من الجانب الاستثماري، يرتبط نجاح مزادات الاكتتاب بسندات الخزينة التي أجرتها، وستجريها وزارة المالية السورية خلال العام 2022 ارتباطا وثيقا بمدى تحسينها لسعر الصرف من خلال نقل الأموال من المصارف الخارجية، واستخدامها في قنوات الاستثمار وتحييد هذه الأموال عن المضاربة في أسعار الصرف، ولاحقا الاستفادة من زيادة الإنتاج والقدرة الشرائية، إلا أن استخدامها بسد عجز الموازنة العامة للدولة أثار جدلا واسعا حول المستفيد من هذه الخطوة.

المصارف هي المستفيد الأكبر

إذا ركزنا على سد العجز في موازنة الدولة فمن المتوقع أن تسهم عائدات هذه المزادات في ردم الهوة كليا، أو الحد منه إلى أقصى درجة ممكنة.

وزارة المالية السورية، وبحسب تقرير لموقع “صاحبة الجلالة” المحلي، نشر اليوم الأحد، أجرت مزادين على أساس المعلومات المذكورة آنفا، ولكن لم تكن النتيجة المتوقعة لأي منهما وفق المطلوب.

وأرجع الموقع ذلك، لاستمرار سعر الصرف في التقلب بشكل حاد، وهو ما يظهر أن هذا المزاد بلا تأثير يذكر، كما أن المبلغ الكلي الذي تم جمعه من قبل المزادات الأربعة في العام 2022، هو 600 مليار ليرة فقط، وإذا كان المقصود منها المساعدة على سد الفجوة في الموازنة التي تزيد عن 4 تريليون ليرة، فإن النتيجة لذلك، تشير إلى أن نسبة مساهمة المزادات في هذا المجال منخفضة جدا.

كما بيّن التقرير، أن هذه المزادات وظّفت لخدمة البنوك والمصارف السورية “المتخمة بالأصل بكتل مالية هائلة، وتزداد طردا مع تعقيد شروط الإقراض، وبذلك تكون المصارف قد تخلّصت من هذه التخمة أو حدت منها، لتعود عليها بالتالي بفوائد مجزية”.

وأضاف التقرير، دليلا على ذلك، بأنه “في المزاد الثاني الذي أنهته وزارة المالية مؤخرا، شارك فيه 9 عارضين، فاز منهم 7 عارضين، منهم 6 مصارف ( 4 مصارف عامة ومصرفين من القطاع الخاص)، وعرض واحد مقدم من قبل العملاء”.

ماذا يعني طرح سندات الخزينة للبيع؟

أهمية طرح مثل هذه السندات خصوصا في ظل الأوضاع الحالية يظل محط جدل، حيث تقوم وزارة المالية بعرض سندات خزينة للتداول في بورصة دمشق للأوراق المالية للاشتراك أو البيع للأشخاص الاعتياديين والاعتباريين كالبنوك والمؤسسات والشركات.

سندات الخزينة من أنواع الدين الداخلي الذي تفضل الكثير من الدول تمويل عجزها به على الدين الخارجي، كالدين من صندوق النقد الدولي وغيره، بسبب المخاطر التي قد يحملها الدين الخارجي وقبول الشروط غير المواتية، حسبما قاله الباحث الاقتصادي، ماجد الحمصي، لـ”الحل نت”.

وبالعودة إلى الأوضاع في سوريا، يقول الحمصي، كان خيار سندات الخزينة أحد السبل لتأمين جزء من عجز الموازنة العامة للعام الحالي، الذي تجاوز فيه العجز 4 تريليون ليرة، وأن خيار سندات الخزينة يفضل اللجوء إليه من إصدار أوراق نقدية من البنك المركزي السوري الذي يساهم دائما في رفع معدلات التضخم، وهذا في الوضع الطبيعي.

إلا أن الحالة في الوقت الراهن مختلفة في سوريا وفقا لحديث الحمصي، حيث أن سندات الخزينة يمكن أن تأخذ بعض الأموال المتداولة وتستثمرها في تمويل مشاريع الموازنة العامة، خصوصا الجزء الاستثماري منها والمشاريع الكبيرة، لكن ما حدث، هو التركيز على الاكتتاب من المصارف، وهذا لا يفيد كثيرا في هذه الغاية خاصة أن الودائع موجودة لدى المصارف وتمنح فوائد دورية عليها.

سابقة من نوعها

خلال الأيام الأخيرة شهدت الليرة السورية انخفاضات متتالية إضافية مقابل الدولار الأميركي، حيث بلغ سعر صرف الدولار الواحد يوم أمس السبت نحو 4400 ليرة سورية، فيما يرى مختصون أن الليرة متجهة نحو انهيار جديد في سعر الصرف خلال المرحلة القادمة.

ونتيجة لانخفاض قيمة الليرة، وزيادة نسبة التضخم بشكل غير مسبوق، وارتفاع الأسعار، اتجهت الحكومة لإدراج سندات الخزينة ضمن بورصة دمشق.

ففي سابقة هي الأولى من نوعها، تطرح وزارة المالية السورية، أوراقا مالية من نوع أذونات خزينة وسندات حكومية للتداول بسوق دمشق للأوراق المالية للاكتتاب عليها، أو بيعها للأشخاص العاديين والاعتباريين مثل المصارف والمؤسسات والشركات، وذلك اعتبارا من الثامن من شهر آب/أغسطس الجاري.

وبحسب متابعة “الحل نت”، فإن هيئة الأوراق والأسواق المالية (بورصة دمشق)، أعلنت في الأول من الشهر الجاري، عن طبيعة وقيمة هذه الأوراق المالية الحكومية، وفترة سدادها وشروط وآلية الاكتتاب، بحسب ما أعلن رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية عابد فضلية.

وأوضح فضيلة، أن القانون رقم 60 لعام 2007 يسمح لوزارة المالية بطرح مثل هذه الأوراق المالية عند حاجتها لمزيد من رؤوس الأموال لتوظيفها في عروق مهمة بالاقتصاد، مبينا أن الفرق بين الأذونات، والسندات يكون في مدة تسديد قيمتها للمكتتبين عليها من قبل وزارة المالية، حيث تكون مدة سداد الأذونات أقل من سنة ومدة سداد السندات أكثر من سنة وقد تصل إلى 30 سنة.

يشار إلى أن حكومة دمشق تسعى منذ أشهر إلى تجفيف السيولة النقدية، والسيطرة على الكتل النقدية الكبيرة بالليرة السورية، ما أدى إلى خسائر كبيرة بالنسبة للمستثمرين أصحاب الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، كما أن بورصة دمشق تعاني من محدودية التداول، إذ لم تتجاوز مجمل التداولات، يوم الأربعاء الماضي، نصف مليار ليرة سورية (نحو 125 ألف دولار)، إثر صفقة ضخمة وحيدة، بالإضافة إلى 221 صفقة عادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة