مشهد معقد في لبنان يتمثل بكيفية حسم الصراع على رئاسة الجمهورية، خاصة مع تعدد الأسماء، ومع المنافسة الحادة بين 2 منها على الأقل وهما جبران باسيل وسمير جعجع، فيما قد يدفع صراعهما بدخول سليمان فرنجية لقصر بعبدا.

الصراع الشرس بات علنيا اليوم، بعد أن شن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أول أمس الأحد، هجوما لاذعا ضد باسيل وعهد رئيس الجمهورية ميشال عون من دون ترك أي سبيل قد يمهد لتقاربهما لاحقا.

جعجع وبحسب تقرير لموقع “لبنان 24″، قطع أي تواصل بينه وبين رئيس “التيار الوطني الحر”، باسيل، معلنا إياها بالمباشر: “لا لجبران ولا لأي رئيس يرتبط به”. 

في المقابل، يتحضر باسيل لشنّ معركة سياسية مضادة، غير آن معركة جعجع أكثر قوة من تلك التي يخوضها باسيل لأسباب عديدة، بحسب التقرير.

أول الأسباب، هو أن رئيس “القوات” لا يستعدي كل الأطراف خصوصا المنضوية تحت لواء المعارضة، بينما ليس لدى باسيل “مونة” على ما تبقى لديه من حلفاء وتحديدا “الصقور” الذين غيبتهم الانتخابات النيابية.

فرنجية يستغل الصراع؟

الأمر الآخر، ما زالت لدى “القوات” قدرة على استمالة جبهات نيابية مسيحية إليها، مثل “الكتائب اللبنانية” والنواب الذين يتمتعون باستقلالية، بعيدا عن أجواء “الوطني الحر”.

كما تمكن جعجع من استقطاب بعض النوّاب السنّة معه، وهو أمر شكّل علامة سياسية لم يحظَ بها باسيل هذه المرّة، إذ ما من دعمٍ سني نيابي واضحٍ له في البرلمان الجديد.

أما باسيل فهو يتحرك على هدفين: الأول وهو إقصاء جعجع من الوصول لقصر بعبدا، والثاني تكريس نفسه كـ”صانع للرؤساء”.

إذ يحاول رئيس “الوطني الحر” إيصال الأفرقاء السياسيين إلى مرحلةٍ تُصبح فيها معركة الرئاسة مرتبطة بأمرين أساسيين فقط: الأول وهو جعلها مسيحية بامتياز، في حين أن الأمر الثاني يتعلق بالجهة المسيحية التي ستحظى بتأييد حلفاء لها داخل المجلس النيابي بشكل يجعلها تطغى على غيرها عدديا.

تلك المعادلة السياسية إن كُرست، فإن باسيل قد يكسب الرهان أمام جعجع حتى وإن لم يصل إلى بعبدا، في وقت لا يلقى جعجع أيضا القبول العام كرئيسٍ للجمهورية.

في هذه الحالة، قد تدخل شخصية وسطية رئاسية أخرى على الخط وقد تحظى باستقطاب الجميع، وبإمكانها جذب كتلة نيابية وازنة إليها تمكنها من اكتساب أصوات الثلثين في مجلس النواب، وهنا، سيكون الأمر مرتبطا برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.

باسيل ومعركة التوريث

لبنان يخوض تحديات متواصلة منذ الانتخابات الأخيرة في أيار/ مايو الماضي، نتيجة عدم تشكيل حكومة جديدة حتى الآن، يضاف لها عدم الاتفاق بعد على رئيس جديد للجمهورية، مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وضرورة انتخاب بديل له قبل نهاية المهل الدستورية.

https://twitter.com/lb10452_km/status/1567031583344934912?t=C_KuS-S4zNdVf55XFpfI6g&s=19

ولا تفصل البلاد سوى أيام معدودة عن موعد بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية؛ لأن ولاية الرئيس الحالي تنتهي مع نهاية تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وحينها ستدخل البلاد في فراغ بمنصب الرئاسة ما لم يتم اختيار رئيس جديد للبنان.

كما أن تحدي اختيار رئيس جديد للبلاد، يرافقه وجود تحدي تشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة تصريف الأعمال، التي يترأسها نجيب ميقاتي، المكلف بتشكيل حكومة جديدة في أواخر حزيران/ يونيو المنصرم، لكنه لم ينجح بعد بتشكيلها، نتيجة الصراعات السياسية على شكل الكابينة الوزارية.

تكمن ضراوة الخلافات على تشكيل حكومة جديدة بين المكلف ميقاتي ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الذي يطالب بتوسعة الكابينة الوزارية لتشمل 30 وزيرا بدلا من 24 وزيرا، في وقت يرفض ميقاتي تلك التوسعة.

مع أزمة الحكومة المقبلة، لا تقل أزمة رئاسة الجمهورية الحالية عن حدتها؛ بسبب عدم الاتفاق على مرشح توافقي للرئاسة، خصوصا مع تعدد الأسماء المطروحة، آخرها ترشح سفيرة لبنان السابقة لدى الأردن، ترايسي شمعون، حفيدة الرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون، للسباق الرئاسي.

ويخوض رئيس “التيار الوطني الحر” اللبناني، جبران باسيل، في الخفاء والعلن معركة التوريث الرئاسية التي تقف على أعتابها لبنان، ويصارع لتوزيره أيضا؛ في حال فشله بالوصول لقصر بعبدا.

شلل مقبل؟

باسيل متزوج من شانتال ابنة الرئيس اللبناني الحالي عون، الذي يسعى لتذليل العقبات أمام صهره لقبول الأحزاب الحليفة تزكيته للمنصب المخصص للمسيحيين المارونيين.

كذلك يتم طرح اسم رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، كمرشح لرئاسة الجمهورية المقبلة، خاصة وأن رئيس “حركة أمل” نبيه بري، عبر عن دعمه لفرنجية في انتخابات 2016، قبل أن يحسم “حزب الله” الأمر لصالح عون، إلا أن محللين يؤكدون أن هذا السيناريو لن يعاد في الانتخابات الرئاسية المرتقبة لصالح جبران باسيل.

وفي انتخابات 2016، انتخب “حزب الله” ميشال عون رغم أن حليفته الشيعية “حركة أمل” رفضته ودفعت باتجاه انتخاب فرنجية رئيسا للبنان، لكن “حزب الله” استطاع في نهاية المطاف تمرير رؤيته للشخص الأقدر على تأمين مصالحه في ذلك الوقت.

وتتوزّع الرئاسات الثلاث في لبنان على قاعدة طائفية، عبر منح رئاسة الجمهورية للموارنة من المسيحيين، ورئاسة مجلس النواب للشيعة، ورئاسة مجلس الوزراء للسنة.

وانتخب الرئيس الحالي ميشال عون في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 رئيسا للجمهورية بعد عامين ونصف من شغور المنصب، بدعم من “حزب الله”، القوة السياسية والعسكرية النافذة في البلاد، في إطار تسوية سياسية بين أبرز زعماء الطوائف.

ومن شأن الوضع في لبنان الغارق منذ 3 سنوات في انهيار اقتصادي غير مسبوق، أن يتدهور أكثر في حال حصول شغور في منصب رئاسة الجمهورية مجددا، كون ذلك سيزيد من شلل المؤسسات الرسمية المنهكة أساسا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.