انخفاضات متتالية شهدتها أسعار الذهب في الآونة الأخيرة، نتيجة لعملية العرض والطلب في الأسواق العالمية، حيث يتم اعتبار الذهب كإحدى السلع في السوق، إلا أنه في سوريا وبشكل مخالف للأسعار العالمية يتم رفع سعره تحت ذرائع مختلفة آخرها، منعا لتهريبه.

التهريب والسوق السوداء

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس الثلاثاء، نقل عن رئيس “الجمعية الحرفية لصياغة الذهب والمجوهرات” في دمشق، غسان جزماتي، أن الجمعية تتعمد الحفاظ على تسعيرة مرتفعة للذهب في سوريا رغم انخفاض سعره عالميا منعا لتهريبه.

وأوضح جزماتي، أن الجمعية تلجأ لجعل سعر الذهب محليا قريبا من أسعار الأسواق المجاورة كي لا يتم تهريبه إليها، أما السعر بالحالة العادية، فهو متعلق بالأسعار العالمية.

وأشار جزماتي، إلى دور سعر الصرف لليرة السورية في عملية التسعير، حيث يتلاعب تجار الأزمة على حد وصفه بأسعار الصرف.

وكان جزماتي، قد أكد في وقت سابق لموقع “الاقتصادي” المحلي، أن الارتفاع الأخير لأسعار الذهب سببه المضاربات على الليرة السورية في السوق السوداء، مبيّنا أنه سينخفض قريبا عندما يتدخل المصرف المركزي .

إقرأ:قفزة جديدة للذهب في سوريا

الذهب والسعر المتقلب

خلال الأشهر الماضية، وخاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، تابع موقع “الحل نت”، التقلبات والتباينات في أسعار الذهب، إذ كان لهذا الغزو آثار وانعكاسات على سوق الذهب العالمي، والذي أدى إلى عدم استقرار في أسعار.

ومن جهة ثانية، يرتبط سعر الذهب عادة بعوامل مختلفة، منها ارتفاع أو انخفاض الدولار، إضافة إلى النزاعات العالمية، والسبب الأهم طرح الذهب أو الدولار في الأسواق، أو سحب أحدهما من قبل البنك الفيدرالي الأميركي الذي يملك الاحتياطي الأكبر من الذهب عالميا.

ويمارس الفيدرالي الأميركي، ما يعرف اقتصاديا بالأسفنجة الأميركية، وهي عملية يتم بموجبها، إما طرح الذهب في الأسواق وسحب الدولار، أو العكس، وذلك لضمان استقرار الاقتصاد الأميركي والدولار عند حدود معينة.

ونتيجة لهذه العوامل، كانت تصدر نشرتا تسعير للذهب في يوم واحد، وخاصة في شهر آذار/ مارس الماضي نتيجة للاضطرابات في الأسواق العالمية.

وقد تأثر سوق الذهب في سوريا بذلك، إذ أصدرت “جمعية الصاغة وصنع المجوهرات في دمشق”، يوم 22 آذار/ مارس الماضي، نشرتي أسعار للذهب بفارق أقل من ساعة، إذ أعلنت صباحا استقرار الغرام عند 210 آلاف ليرة سورية، إلا أنها عادت وأصدرت نشرة جديدة للذهب، خفّضت بموجبها سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطا إلى 206 آلاف ليرة، بينما بلغ سعر الغرام عيار 18 قيراطا 176 ألف و571 ليرة سورية، حسب “الحل نت”.

وتبع ذلك في نيسان/ أبريل الماضي ارتفاع في أسعار الذهب في سوريا، حيث بلغ سعر جرام الذهب عيار 21، 210 ألف ليرة للبيع، و209،500 ليرة للشراء، في حين بلغ سعر عيار 18 قيراط 180 ألف ليرة للجرام الواحد مبيع، و179 ألف للشراء.

وبعد ذلك دخلت أسعار الذهب في مرحلة من الاستقرار بسعر 202000 ليرة سورية للغرام، لتنخفض في نهاية حزيران/يونيو الماضي، حيث سُعّر غرام من الذهب عيار 21 قيراط بقيمة 200،000 ليرة سورية للمبيع، و199500 ليرة سورية للشراء، في حين بلغ سعر الذهب 18-قيراط بقيمة 171429 ليرة سورية للبيع، وفقا لنشرة الأسعار الصادرة عن جمعية الصاغة في دمشق.

قد يهمك:سوريا.. ازدياد الطلب على الذهب في ظل انخفاض أسعاره

الذهب والانكماش الاقتصادي

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فإن الأزمة الاقتصادية العالمية أصبحت الشغل الشاغل للجميع؛ فكل شخص ينتظر بقلق التهديد، الذي قد تجلبه الأشهر المقبلة، ولا أحد يدري متى قد يخرج الاقتصاد العالمي من وحدة الرعاية الحرجة، أو متى تنتهي عملية التعافي من دون مشاكل، ولا شك أن دورة الانحدار الاقتصادي تشكل مرحلة أحدث، وأكثر صعوبة.

وبحسب حديث سابق للخبير الاقتصادي، ماجد الحمصي، لـ”الحل نت”، فإنه على الرغم من أن هذا الأمر غير شائع، أو ربما غير عادي أحيانا، إلا أن المحللين يعتقدون، أن الأزمة الحالية سوف تؤدي حتما إلى الانكماش، وهي مرحلة أصعب من الركود.

وفي أبسط صوره، فإن الانكماش بحسب الحمصي، هو العكس تماما للتضخم، ويشير إلى هبوط حاد في مستويات أسعار المستهلك في أعقاب طفرات التضخم، ومع ذلك، فإلى جانب هذا الانخفاض تأتي معدلات البطالة المرتفعة، ومعدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي المنخفضة، التي قد تتحول إلى سلبية، وانخفاض الإنتاج، وانخفاض دخل الأسرة وقوتها الشرائية، وانخفاض كبير في نسبة السيولة في الاقتصاد.

لذلك فإن الإقبال على المدّخرات الفردية من الذهب، يعمل على تعجيل الركود، والانكماش على نحو غير مسبوق، ويقلّل من فرص النمو، والاستثمار على النحو الذي يلتهم السيولة، ويخفض الإنفاق على المشاريع الجديدة، ويكسب مئات المليارات من الدولارات لفترة طويلة من الزمن، دون أن ينتج أي فوائد حقيقية سواء لمالكي تلك المدّخرات، أو للمجتمع.

وأشار الحمصي، إلى أن أفضل استثمار لمن لديه مدخرات ذهبية، هو إيداعها في البنوك كشهادات استثمار قصيرة، أو متوسطة الأجل، أو يستثمرها في مشروع صغير، أو متوسط يخلق فرص عمل، ويحقق ربحا ويلبي الطلب على السلع المستوردة، ويتطور إلى نوعية جيدة منتجة محليا بنوعية مقبولة ويحفّز النمو الاقتصادي.

يذكر أن أسعار الذهب عالميا قد تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ شهر بعد أن أدى استمرار جيروم بأول، رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي في تشديد السياسة النقدية بهدف خفض التضخم إلى تراجع جاذبية الذهب وصعود الدولار.

إقرأ:تقلب أسعار الذهب في سوريا خلال يوم واحد

وفي سوريا، استقر سعر الذهب يوم أمس الثلاثاء، عند سعر 215 ألف ليرة للغرام من عيار 21 للمبيع، و214500 ليرة للشراء، بينما بلغ سعر الغرام من عيار 18 مبيع 184286 ليرة وشراء 183786 ليرة سورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.