ما لبثت عطلة الزيارة الأربعينية أن انتهت، حتى بدت ملاح انفراج الأزمة السياسية العراقية تلوح في الأفق، بحسب مراقبين، أخر تلك البوادر، إعلان زعيم حركة “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي المنضوية في تحالف “الإطار التنسيقي”، استعداد مرشحهم بالانسحاب من سباق رئاسة الحكومة.

تلويحات الخزعلي التي تهدف بحسبه إلى حل الأزمة السياسية بين “الإطار” و”التيار الصدري”، لاسيما بعد تداول معلومات عن استعداد زعيم “التيار” مقتدى الصدر إلى خوض جولة من التفاوض، بعد إعلان اعتزاله العمل السياسي.

الخزعلي قال اليوم الجمعة في تصريحات صحفية، إن “المشكلة في البلاد الآن لا تتعلق بشكل خاص بمرشح قوى الإطار التنسيقي”، مضيفا أن “السوداني، هو مرشح قوى الإطار بشكل واضح، وفي حال قدم الآخرون، اعتراضا معتبرا على السوداني، وأن الحلول ستكون باعتذاره، فإن ذلك السوداني هو من سينسحب”.

وأكد أن “الإطار منفتح تماما على ما يريده التيار ولا يريد إقصاء الطرف الآخر ومستعد للاستجابة مع جميع المطالب المنطقية”، مبينا أن “التيار بقرارهم اعتزلوا البرلمان ومن الطبيعي أن اعتزال البرلمان يعني عدم التمثيل بالحكومة”، مشيرا إلى أنه “لا يمكن إعادة عقارب الساعة في إعادة نواب الكتلة الصدرية إلى البرلمان ومن أجل عودة نواب الكتلة الصدرية لا يوجد حل غير الانتخابات المبكرة”.

أمين عام “عصائب أهل الحق” أضاف، أن “غالبية قوى الإطار الشيعي ليسوا مع الانتخابات المبكرة وما زلت أعتقد أن الحل في الانتخابات المبكرة “، مشيرا إلى أن “كل قوى الإطار الآن موافقة على الانتخابات المبكرة من أجل إرضاء الإخوة في التيار ولن نتدخل في موعد الانتخابات المبكرة والقضية متروكة إلى الأمور الفنية”.

وتابع، أن “الإطار على استعداد لأن يشارك التيار في الحكومة على مقدار الكتلة الصدرية التي استقالت، وإن كان التيار يريد العودة للبرلمان فتوجد انتخابات مبكرة وإن كان يريد المشاركة بالحكومة فالإطار مرحب”.

فيما أشار إلى أن “الإطار مستعد لأن يعطي نصف استحقاق المكون الشيعي إلى التيار الصدري للمشاركة”، كما توقع أن “محمد شياع السوداني مستعد للتنازل إذا كان الحل باعتذاره”.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. 3 خيارات للصدر أمام حكومة “الإطار” المقبلة

حكومة عراقية مستقرة بموافقة “التيار الصدري”

الخزعلي تساءل، أنه “إذا أخذ رأي التيار في شخص رئيس الوزراء هل سيتحملون معنا مسؤولية الحكومة ونجاحها؟”، لافتا إلى أنه “إذا كان التيار يريد إعطاء رأيه في شخص رئيس الوزراء فيجب أن يكون مقابل الالتزام باستقرار الحكومة، رغم أن الإطار قادر على تشكيل الحكومة ولكن يريد تشكيل حكومة مستقرة”.

وأوضح الخزعلي، أنه “إذا كان التيار غير مقتنع بالحكومة حسب وجهة نظرهم فإن الحكومة لن تستقر، وتأخير تشكيل الحكومة متوقف على الرسائل التي ترسل إلى التيار بشأن مطالبهم، أي شيء يريده التيار فإن الإطار سيكون متجاوبا ويناقشه بشكل موضوعي”.

واستدرك، أن “الإطار بعد نقاش طرح محمد شياع السوداني ومن الطبيعي التمسك بالمرشح، وكل الإطار منفتح على مناقشة تغيير مرشح رئيس الوزراء بما فيهم السوداني مقابل التزام الطرف المعترض”.

وأردف بالقول، أن “المرشح الذي طرحه الإطار الشيعي جيد ومستعدون للاستماع إلى الاعتراضات، وكل الإطار بالإجماع موافق على الانتخابات المبكرة بغض النظر عن التوقيت”.

بالمقابل، تستعد لجنة ثلاثية مكونة من “الإطار” والكرد والسنة، لزيارة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، لإقناعه بالعدول عن قرار الانسحاب من العملية السياسية، والعودة إلى الحوار، للتوصل إلى تفاهمات حول تشكيل الحكومة.

إشارات، يرى المهتم بالشأن السياسي كرار الموسوي، أنها “توحي إلى أن هناك تقارب ما بين أطراف الأزمة، وأن اللجنة التفاوضية توصلت إلى شيء من التفاهم”، مشيرا إلى “المعلومات تتحدث عن التوصل إلى شبه اتفاق مبدئي يرضي جميع الأطراف”.

الموسوي قال في حديث لموقع “الحل نت”، إن “مع بداية الشهر المقبل، قد تتضح الصورة بشكل أكثر، خاصة مع اقتراب العام الحالي من الانتهاء دون إقرار الموازنة، ما يشكل تهديدا جديدا لكل القوى السياسية في حال حدوث أزمة اقتصادية ستتحمل مسؤوليتها”.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. شياع السوداني ورقة “الإطار” ضد الصدر؟

حلول قريبة

كما أضاف، أن “الحل يمكن أن يتضمن الاتفاق على موعد لإجراء انتخابات مكبرة، وحل البرلمان وهي المطالب التي يرفعها التيار الصدري، لكن يبقى الاختلاف حول عن من سيقود تلك المرحلة، خاصة مع إصرار الإطار على استبدال الكاظمي”.

واستدرك، أن “الكاظمي قد يمثل أبرز أوجه اختلاف المرحلة القادمة، وهذا واضح من حديث الخزعلي الأخير، الذي يمكن الفهم من خلاله أنهم مستعدون لكل شروط الصدر، باستثناء أن يكون الكاظمي على رأس المرحلة القادمة”.

واشتدّت وتيرة الأزمة السياسية العراقية، في 30 تموز/ يوليو الماضي، عندما اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

العاصمة العراقية بغداد، شهدت في 29 آب/ أغسطس الماضي، تصعيدا صدريا على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام أنصاره لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل 29 آب/ أغسطس، وحتى ظهر 30 آب/ أغسطس، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

جراء العنف المسلح، سقط 40 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الجمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

سياق الأزمة

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

اقرأ/ي أيضا: تفكّك “الإطار التنسيقي” في العراق؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.