هو لقاء ظاهره البحث عن حلحلة الأزمة السياسية، باطنه بحث رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، عن الولاية الثانية، لكن لغة الإشارة من صورة لقاء الأخير مع زعيم “تيار الحكمة” عمار الحكيم، فضحت المخرجات بـ “فيتو” إطاري، مغزاه: لا للتجديد.

اليوم الأحد، استقبل الحكيم المنضوي في “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، رئيس الحكومة الكاظمي، وبعد انتهاء اللقاء، نشر مكتب زعيم “تيار الحكمة”، صورة واحدة فقط، على غير عادته، وهو الذي يعرف بنشره مجموعة صور لكل نشاط يخصه.

لغة الصورة تقول، إن الحكيم كان مستمعا لعرض ضيفه الكاظمي، وتعابير وجهه توحي بعدم تفاعله مع الحديث.

نشر صورة واحدة بتلك التعابير، فيها قصدية لإيصال رسالة من الحكيم لحلفائه في “الإطار” تعكس لهم أجواء اللقاء، وتريحهم، بأنه مع موقفهم ضد التجديد بولاية ثانية لرئاسة الحكومة للكاظمي.

ليس ذلك فقط، كما أن بيان مكتب عمار الحكيم بعد نهاية اللقاء، ركّز على الخدمات وضرورة توفيرها للمواطنين، وتجنب الأزمة السياسية الراهنة في البلاد وحلم التجديد، وهما لب زيارة رئيس الحكومة لزعيم “تيار الحكمة”.

رفض “إطاري” بالإجماع

الخميس الماضي، بدّد زعيم ميليشيا “كتائب سيد الشهداء”، أبو آلاء الولائي، في تغريدة له عبر “تويتر”، حلم الكاظمي بالتجديد له لولاية ثانية، بعد كشفه عن مخرجات اجتماع عقد “الإطار” يومئذ.

‏الولائي قال: “لا تجديد للكاظمي تحت أي ظرفٍ كان. وأحيي الإخوة في الإطار لشجاعتهم المسؤولة في اجتماعهم الطارئ اليوم، الذي كان من أهم مقرراته الاتفاق على عدم التجديد للكاظمي ورفض إبقاءه رئيس تسوية للمرحلة المقبلة”.

انتهت تغريدة الولائي المقتضبة، لتؤكد أنه مهما كان شكل الحكومة المقبلة، انتقالية تنظم إجراء انتخابات جديدة أو حكومة طبيعية لمدة 4 أعوام، فإن الكاظمي بعيدا عنها، وهذا ما بتماشى مع تقرير أعده “الحل نت”، مؤخرا، بين وجود طبخة لا مكان للكاظمي بها.

من المحتمل أن يتم اختيار رئيس الحكومة الأسبق، زعيم “ائتلاف النصر” حيدر العبادي، لرئاسة حكومة انتقالية مقبلة تنظم عملية إجراء انتخابات مبكرة جديدة، كما دعا لها مقتدى الصدر، وذلك بعد أن يتم سحب ترشيح شياع السوداني قريبا.

وكان زعيم “التيار الصدري” الذي يسيطر أنصاره على المنطقة الخضراء مقر الحكومة والبرلمان والبعثات الدبلوماسية، ويقيمون اعتصاما مفتوحا فيها، دعا إلى إجراء انتخابات مبكرة جديدة، لإنهاء الانسداد الحاصل نتيجة صراع “التيار” و”الإطار”.

ترحيب جزئي

الدعوة رافقها ترحيب جزئي من قبل قيادات “الإطار” ، جاء من قبل زعيم “ائتلاف النصر” حيدر العبادي، وزعيم “تحالف الفتح” هادي العامري، وحتى من قبل قوى سنية وكردية، بالتالي فإن الانتخابات ستحصل وحل البرلمان الحالي مسألة وقت فقط، بحسب مراقبين.

جاءت دعوة الصدر بعد أن اقتحم جمهور “التيار الصدري” في 30 تموز/ يوليو الماضي، المنطقة الخضراء وأقام اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”، مقتدى الصدر وقتئذ.

الصدر وصف الاقتحام الأول للمنطقة الخضراء، بأنه “جرّة إذن” للسياسيين الفاسدين ومنهم قوى “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، قبل أن يحشد أنصاره لاقتحام الخضراء مجددا، وهو ما حدث فعلا.

تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفية وتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب عدد من المراقبين.

لا نهاية للانسداد

العراق يمر في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارة القوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.

وسعى الصدر عبر تحالف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها “المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.

الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمان عن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة.

وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومة توافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.

بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحت زمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسية الحالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة