متابعة للحملات التي تقوم بها فصائل السويداء ضد الفصائل التابعة للأمن العسكري، استأنفت “حركة رجال الكرامة”، يوم أمس الإثنين حملاتها الأمنية في محافظة السويداء، في محاولة منها لإنهاء نفوذ فصيل “بيرق قوات الفهد” في بلدة قنوات، وقائده سليم حميد.

ونشرت “الحركة” بيانا، يوم أمس، قالت فيه، إن الحملة الجديدة التي تستهدف بلدة قنوات، تأتي “بعد إخلاء سبيل متزعمي إحدى أخطر العصابات الإرهابية، بقرار فردي من أحد قادة الفصائل، وبطلب من المرجعيات الدينية والاجتماعية”.

وأضافت الحركة، أن المئات من عناصرها انطلقوا نحو “قنوات”، بالتعاون مع أهالي وشباب البلدة، وأنه “ستتم مداهمة بيوت وأوكار العصابات، ممن تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء”.

من جانبهم أبدى الأهالي في السويداء تأييدهم لمحاربة المجموعات التابعة للأمن العسكري، ممن تعتبر على الصعيد الشعبي في المحافظة “الراعي الرسمي للجريمة وعمليات الخطف وتجارة المخدرات”.

هل تحل الفصائل بدلا من الأمن العسكري؟

أهالي السويداء، يعتبرون، أن اجتثاث هذه المجموعات خطوة مهمة للحد من انتشار الجريمة المنظمة، والتي تشرف عليها أجهزة الأمن الداعمة لهذه العصابات.

ولكن الأمر يختلف قليلا كي تكون هذه الفصائل بديلا للأجهزة الأمنية، وذلك بحسب ما يرى الكاتب السياسي من السويداء، ماهر الباروكي، خلال حديثه لـ”الحل نت”، حيث يوضح أنه عند الحديث عن فصيل منظم كحركة “رجال الكرامة”، فيمكن القول أنه وبالأسلوب الذي تتبعه يمكن أن تمسك بزمام الأمور في السويداء إذا توفرت لها مقومات أهمها، أن تكون هي بمفردها كفصيل المسؤول عن إدارة هذا الملف بشكل كامل، وأن تعمل بقية الفصائل غير المتورطة بالجرائم، والفلتان الأمني تحت قيادة حركة “رجال الكرامة”، لأن العمل المنفرد قد يتسبب ببعض المشاكل خاصة في منطقة كالسويداء معروفة بصبغتها العشائرية والعائلية.

أما الناشط من السويداء، فداء غانم، يوضح خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن التحرك الذي تقوم به الفصائل ليس ضد جهاز الأمن العسكري بشكل مباشر، وإنما ضد أتباعه من أبناء السويداء، فالتسليح والقدرات العسكرية للفصائل لا تزال بحاجة للدعم لتكون قادرة على مواجهة الأمن العسكري، والأجهزة الأمنية الأخرى.

واستبعد غانم، أن يؤدي التخلص من الفصائل التابعة للأمن العسكري، إلى ترك ذلك الفراغ الأمني الكبير، حيث أن الفصائل تعلم أنها مسؤولة عن الحفاظ على السلم الأهلي، ومبيّنا أن هذه الفصائل تتبع لمرجعية دينية ممثلة بشيخ العقل، حكمت الهجري، وهذا ما يمنحها قدرة على السيطرة على الأوضاع من جهة، وأن تكون مقبولة ومتوافقا عليها من الأهالي من جهة أخرى.

إقرأ:الجنوب السوري.. وفد روسي في السويداء والميليشيات الإيرانية تحاصر درعا

لا تصعيد من قبل دمشق وطهران

بحسب المعلومات التي حصل عليها “الحل نت”، من مصادر محلية في السويداء، فإنه لم يلاحظ حاليا وحتى خلال الفترة السابقة، أي ردة فعل واضحة من الأجهزة الأمنية نفسها، والتي كانت تدير ملف الفوضى في السويداء، وبالتالي فهناك احتمالات مفتوحة فيما يتعلق بالوضع الأمني تصل إلى حل واحد فقط في النهاية، إما الهدوء التام أو الفوضى العارمة.

وفي هذا السياق، يستبعد ماهر الباروكي، احتمالية التصعيد العسكري المباشر من قبل حكومة دمشق، وميليشيات إيران في السويداء، لأنه ومنذ اندلاع الأحداث في سوريا عام 2011 تم التعامل مع ملف السويداء بصورة منفردة عن الملف السوري، حيث عادة ما تعتمد الحكومة، ومن خلفها إيران، على ما يعرف عسكريا وسياسيا بحرب النيابة فهناك الكثير من أوراق الضغط يمكن اللجوء إليها من قبل إيران، وحكومة دمشق، دون الحاجة لخيار عسكري بحت كما حدث في بقية المناطق السورية.

وحول ماهية هذه الأوراق، يضيف الباروكي، أن الأوراق الموجودة بيد الأطراف المذكورة نجدها كثيرة تبدأ بأوراق اقتصادية، ومعيشية وتنتهي بأسافين تحاول بشتى الوسائل تفكيك بنية المجتمع المحلي في المحافظة، ومذكّرا بأن من يقف بوجه أبناء السويداء أي إيران، قوة عسكرية وفكرية تحاول فرض هيمنتها على أهالي السويداء بشكل أو بآخر وجندت لهذا الأمر الكثير من الأشخاص، والشخصيات التي لم تعرف جميعها لأهالي المحافظة إلى الآن، فإيران تعتمد في المحافظة على سياسة شد الحبل، وإرخائه عند اللزوم بما يتناسب مع استراتيجيتها في كل مرحلة.

وأوضح فداء غانم أيضا، أن حكومة دمشق، تدير اللعبة ومعها إيران من خلف الستار في المحافظة، وتسعى خلال المرحلة القادمة دفع الأهالي لطلب ما يسمونه “عودة القانون”، ومواجهة الأجهزة الأمنية، وإيران عسكريا لا تزال تحتاج إلى المزيد من الدعم، ورفع المستوى العسكري.

قد يهمك:تصعيد إيراني في السويداء.. ماذا يحصل؟

هل قطعت الفصائل الطريق على نفوذ إيران؟

على الرغم من قدرة الفصائل على ملاحقة المجموعات المرتبطة بالأمن العسكري، وإيران، إلا أن هناك من يرى من أبناء السويداء أن إيران تعمل بصمت في المنطقة، محاولة تجاوز الصدامات المباشرة مع فصائل السويداء، وفي نفس الوقت جعلها تصطدم بفصائل محلية من أبناء المحافظة.

ماهر الباروكي، يرى أن الأمر ليس بهذه السهولة بكل تأكيد، فإيران استطاعت تجنيد ما يكفي من الشخصيات ومن الكيانات داخل السويداء بما يساعدها على البقاء لأطول فترة ممكنة، إذا لم توجد قوة حقيقية وكبرى فاعلة تستطيع اجتثاث السموم التي تركتها إيران في المحافظة.

وأوضح الباروكي، أن الإيرانيين ليسوا موجودا بنحو واضح، أو ظاهر كعناصر مسلحة إيرانية حتى يتم الحديث عن محاربة وجودية بين هذه العناصر، وما يقابلها من الفصائل المسلحة المعروفة بعدائها للمشروع الإيراني في السويداء، بل هم موجودون في قطع عسكرية نظامية من خلالها يديرون عملياتهم.

ولفت الباروكي، إلى أن الناحية الأوسع والأخطر من ذلك بكثير، أن إيران استطاعت الدخول في الكثير من الخصائص في بنية المجتمع الأهلي في السويداء، وبالتالي فإن الانتهاء من الوجود الإيراني يحتاج إلى جانب محاربتها عسكريا محاربتها فكريا، وهناك يكمن دور المجتمع العشائري والمحلي بتوعية الشباب لخطورة هذا الوجود وضرورة محاربته، وذلك بتكوين جيل وطني حقيقي بانتماء وطني فقط، وهذا الحل يرتبط بالحالة السورية على كامل التراب السوري ويصبح فاعلا أكثر، إذا ما تم إنشاء جيل سوري لا يخضع لأحد، وليس لديه أي ولاء إلا لوطنه عندها ستنتهي حالة القوقعة التي تعيشها السويداء في خضم الحالة السورية الجامعة.

إقرأ:معركة خازمة في السويداء: هل ستسيطر إيران على الجنوب السوري بعد مقتل سامر الحكيم؟

من هو سليم حميد؟

متزعم فصيل ”بيرق قوات الفهد”، المنفصل عن “حركة رجال الكرامة”، و”قوات شيخ الكرامة”، وأسسه في بلدة قنوات بريف السويداء، تعود أصول عناصره إلى خلفيات متعددة، وخاصة بعض الرجال المنشقين عن حركة “رجال الكرامة”، بعد مقتل وحيد البلعوس، والمفصولين عنها بسبب ممارساتهم المنافية لمبادئها.

ويتهم أهالي السويداء، حميد، بتورط فصيله بانتهاكات واسعة في البلدة، وعلاقته الوطيدة مع راجي فلحوط، قائد مجموعة “قوات الفجر”، المتهم بالارتباط بشعبة “المخابرات العسكرية”، في حكومة دمشق.

وفي مطلع حزيران/يونيو الماضي، شهد ريف السويداء الشرقي، اشتباكات بين “قوات الفجر”، بقيادة راجي فلحوط، وقوات “مكافحة الإرهاب” التابعة لـ”حزب اللواء السوري”، وانتهت بسيطرة قوات الفجر، على مقرات “المكافحة” في خازمة شرقي السويداء، ومقتل قائدها سامر الحكيم، كما اندلعت مواجهات بين عدد من فصائل السويداء، ومجموعة راجي فلحوط، في شهر تموز/يوليو الماضي، وأسفرت سيطرة الفصائل على كامل مقرات مجموعته.

قد يهمك:اشتباكات في السويداء.. توتر أمني جديد؟

لا يبدو أن الوضع الأمني في السويداء سوف يعود للاستقرار قريبا، فملاحقة مجموعات الأمن العسكري، وإيران لم تنته بعد، كما أن الاحتمالات مفتوحة لتصعيد في أي لحظة مناسبة تراها دمشق، للتدخل فيما يجري في المحافظة وذلك للحفاظ على مصالحها، ومصالح الإيرانيين خاصة في العمليات غير القانونية وعلى رأسها تجارة وتهريب المخدرات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.