الأول من كل شهر في سوريا، يعد موعدا لسباق ماراثوني، حيث يندفع الموظفون في شوارع دمشق، بحثا عن ماكينة صراف آلي (أي تي إم) تعمل، إذ أصبحت أجهزة الصراف الآلي المتوقفة عن العمل هاجسا للموظفين كل شهر، لأنهم يجدون معظمها -أجهزة الصراف الآلي- إما خارج الخدمة، أو فارغة مما يضطرهم للبحث عن أجهزة صراف آلي شغالة، وهذا ما يكلفهم حتما أجور مادية إضافية للتنقل، خاصة وأن أجور المواصلات مرتفعة مقارنة برواتب الموظفين.

بسبب انقطاع الكهرباء

موظفو القطاع الحكومي يعانون بداية كل شهر، من الانتظار طويلا والبحث عن صراف آلي يمكنهم من خلاله قبض رواتبهم، وخلال جولة في شوارع العاصمة دمشق، يوم أمس الثلاثاء تبيّن أن معظم الصرافات الآلية في المزة، وشارع 29 أيار، والقصاع، وساحة المحافظة، والبرامكة كانت خارج الخدمة، أو خالية من النقود، وفق ما نقله موقع “أثر برس” المحلي، اليوم الأربعاء.

ووفق الموقع المحلي، فقد كان هناك ازدحاما كبيرا أمام أحد الصرافات الآلية في منطقة المزة، ليتحدث أبو محمد بقوله: “لا تنتظروا ستنفد الكمية الموضوعة في الصّراف قبل أن يحين دوركم”، مشيرا إلى أنه يأتي صباحا وبموعد وصل التيار الكهربائي كون منزله قريب لكن دون فائدة.

من جانبه، أمجد (عسكري)، أفاد للموقع المحلي أن عبارة “خارج الخدمة” موجودة على أغلب الصرافات لأنها تحتاج إلى كهرباء والكهرباء تنقطع لفترات طويلة، وتغيب معها شبكة الاتصالات، مشيرا إلى أن الوضع ليس جديدا، متسائلا: “كم من الوقت سننتظر بعد لحل تلك المشكلة التي نعاني منها منذ سنوات؟”.

المشكلة منذ 10 سنوات

في المقابل، أوضح مصدر في المصرف التجاري السوري، أن المشكلة مكررة منذ 10 سنوات تقريبا، وتعود لنفس الأسباب القديمة والتي تتمثل بانقطاع التيار الكهربائي الذي يتسبب بخروج كثير من الصرافات عن العمل، والشبكة التي يجري تغذيتها عبر خط مباشر من المقسم أو عبر جي 3، وفي حال انقطاع التيار الكهربائي في إحدى النقاط المغذية تُفقد الشبكة، لذلك يمكن أن يكون الصّراف مُغذّى بالكهرباء دون توفر الشبكة.

وأشار المصدر ذاته إلى أن مشكلة تحول دون تقديم الصرافات الخدمة بشكل أفضل، وهي عدم وجود قطع تبديل للصرافات المعطلة نتيجة العقوبات الدولية، وعدم قبول الشركة صيانتها.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد، قد أصدر قبل عدة أيام منحة مالية لمرة واحدة بمبلغ مقطوع قدره 100 ألف ليرة سورية معفاة من ضريبة دخل الرواتب، والأجور وأية اقتطاعات أخرى، الأمر الذي أدى إلى ازدحام الناس على الصرافات الآلية.

قد يهمك: حكومة رقمية في سوريا.. ما احتمالات ذلك؟

نصف الراتب أجورا للمواصلات

ضمن استمرار هذه المشكلة، تحدث أحد الموظفين في وقت سابق لوسائل الإعلام المحلية ممن حاول جاهدا العثور على صراف آلي لاستلام راتبه: “مشكلة الصرافات الخارجة عن الخدمة ليست جديدة، لكن نستغرب كيف تخرج معظمها عن الخدمة بوقت واحد دون أن يتم إصلاح الأعطال، فمثلا هناك صرافات في المزة فيلات غربية متوقفة عن العمل منذ ما يقارب السنة”.

وأشارت العديد من التقارير المحلية في وقت سابق، إلى أن معظم الصّرافات في دمشق خارج الخدمة، وأن الموظفين يدفعون نصف الراتب مقابل المواصلات بحثا عن صراف يعمل، وهذه المشكلة قديمة ولم يتم حلها بعد من قبل الجهات المعنية.

وفي وقت سابق، قال مدير أحد البنوك لصحيفة “الوطن” المحلية، إنه بسبب تقنين الطاقة، يتم إغلاق العديد من أجهزة الصراف الآلي، مما يدفع بعض البنوك إلى إعادة توزيع أجهزة الصّراف الآلي الخاصة بها وتجميعها في مناطق محددة، مثل البنك العقاري ركب 33 صرافا في صالة المصرف بمقر الإدارة في ساحة المحافظة.

وكذلك قضية ندرة المركبات لنقل الأموال، ويتم استبدالها بطريقة محفوفة بالمخاطر للأموال من خلال السيارات العامة أو سيارات بعض المديرين، وأحيانا بالدراجات النارية. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشكلة الأخيرة، هي قلة الكوادر البشرية العاملة في تغذية وصيانة وتشغيل أجهزة الصراف الآلي.

وفيما يتعلق بالحل، أوضحت الصحيفة المحلية، أنه لا بد من ربط جميع أجهزة الصراف الآلي التي يمكن الوصول إليها في البنوك (العامة والخاصة)، ويجب أن تكون مرتبطة عبر محولة وطنية، مما يمكن لحاملي البطاقات من استخدام أي جهاز صرّاف آلي بالقرب منهم أو متاح لهم.

وإذا لم يكن ذلك ممكنا، يجب أن الاعتماد على الطاقة المتجددة لتشغيل أجهزة الصّراف الآلي، لا سيما في المناطق المزدحمة، وتدريب جزء من القوى العاملة في القطاع المصرفي على كيفية استخدام أجهزة الصّراف الآلي وكيفية الترويج لثقافة الدفع الإلكتروني.

وفي حزيران/يونيو 2021، أصدر بنك الأردن – سوريا، بيانا أفاد فيه بأنه تم إيقاف خدمات الصرافات الآلية والبطاقات التابعة للبنك كجزء من القطاع المصرفي بسبب قيام شركة بتقديم هذه الخدمات في لبنان. وأوضح البيان، أن “العمل جار عبر مصرف سوريا المركزي وبالتعاون مع كافة البنوك لإيجاد حل لهذا الوضع”.

ولأسباب فنية خارجة عن سيطرة البنك، صرّح بنك “البركة” قسم سوريا، أيضا أن جميع أجهزة الصّراف الآلي التابعة له لن تكون متاحة حتى إشعار آخر.

الجدير ذكره، أنه توقفت جميع البنوك الخاصة التي تتعامل مع منظمة “سي إس سي” اللبنانية فجأة، والتي تزود أجهزة الصرف الآلي والبطاقات الخاصة بها، بالإضافة إلى خدمات الدفع الإلكتروني عن العمل مع البنوك السورية بشكل مفاجئ، دون أي تفسير من البنك المركزي السوري.

وعلاوة على ذلك، حددت معظم الدول التعامل مع النقد تقريبا، حيث انخفض معدل التعامل معه في بعض البلدان إلى 2 بالمئة، في حين ما يزال التعامل بالكاش في سوريا قائما، ويقوم معظم السكان بسحب المبلغ بالكامل نقدا من أجهزة الصّراف الآلي.

يشار إلى أن حجم سحوبات المتعاملين مع المصرف التجاري السوري من الصرافات الآلية في كل المحافظات تجاوز 23 مليار ليرة سورية، بعدد حركات كلية تقدر بنحو 350 ألف حركة.

قد يهمك: “المركزي” السوري يحدد موعد تشغيل خدمة “الدفع الإلكتروني”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.