5 جولات من الحوار السعودي الإيراني الذي تضيّفه العاصمة العراقية بغداد قد انتهت، والنتائج إيجابية بالمجمل، لكن تأكيدها ينقصه تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران بشكل رسمي، وهذا على ما يبدو سيحدث في الجولة القادمة أو التي تليها.

وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، قال نهاية الأسبوع الماضي أمام الأمم المتحدة، إن الجولة الخامسة من الحوار السعودي الإيراني في بغداد انتهت، وأشار إلى نتائج إيجابية جدا، دون أن يذكر تفاصيل إضافية، لكن السؤال المطروح، هو ما تأثير ذلك الحوار على المنطقة؟

التأثير إيجابي بالمجمل، إذ سيجلب الأمن والاستقرار للمنطقة عموما وللعراق الراعي للحوار بشكل خاص، بحسب حديث أستاذ العلاقات العامة الدولية في جامعة بغداد، علاء مصطفى، مع “الحل نت”.

عراق آمن

وجود العراق بين دولتين على خصام أثّر عليه بالسلب أمنيا واقتصاديا، وتصالحهما، سيجلب له الأمن أولا، وسيوفر له بيئة اقتصادية جيدة، عبر الاستثمارات السعودية والإيرانية التي هو بأمس الحاجة لها، وفق مصطفى.

كان من المفترض أن تعقد الجولة السادسة من الحوار السعودي الإيراني في نهاية تموز/ يوليو المنصرم، لكن تداعيات الأزمة السياسية العراقية والتظاهرات في المنطقة الخضراء الحكومية، دفعت لتأجيل الحوار بطلب من طهران والرياض.

بحسب وسائل إعلام متعددة، فإن الجولة السادسة من الحوار عندما تعقد، فإنها ستنعقد بحضور وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، ونظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان.

يقول علاء مصطفى، إن الجولات الماضية من الحوار أسفرت عن تقارب ملموس بين السعودية وإيران، انعكس حتى على لهجة الخطاب بين الدولتين، وعلى دول أخرى في المنطقة مثل سوريا واليمن.

كان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وصف في لقاء تلفزيوني سابق، إيران بالدولة الجارة والشقيقة، وأنه من المصلحة امتلاك علاقة جيدة معها، وفي سياق مشابه كانت طهران قد تحدثت عن الرياض بذات الأمر.

الجو العالمي عجّلَ التقارب

بحسب علاء مصطفى، فإنه من نتائج التقارب بين طهران والرياض هو التهدئة في اليمن، إثر جولات الحوار في بغداد وسلطنة عمان، ناهيك عن تغير الخطاب السعودي إزاء دمشق، فضلا عن تراجع حدة الخطاب التحريضي ضد الرياض في العراق.

مصطفى يردف، أن الجولة السادسة حين انعقادها بحضور وزيري خارجية إيران والسعودية، فإن ذلك يعني انتقال الحوار من مستوى السفراء إلى أعلى مستوى تمثيلي من البلدين، وعندها ستكون هناك مواثيق ستُوقّع وتُعلن، ويتم التطبيع، وبالتالي التهدئة في المنطقة.

توجد قطيعة دبلوماسية بين طهران والرياض منذ عام 2017، أي منذ 5 أعوام، عندما طردت الرياض سفير طهران من أرضها بعد تظاهرات إيرانية عند سفارة السعودية في طهران، أسفرت عن اقتحامها، احتجاجا على مقتل رجل دين شيعي في السعودية.

عقدت أول جولة من الحوار السعودي الإيراني في العاصمة العراقية بغداد، في شهر نيسان/ أبريل عام 2021، وكانت سرية قبل أن يكشف عنها الإعلام الغربي لاحقا، فيما عقدت الجولة الخامسة في نيسان/ أبريل من هذا العام.

العراق ليس وحده من لعب الدور في توفير التقارب السعودي الإيراني، بل الجو العالمي عجّل في تقريبه، لا سيما مع أزمة الطاقة العالمية، خصوصا وأن المجتمع الدولي بحاجة للنفط من منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك نفط طهران إن حصل الاتفاق النووي، وفق علاء مصطفى.

تصفير الأزمة

العالم يعاني من أزمة فعلية بملف الطاقة، نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا وانقطاع توريد مصادر الطاقة الروسية نحو أوروبا، لعزل موسكو اقتصاديا وإرغامها على الانسحاب من كييف، وعودتها إلى حدودها وإعلان نهاية الحرب المستمرة.

المجتمع الدولي دفع لتصفير الأزمة بين السعودية وإيران عبر بغداد؛ لأن المنطقة بلا أزمات ستكون أفضل بكثير، خاصة وأن الشرق الأوسط هو خزان الطاقة العالمية بشقيه، النفط والغاز، وهما ما يحتاجهما العالم اليوم أكثر من أي وقت، على حد قول علاء مصطفى.

الجانبان السعودي والإيراني، عقدا جولة المحادثات الخامسة بمشاركة مسؤولين عراقيين وعمانيين رفيعي المستوى، “ولعبوا دورا مهما في ترتيب اجتماعات مشتركة بين الطرفين”، وفق الإعلام الإيراني.

شارك في الجولة الخامسة، مسؤولون رفيعو المستوى من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ورئيس جهاز الاستخبارات السعودية، بوصفهم ممثلين عن البلدين، وكانت الأجواء إيجابية وشكلت خطوة نحو استئناف العلاقات الثنائية رسميا.

كانت أول 4 جولات من المباحثات المباشرة التي استضافتها بغداد بين مسؤولين من السعودية وإيران، تركزت على النقاط الخلافية بين الطرفين، وأبرزها الحرب على اليمن والبرنامج النووي الإيراني.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة