يعيش اللاجئون السوريون في لبنان حياة شديدة الصعوبة، ويكافحون للبقاء على قيد الحياة، وسط قيود وممارسات عنصرية، في بلد يعاني بدوره كثيرا من المشاكل الاقتصادية والسياسية.

ومن أهم الاتهامات، التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في لبنان، القول إنهم يتسلمون مبلغ مئتي دولار شهريا من مكتب الأمم المتحدة للاجئين، وسط الأزمة المعيشية، التي يقاسي منها اللبنانيون، مع انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار.

الإعلامية اللبنانية داليا أحمد أطلقت تصريحات عن اللاجئين السوريين، أثارت ردود أفعال واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي. إذ قالت إن “اللاجئين السوريين يتلقون أموالا بالدولار من الأمم المتحدة”، وإن “سوريا أصبحت آمنة لعودتهم”.

وأضافت المذيعة اللبنانية، التي سبق أن تعرضت لموجة وُصفت بالعنصرية، شككت بلبنانيتها بسبب لون بشرتها الداكن: “عشنا معكم أجمل أيام الانهيار، تقاسمنا معكم كل شيء. ولكن الآن لا يوجد لدينا شيء نتقاسمه معكم سوى الهجرة. ومن غير اللائق أن يترك اللبنانيون بلدهم لكم”.

واعتبر ناشطون أن في تصريحات الإعلامية “تحريضا على العنصرية والتمييز ضد اللاجئين السوريين”، وعبّر آخرون عن قلقهم من “تأجيج أزمة قابلة للاشتعال بالفعل”.

هل يتقاضى اللاجئون السوريون في لبنان مبلغ مئتي دولار؟

ولكن هل ينال اللاجئون السوريون في لبنان بالفعل معونات كافية لحياة كريمة؟ وما قصة المئتي دولار التي يقبضونها من الأمم المتحدة؟

أم حسين، اللاجئة السورية المقيمة في مخيمات عرسال الحدودية، والناشطة في مجال حقوق المرأة، تردّ بالقول: “لا أحد في لبنان يتقاضى مثل هذا المبلغ بالدولار الأميركي، أو نظيره بأي عملة أخرى، إلا في حالات نادرة، تتمثل بكرت الصليب الأحمر، الذي يُقدّم فقط لكبار السن والمعاقين وذوي المعتقلين”.

وتضيف في إفادتها لـ”الحل نت”: “البقية من اللاجئين في المخيمات يتلقون مساعدات محدودة من مشاريع الأمم المتحدة. وأحيانا تكون مساعدات عينية وليس نقدية، مثل الطعام والملابس. أما خارج المخيمات فلا يتلقى اللاجئون السوريون في لبنان أية مساعدات أو دعم، ومن يستأجر منهم منازل يعتبر سائحا. وهكذا يضطر آلاف اللاجئين لتحمّل أسعار الإيجارات المرتفعة جدا في لبنان، أو العيش في الخيم”.

وتنوّه أم حسين في ختام حديثها إلى أن “المساعدات التي تقدّم، إن كانت نقدية، تصرف بالعملة اللبنانية، وليست بالدولار كما يقال”.

ليس السوريون وحدهم من يستفيد من المعونات في لبنان

رجاء المصري، لاجئة سورية أخرى، تقيم بأحد مخيمات اللجوء بمنطقة عرسال، تقول لموقع “الحل نت”: “لو كان اللاجئون السوريون في لبنان يحصلون فعلا على مئتي دولار شهريا لأصبحوا ميسورين، ولا يعانون كل هذه المعاناة”.

وتؤكد أن “ما يحصل عليه اللاجئ السوري لا يتجاوز مبلغ خمسمئة ألف ليرة لبنانية. فيما مضى كانت منظمة يونيسيف تقدم للعائلة اللاجئة أربعين دولارا في حالات خاصة، وهذا انتهى اليوم”.

وتضيف أنها “تحصل على مليونين ليرة لبنانية فقط، هي وأسرتها المكوّنة من أربعة أشخاص، وهو مبلغ لا يعادل حتى مئة دولار، ولا يكفي لشراء المواد الأساسية”.

وترى المصري أن “نسبة كبيرة من اللبنانيين، خاصة من فئة المعلمين، يستفيدون أكثر من اللاجئين السوريين في لبنان من المساعدات المقدمة من منظمة يونيسف، وليس صحيحا أن السوريين فقط من يتلقى الدعم من المنظمة. وهذا أمر مغيّب عن الإعلام”.  

معايير مساعدات الأمم المتحدة

الناشط سامر عامر أبو عدي يوضح أن “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تتعامل بمعايير واضحة مع اللاجئين السوريين في لبنان، إذ تقسّم المساعدات إلى شرائح تُعطى لفئات متعددة. والفئة الأكبر هي التي تستفيد من المساعدة الغذائية، البالغ قيمتها حوالي خمسمئة ألف ليرة لبنانية، على أن لا يتجاوز عدد أفراد العائلة ستة أشخاص. وتُصرف المساعدات حصرا من المتاجر المتعاقدة مع منظمة الغذاء العالمية، والتي تزيد أسعارها عن الأسواق، بنسبة تتراوح بين ثلاثين إلى أربعين بالمئة لأغلب السلع. بينما هناك فئة من اللاجئين تسفيد من مبلغ مليون ليرة لبنانية للأسرة، تُصرف من أجهزة الصرافة الآلية، وهذا يكلّف اللاجئين أجور التنقّل بين الصرافات، التي غالبا لا تعمل، بسبب انقطاع الكهرباء تارة، أو عدم وجود أموال فيها تارة أخرى”.  

ويتابع أبو عدي، في حديثه لـ”الحل نت”: “بالنسبة لفئة الطلاب أو التلاميذ في المرحلة الأولى، فيتلقون مبلغا يساوي عشرين دولارا فقط. وحوالي سبعين بالمئة من الطلاب لا يستفيدون من هذه المعونة، بسبب المعايير التي تفرضها يونيسيف”.  

مؤكدا أن “هنالك فئة، تصل نسبتها إلى 16،6 بالمئة من اللاجئين السوريين في لبنان، لا تستفيد من أية مساعدة، إلا مساعدة التدفئة السنوية، التي لا تكفي لثمن جالونين أو ثلاثة من المازوت” .

ويقول في ختام حديثه: “اللاجئون السوريون في لبنان لا يتقاضون أية مساعدة بالعملات الأجنبية. وحياتهم أقل ما يقال عنها إنها بائسة”.  

وكانت مفوضية اللاجئين، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قد عبّروا، في تقرير صادر عنهم، عن “قلقهم البالغ إزاء أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، الذين باتوا عاجزين عن توفير الحد الأدنى من الإنفاق اللازم، لضمان البقاء على قيد الحياة”.

ويأتي هذا الجدل في ظل نقاش يسود المجتمع اللبناني حول مصير اللاجئين السوريين في لبنان، الذين يقارب عددهم 1.5 مليون لاجئ.

وكان رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي قد لوّح بطرد اللاجئين السوريين، ما لم يساعد المجتمع الدولي في إعادتهم إلى بلادهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.