ليس بالأمر الغريب أن تتقلص حظوظ شخصية ما لأي منصب سياسي في العراق لتصعد بدلا عنها حظوظ شخصية أخرى، ثم يحدث العكس تماما. هذا أمر طبيعي في السياسة العراقية منذ 2003 وإلى اليوم.

الجديد اليوم، هو طرح اسم محافظ البصرة، أسعد العيداني، كمرشح محتمل لرئاسة حكومة العراق، وارتفاع حظوظه بعد أن تلاشت قبل شهرين من الآن، فهل سيكون البديل عن المرشح الحالي، محمد شياع السوداني؟

احتمالية سحب ترشيح شياع السوداني واردة جدا، خاصة بعد أن لمّح لها زعيم ميليشيا “العصائب”، قيس الخزعلي، نهاية الأسبوع الماضي في لقاء متلفز، إن كانت الأزمة السياسية بين “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران و”التيار الصدري”، ستنتهي بتغييره.

لماذا العيداني؟

لماذا طرح اسم أسعد العيداني دون غيره؟ لآنه مقرب من زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر أولا، وله علاقات وطيدة بقوى “الإطار” ثانيا، وسياسته ليست عدائية لا مع الداخل ولا الخارج، بحسب المحلل السياسي، غالب الدعمي.

أسعد العيداني

الدعمي يقول لـ “الحل نت”، إن “الإطار” في النهاية سيقوم بتغيير شياع السوداني؛ بسبب فيتو مقتدى الصدر عليه، لكنه يستخدمه ورقة ضغط حتى الآن ضد الصدر، لجعله يتنازل عن تمسكه بالتجديد لمصطفى الكاظمي، في رئاسة حكومة ثاتية.

ما أن يتنازل الصدر عن تمسكه برئيس حكومة تصريف الأعمال الحالية، وقتها سيسحب “الإطار” مرشحه السوداني بلا تردد، ليتم التوجه لاختيار البديل، وهنا ستكون حظوظ العيداني وفيرة، لكن ذلك يتطلب تنازل بعض “الإطار” له، وفق الدعمي.

أغلبية “الإطار” لا مشكلة لها مع العيداني؛ غير أن أحد قيادات “الإطار” ضمن اليمين المتطرف، ترفضه لقربه من الصدر، ولخصومة ذلك القيادي المعروفة مع زعيم “الكتلة الصدرية”، فيرفض ترشيحه؛ كي لا يتم اعتبار أنه قد خسر لصالح الصدر، بحسب الدعمي.

لم يُشر الدعمي بوضوح لتلك الشخصية، لكن الواقع السياسي العراقي يقول، إن هناك شخصية واحدة في “الإطار” لها فطيعة وخصومة شخصية تمتد لأكثر من عقد من الزمن مع مقتدى الصدر، وهو زعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي.

المصلحة العامة قد تقضي بدفع معظم قيادات “الإطار” نحو ترشيح العيداني، ولو لم يقتنع ذلك القيادي به، بحسب الدعمي، مستدركا، لكن ترشيح العيداني، لن يتم قبل أخذ ضمانة من الصدر بعدم التصعيد في الشارع من قبل الجمهور الصدري.

تظاهرات مقبلة؟

الصدريون يستعدون مع التشرينيين للخروج بتظاهرات كبرى في بغداد في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، رفضا لأي حكومة إطارية؛ لأنها ستسلم العراق بحسبهم إلى طهران بشكل كلي، وبالتالي مصير مشابه للدول التي تقودها إيران.

واشتدّت وتيرة الأزمة السياسية العراقية، في 30 تموز/ يوليو الماضي، عندما اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

العاصمة العراقية بغداد، شهدت في 29 آب/ أغسطس الماضي، تصعيدا صدريا على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام آنصاره لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

مقتدى الصدر ومصطفى الكاظمي

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل 29 آب/ أغسطس، وحتى ظهر 30 آب/ أغسطس، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

جراء العنف المسلح، سقط 40 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

استمرار الانسداد

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.