رسائل مبطنة بين “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران و”التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر خلال الطقوس الدينية التي تحييها الطائفة الشيعية في شهر محرّم الهجري بالعراق، فما القصة؟

مع بداية شهر محرم قبل أسبوع من الآن، قام “الإطار” برعاية مجلس عزاء حسيني في مقر زعيم “تيار الحكمة”، عمار الحكيم، اعتلى منبره “الرادود الحسيني” الشهير في العراق، باسم الكربلائي.

بدأت الرسائل السياسية المبطنة من قبل “الإطار”، حيث تداولوا قصيدة لباسم الكربلائي -أشهر رادود حسيني في البلاد- ينتقد بها مقتدى الصدر، بقوله “أشوف اليطلب الإصلاح، وهو محتاج اللي يصلحه”، في إشارة منه إلى شعار “الإصلاح” الذي ينادي به زعيم “الكتلة الصدرية”.

https://twitter.com/SAlhakika2018/status/1555596148798275586?t=PxpO3D3fMqq2PH8dcjIv3A&s=19

رد الصدر جاء برسالة أقوى من خلال زيارة لمنزل المرجع الديني الأعلى لدى الشيعة في العراق والعالم، آية الله علي السيستاني في النجف القديمة، وحضوره لمجلس عزاء حسيني في بيته.

تكمن الرسالة من هذه الزيارة، بأن السيستاني يدعم مواقف الصدر ضد “الإطار”، لا سيما أنه سبق للمرجع الشيعي بأن طرد جميع السياسيين في العراق، وأغلق بابه أمام استقبالهم منذ عدة سنوات، اعتراضا منه على فسادهم.

زيارة بـ “الميتسيبوشي”

الصدر زار منزل السيستاني بسيارة والده المرجع الديني محمد صادق الصدر “الميتسيبوشي”، التي قتل بها والده وأخويه على يد نظام صدام حسين عام 1999، وهي رسالة أخرى بأنه يسير على نهج والده الذي عارض نظام صدام بمعارضته لفساد “الإطار”.

في مواقع “التواصل الاجتماعي”،، الغضب هو السائد من استخدام “الإطار” و”التيار” للشعائر الدينية ومراسم العزاء الحسينية كرسائل سياسية، وعدم احترامهما لرمزية هذا الشهر وقدسيته الدينية عند أهل الشيعة، بحسب تعبير كثير من رواد “السوشيال ميديا”.

الرسائل بين الصدر و”الإطار”، تأتي مع اشتداد الأزمة السياسية في العراق، بعد اقتحام أنصار زعيم “التيار الصدري” لمبنى البرلمان، ودعوة الصدر لحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة جديدة، ورفضه لرغبة “الإطار” بتشكيل حكومة جديدة.

كان جمهور “التيار الصدري”، اقتحم في 30 تموز/ يوليو الماضي، المنطقة الخضراء مقر الحكومة والبرلمان والبعثات الدبلوماسية، وأقام اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”، مقتدى الصدر وقتئذ.

الصدر وصف الاقتحام الأول للمنطقة الخضراء، بأنه “جرّة إذن” للسياسيين الفاسدين ومنهم قوى “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، قبل أن يحشد أنصاره لاقتحام الخضراء مجددا، وهو ما حدث فعلا.

تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

سبب اعتراض الصدر

اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفية وتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب عدد من المراقبين.

ويمر العراق في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارة القوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.

وسعى الصدر عبر تحالف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها “المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.

الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمان عن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة.

وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومة توافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.

بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحت زمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسية الحالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة