أثار التعاون العسكري الروسي الإيراني مخاوف الغرب، لما قد يشكّله هذا التعاون من خطر على الأمن والسلم العالمي، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وكشفت تقارير استخباراتية أميركية، في شهر تموز/يوليو الماضي، عن نية إيران، تزويد روسيا بمئات من الطائرات المسيرة، بما فيها الطائرات المعززة بالأسلحة، لمساعدة ودعم قواتها في الحرب ضد أوكرانيا. وأفادت التقارير باستعداد إيران لتدريب القوات الروسية على استخدام تلك الطائرات.

بدوره دعا المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، إلى استمرار التعاون الوثيق مع روسيا، وقال، عبر حسابه على تويتر، إن هذا التعاون “سيفيد البلدين بشكل كبير”، وذلك بعد لقائه ببوتين، في طهران، ضمن القمة الثلاثية بين إيران وروسيا وتركيا.

ورغم عدم وجود أدلة رسمية في الوقت الحالي، حول ما إذا كانت عملية تسليم المسيرات الإيرانية إلى روسيا قد بدأت بالفعل، إلا أن شبكة “سي إن إن”، الإخبارية الأميركية ذكرت، في تقرير سابق لها، أن “وفدا روسيا زار مطارا في وسط إيران، مرتين على الأقل خلال الشهر الماضي، لفحص المسيرات الإيرانية”.

وذكر جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، أن “تدريب القوات العسكرية الروسية على استخدام المسيرات الإيرانية ربما قد يكون بدأ منذ شهر تموز/يوليو الماضي”. ووعد بـ”استمرار دعم الجيش الأوكراني، والحكومة الأوكرانية على استراتيجية تحقق أهدافها في نهاية المطاف، سواء في ساحة المعركة أو على طاولة المفاوضات”.

فما المدى الذي يمكن أن يصل إليه التعاون العسكري الروسي الإيراني؟ وإلى أية درجة قد يشكّل خطرا على الأمن والسلم العالمي؟ وكيف سيؤثر على المنطقة العربية، خاصة على علاقة روسيا مع دول الخليج، التي شهدت تحسّنا ملحوظا في الفترة الأخيرة؟

من ناحية أخرى يمكن طرح أسئلة عن كفاءة هذا التعاون على الصعيد الحربي، ودوره في كشف الإمكانيات الفعلية للبلدين: لماذا اضطرت روسيا إلى الاستعانة بدولة من دول العالم الثالث لتقوية ترسانتها العسكرية، بعد أن كانت من أهم الدول المصدّرة للسلاح؟ وهل تستطيع المسيرات الايرانية مواجهة طائرات “بيرقدار” التركية، التي أوقعت خسائر كبيرة في صفوف القوات الروسية في أوكرانيا؟

مسارات التعاون الروسي الإيراني

رغم أن العلاقة بين طهران، وموسكو شهدت كثيرا من التأرجح، بين التنافس والتعاون، إلا أنها تطوّرت بشكل كبير بعد وصول الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين الى السلطة في العام 2000، وتصاعد التنافس بين موسكو وواشنطن.

في الملف النووي على سبيل المثال، اضطرت روسيا إلى تطبيق العقوبات الدولية المفروضة على إيران، لكنها ظلت شريكة طهران في مجالات أخرى، ما زاد من أهمية موسكو بالنسبة لسياسة إيران الخارجية، على الرغم من الخلافات القديمة، حول دعم روسيا للحرب العراقية على إيران، ورفض طهرن الغزو الروسي لأفغانستان. ومن الناحية الاقتصادية فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين، بداية عام 2021، مليارا وثلاثمائة مليون دولار.

 أما فيما يتعلق بالتعاون العسكري الروسي الإيراني، فمنذ العام 2010 توترت العلاقة بين الطرفين، بسبب تراجع روسيا عن تسليم إيران صواريخ “إس 300”. وفي العام 2016 عاد البلدان للتفاوض بشأن تسليم أسلحة لإيران، تبلغ قيمتها عشرات الملايين.

يقدّم صمويل راماني، الباحث في العلاقات الدولية في “المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن”، بمدينة أوكسفورد البريطانية، قراءة لآفاق التعاون العسكري الروسي الإيراني، معتبرا أن “ما بين روسيا وإيران، هو شراكة متزايدة، ولكن ليس تحالفا، لأن روسيا لديها سياسة واسعة النطاق في منطقة الشرق الأوسط، و يهمها أن ترسي توازنا بين السعودية وإيران وإسرائيل، إلى جانب المواجهة ضد الغرب، والعلاقات مع الدول الاسيوية، مثل الهند والصين، التي تجمع كل من طهران وموسكو”.

ويشير راماني، إلى أهمية التعاون الروسي الإيراني، في ملفات مثل سوريا ومواجهة الولايات المتحدة، بالقول: “روسيا وإيران لديهما اتفاق بشأن الملف السوري بشكل كامل، وهو دعم بشار الأسد؛ إضافة إلى تعاون في مجال آخر في أفغانستان، إذ أن كلا الطرفين يودان أن تُرفع بعض العقوبات المفروضة على طالبان”.

إلا انه يعود ويذكّر بالاختلافات بين البلدين، فيما يتعلق بملف الأمن في آسيا، والوجود الإيراني في جنوب سوريا، الذي يمكن أن يشكّل تهديدا لإسرائيل. ويخلص إلى القول: “هناك تعاون استراتيجي، ولكن هناك بعض الاختلافات على المستوى التكتيكي، ما يحدّ من هذا التعاون”.

من جهتها تشير صحيفة “تاغس شبيغل” الألمانية، في تقرير لها، إلى أن إيران “معزولة الى حد كبير، بسبب العقوبات المفروضة عليها في الصراع حول برنامجها النووي، وليس لديها خيار سوى العمل مع بوتين”.

موسكو وتطوّر الصناعات الحربية في الشرق الأوسط وغرب آسيا

التعاون العسكري الروسي الإيراني، يأتي في سياق تطور الصناعات الحربية في عدد من الدول النامية بالشرق الأوسط وغرب آسيا، فبعد أن كانت تركيا مثلا تعتمد بشكل كبير على الأسلحة المستوردة من دول حلف الناتو، في منتصف القرن العشرين، باتت اليوم تحتل المركز الرابع عشر عالميا في الصادرات الدفاعية، وتُعتبر ألمانيا والولايات المتحدة حاليا من أهم مستوردي السلاح التركي.

وكانت تركيا قد اتخذت قرار الاعتماد على نفسها في الصناعات الحربية منذ العام 1974، بعد حظر الولايات المتحدة توريد الأسلحة اليها، على إثر الأزمة القبرصية. ويبدو أنها حققت خطوات كبيرة في هذا المجال. إذ أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في عام 2021، اكتفاء تركيا الذاتي من صناعة الذخائر.

وركز حزب العدالة والتنمية، على الصناعات الدفاعية، ورفع ميزانية المشاريع الدفاعية من 5.5 مليار دولار في العام 2002 الى حوالي 60 مليار في العام 2020. كما زاد عدد الشركات المصنعة للأسلحة من 57 إلى 1500. وتعبر سبع من هذه شركات من بين أهم مئة شركة عالمية لإنتاج السفن الحربية، والطائرات بدون طيار، والذخائر وصواريخ الدفاع، التي تُستخدم ضد الهجمات الجوية منخفضة الارتفاع. إضافة إلى مركبات نقل الجنود والمدرعات.

وانتجت شركة “بايكار”، التركية طائرات “بيرقدار”، التي تتميز بقدرتها على مواصلة العمل لمدة سبعة وعشرين ساعة دون التزود بالوقود، والتي تصل تكلفة الواحدة منها ما بين مليون ومليوني دولار. وقد تم استخدامها في عدة معارك، خاصة في ليبيا وسوريا، وصُدّرت الى أوكرانيا، قبل تعرضها للغزو الروسي.

 وبالرغم من أن اسم طائرات “بيرقدار” قد غاب بشكل شبه كلي عن أخبار المقاومة الاوكرانية في الوقت الحالي، بسبب إسقاط غالبيتها، ولأن تركيا لم تعد تصدرها الى أوكرانيا، خوفا من إثارة مزيد من التوتر بينها وبين روسيا، إلا أن هذه المسيرات لعبت دورا حاسما في التصدي للأسلحة الروسية. فقد دمرت الطائرات التركية رتلا كاملا من العربات والدبابات الروسية، كما أسقطت طائرات. بينما استخدمت موسكو حوالي عشرين مسيرة روسية محلية الصنع، من طراز “أوريون”، فعاليتها كانت ضعيفة جدا مقارنة بمسيرات “بيرقدار”، التي استخدمت أوكرانيا حوالي ستة آلاف منها، بحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية.

أما فيما يتعلّق بالصناعات العسكرية الإيرانية، التي يبلغ عمرها أكثر من مئة عام، حسب التقارير الرسمية الايرانية، فقد أعلن حسن روحاني، الرئيس الايراني الأسبق، في العام 2019، أن طهران “تُنتج خمسة وثمانين بالمئة من الأسلحة التي تستخدمها”. الأمر الذي شكك به خبراء عسكريون. فطائرات “ف 5″، التي تتفاخر إيران بإنتاجها محليا، كانت قد اشترتها في الواقع في عهد الشاه، قبل الثورة الإيرانية عام 1979. وصواريخ “شهاب واحد” و”شهاب اثنين” تم استنساخها من صواريخ “سكود” الروسية. أما صواريخ “نور” الإيرانية فهي مستنسخة من صواريخ “سي 802” الصينية.

وعلى الرغم من أن إحدى عشرة شركة إيرانية تعمل على إنتاج الاسلحة والمعدات العسكرية، إلا أن خبراء إيرانيين يرون أن هذه الصناعة مفلسة، وتستورد جميع احتياجاتها من الخارج، فضلا عن أن خمسة وتسعين بالمئة، من الأسلحة الإيرانية تم استيرادها في عصر الشاه.

إلا أن وضع الصناعات العسكرية الإيرانية في مجال الطائرات المسيرة يختلف، وربما يكون أساس التعاون العسكري الروسي الإيراني. محلل أمن الشرق الأوسط سيث فرانتزمان يتوقع، في كتابه “حرب الطائرات بدون طيار”، أن “الحروب المستقبلية سوف تعتمد بشكل كبير على الطائرات بدون طيار، وسوف ينتصر فيها من يمتلك التكنولوجيا الأكثر تطورا”. كما يتحدث الكاتب، عن أن “إيران لديها تاريخ طويل في تطوير وتصنيع المسيرات، وهي تعمل في أماكن صراع عدة، وقد نمت تجربتها وزادت أهمية تقنياتها، بعد استخدام طائراتها المسيرة في غزة، واليمن، ولبنان، وسوريا، والعراق”.

ويُذكر فراتنزمان، “تزويد إيران للمتمردين الحوثيين بالمسيرات، التي استخدموها ضد السعودية؛ كما استخدمتها حركة حماس ضد إسرائيل”. ويجزم الكاتب أن “إيران أصبحت، على نحو متزايد، لاعبا عالميا فيما يتعلق بصادرات الطائرات بدون طيار”.

ورغم كل ما توارد عن موضوع تصدير الطائرات المسيرة الإيرانية إلى روسيا، إلا أنه لا يوجد حتى الآن أي تصريح روسي رسمي يؤكد صحة تلك الأنباء. ما دفع عددا من المختصين للتشكيك بها، ومنهم أولريك فرانك، خبيرة المسيرات الألمانية، التي شككت بقدرة إيران على تصدير هذه المسيرات إلى روسيا. إذ كتبت على حسابها في موقع تويتر: “على حد علمي ليس لدى إيران مئات الطائرات بدون طيار. لا يمكن أن تهمل إيران صادراتها الأخرى أيضا، لأن الجمهورية الإسلامية متورطة بشدة في الحرب على اليمن”.

هل يمكن أن يُبنى التعاون العسكري الروسي الإيراني على أساس المسيّرات؟

يبدو سؤال الطائرات المسيرة، وقدرة إيران على تصديرها، مُربكا بعض الشيء إذا، مثل أغلب فصول التعاون العسكري الروسي الإيراني.

الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، يحاول تقديم إجابة، في حديثه لموقع “الحل نت”: “فيما يتعلّق بالمسيرات الإيرانية، التي ربما كانت في طور الذهاب إلى روسيا، يتعين القول إن هناك ثلاثة خطوط إنتاج إيرانية للطائرات المسيرة، التي تعمل إيران على انتاجها بكثافة منذ العام 2010، وهذه الخطوط موجودة في مصانع بالقرب من العاصمة طهران، ومدينتي أصفهان وقم. وتُنتج أنواعا كثيرة من الطائرات بدون طيار. لكن أبرز ثلاثة أنواع، ترسلها إيران إلى حلفائها وشركائها، هي “أبابيل 3″ و”مهاجر 6″ و”شاهد 1و2و9″. وهذه الطائرات صدّرتها إيران الى فنزويلا، وإثيوبيا فيما مضى، وبعض منها ذهب إلى الحوثيين، الذين ضربوا بها مواقع في الإمارات والسعودية من الأراضي اليمنية. لذلك تمتلك إيران خبرة كبيرة في المنافسة في سوق صناعة الطائرات المسيرة”.

وفيما يتعلق بقدرة المسيرات الإيرانية على منافسة المسيرات التركية من نوع “بيرقدار”، التي تستخدمها أوكرانيا، يقول أبو النور: “نعم تستطيع. لأن إيران أكثر تقدما من تركيا في مجال صناعة الطائرات بدون طيار. فهي تحتاج الى هذا السلاح، الذي يُنتج محليا، والذي يطوّر عن طريق خبراء من الصين وكوريا الشمالية، وكذلك خبراء روس يعملون في الداخل الإيراني. وإنتاج هذه الطائرات، وهو البديل الوحيد لمواجهة العقوبات الأميركية، التي تستهدف قطع الغيار والذخائر المتعلقة بالطائرات الحربية العادية. لذلك عملت إيران على تسريع وتيرة، وإنتاج هذا النوع من الطائرات المسيرة، حتى تعوّض الخسائر والنقص الفادح في أسلحتها التقليدية. وقد أثبتت المسيرات الايرانية كفاءتها في فنزويلا، أما في أثيوبيا فقد أحدثت نقلة نوعية في سيطرة حكومة الرئيس، آبي أحمد في أديس أبابا على الجبهات القتالية ضد القوات الانفصالية”.

لماذا تلجأ روسيا إلى دولة من العالم ثالث؟

أما بالنسبة إلى لجوء روسيا، التي تعتبر من أكبر الدول المصدّرة للسلاح في العالم، إلى إحدى دول العالم الثالث لاستيراد الطائرات المسيرة، فيرى أبو النور، أن السبب هو “استخدام روسيا كثيرا من الطائرات المسيرة في الحرب مع أوكرانيا في الأشهر الماضية، وأيضا استخدامها أغلب مخزونها من صواريخ إسكندر. وهي الآن بحاجة الى تعويض هذا النقص في مخازن أسلحتها، لمواصلة الحرب الطويلة الممتدة. وبالتالي قد لا تجد أفضل من إيران، حليفا أو شريكا استراتيجيا، للتعويض عن النقص، لاسيما أن الصين تريد أن تلعب دور الوسيط المحايد نوعا ما، ولا تريد أن تدعم روسيا عسكريا، حتى لا تضع ملف أوكرانيا في كفة وملف تايوان في كفة أخرى، في علاقتها المعقدة مع الولايات المتحدة”.

ويتابع أبو النور بالقول: “إيران بحاجة الى المال، لذلك ترسل هذه الطائرات الى روسيا للحصول على العملة الصعبة، أو حتى من أجل الخصم من ديونها المالية المستحقة لدى روسيا. وهي ديون يتعلّق أغلبها بالبرنامج النووي الإيراني، وصناعات أخرى عسكرية. لذلك فالطرفان بحاجة لبعضهما. وروسيا تجد إيران البديل الأنجع، لأن مخزونها من الطائرات المسيرة يقدّر بالمئات، نظرا لعمل مصانعها بوتيرة سريعة، إلى جانب أن طائراتها لا تُستخدم كثيرا. كما تعلم روسيا، أن إيران استفادت كثيرا من طائرة غلوبال هوك الأميركية، التي أسقطتها في العام 2019، وطورتها؛ واستفادت أيضا من طائرات التحالف الدولي، التي كانت تحارب تنظيم داعش الإرهابي في محافظة ديالى العراقية، القريبة من إيران، ونجح الدفاع الجوي الإيراني بإسقاط بعض منها منذ العام 2014. وقد عمل العلماء الإيرانيون على إنتاج طائرات تشبه الطائرات الأميركية، من حيث التقنية، وأجهزة الرادار والاتصال، والاجهزة الحاملة للقطع العسكرية، والمواد الحربية المتفجرة. لاسيما أن بعض هذه الطائرات طائرات انتحارية، ذات مهمة واحدة، تنفجر بعد تنفيذها، مثل أي إرهابي انتحاري. ولكل هذه العوامل تلجأ روسيا إلى إيران، كونها دولة لديها خبرة كبيرة في هذا المحال، وحليفة لموسكو في الوقت نفسه”.

الدكتور عمرو الديب، الأستاذ المساعد في جامعة “لوباتشيفسكي” الروسية، ومدير مركز “خبراء رياليست” الروسي، يجيب بدوره عن سؤال، سبب لجوء روسيا إلى دولة من العالم الثالث لتعويض نقصها التكنولوجي، مؤكدا لـ”الحل نت”: “على الرغم من عدم وجود أي إثبات رسمي روسي، من قبل أي شخصية رسمية موثوقة، يؤكد صحة خبر استيراد موسكو لطائرات مسيرة إيرانية، إلا أنني لا أجد أي مشكلة في لجوء روسيا إلى استيراد تلك المسيرات، لأن روسيا ليست متطورة في مسائل تصنيع الطائرات المسيرة، لدى مقارنتها بإيران وتركيا”.

ويؤكد الديب، أن “روسيا قادرة تكنولوجيا وتقنيا على تصنيع أسلحة حديثة جدا، ومنها الطائرات بدون طيارات، لكن يبدو أن هذا الأمر سيستغرق وقتا طويلا. فإن صح خبر استيراد الطائرات الإيرانية فلن يكون ذلك غريبا. هناك دول متقدمة كثيرة تقوم باستيراد طائرات بدون طيار، أو أسلحة حديثة ونوعية من أنواع مختلفة. إيران بلا شك لديها خبرة في مسائل تصنيع الطائرات بدون طيار، خصوصا طائرات “كاميكازي” الانتحارية. ويمكن لروسيا استخدام هذه الطائرات”.

ويتابع تحليل دوافع التعاون العسكري الروسي الإيراني بالقول: “يبدو الأمر وكأنه نوع من التبادل أو المقايضة، فإذا تم تزويد إيران بالقمح أو المنتجات البترولية (وليس البترول)، أو أمور تقنية أخرى، يمكن لطهران، بالمقابل أن تقدم طائرات بدون طيار، وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن لإيران فيها أن تقدم لروسيا مقابلا ما. وذلك لا يعني أن روسيا متأخرة عسكريا وتقنيا”.

كيف سيؤثر التعاون العسكري الروسي الإيراني على العالم العربي؟

لا يجد الدكتور محمد أبو النور، أن التعاون العسكري الروسي الإيراني يمكن أن يؤثر كثيرا على علاقة روسيا بالعالم العربي، وخاصة دول الخليج، إلا في حالة واحدة، وهي طلب دول الخليج من روسيا عدم التعاون العسكري مع إيران، ما يعتبره أبو النور، “غير وارد ولن يتحقق، لأن التعاون العسكري الروسي الإيراني موجود منذ الثمانينات، أي منذ الحرب العراقية الايرانية. حين أمدّت روسيا إيران بعديد من الأسلحة، سرا وعلنا، عن طريق وسطاء كثيرين، منهم حكومتا سوريا وليبيا آنذاك. ومازالت موسكو حتى الآن تمدّ طهران بالأسلحة. إذ أن صواريخ “بوك إم 1و2″، التي أسقطت بها إيران طائرة غلوبال هوك الأميركية، هي صواريخ روسية. وأغلب الصواريخ البالستية الإيرانية، هي أصلا صواريخ روسية، تم تطويرها أو تعديلها في إيران، وأُطلقت عليها أسماء إيرانية”.

ويخلص أبو النور إلى القول: “هذا الملف لن يقلق دول الخليج، إلا إذا استخدمت إيران التكنولوجيا التسليحية الروسية ضد المصالح الخليجية. ويمكن للخليجيين الضغط نوعا ما روسيا، لعدم التعاون العسكري مع إيران إيجابا، أي عدم إرسال موسكو مزيدا من السلاح إلى طهران، ولكن يمكن لروسيا أن تستورد السلاح من إيران، وهذا لن يهدد منظومة الأمن الخليجية”.

الدكتور عمرو الديب، يستبعد بدوره أن يحدث التعاون العسكري الروسي الإيراني أي توتر في العلاقات بين روسيا ودول الخليج. ويقول: “التعاون العسكري والاقتصادي موجود بالفعل بين إيران و روسيا. وعلينا ألا ننسى أن إيران من الدول الثلاث المهمة، التي لديها علاقات قوية مع روسيا، خاصة بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. كما أن روسيا تستطيع أن تقيم توازنا في علاقاتها مع جميع الدول، وهذا الأمر واضح لنا جميعا. ففي الملف السوري كانت روسيا على مسافة واحدة في علاقتها مع إسرائيل، وتركيا، وإيران ودول الخليج، منذ العام 2015 وحتى الآن. وبالتالي ليس صعبا على موسكو تحقيق التوازن في سياستها الخارجية بين دول الخليج العربي، وإيران”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.