفي والروحي. ونتيجة لذلك، لم تعد مسألة المكان قضية تتعلق بالهوية أو التراث أو التقاليد السورية. وبدلا من ذلك، أصبح موضوعا جغرافيا وعاطفيا.

كما دفع تصوير الحركة المستمرة والارتحال الفنانين إلى ابتكار أدوات ناشئة في ظل ظروف متغيرة ومتوترة. مع ميل واضح للتغلب على تلك العلاقة الصارمة (الهوية، والذات، والجذور) نحو تفاعل أكثر حرية ومباشرة مع العمل الفني، وخلق حاسة جديدة، وإدراك التفاصيل الجمالية والإثارة، ومعالجتها على القماش أو في النحت. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الألوان، الموضوعات وتكوين المناظر الطبيعية بأشكال أكثر مرونة وغريبة.

ومن بين هذه التجارب، كانت على يد الفنان عبد الله السيد، وفنانون آخرون مثل زافين يوسف، وخالد بركة، وخالد البوشي، وعلاء أبو شاهين، ونور عسالية، المنتشرون حاليا في أماكن مختلفة حول العالم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة