واقعيا، فإن “الحزب الجمهوري” حسم مسألة الحصول على الأغلبية في مجلس النواب الأميركي في الانتخابات النصفية بنسبة 95 بالمئة، إلا أن حظوظه في السيطرة على أغلبية “مجلس الشيوخ”، لا تزال معلقة بنتائج الانتخابات في 3 ولايات، هي أريزونا ونيفادا وجورجيا، فما هي سيناريوهات حسم الأغلبية داخل “الكونغرس”.

الحزب الذي تؤول له الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، يقود اللجان المهمة في هذه المؤسسة التشريعية، وتتحدد قدرة الرئيس الأميركي على إنجاز أجندته السياسية اعتمادا على سيطرة حزبه على “الكونغرس” بمجلسيه، وتتغير هذه القدرة إذا خسر أحد المجلسَين، وتنحسر قدرته بصورة شبه كاملة إذا خسر أغلبية المجلسَين.

أعضاء مجلس النواب يتم انتخابهم لمدة عامين، لذلك يتم خوض الانتخابات في كل مقاعد المجلس البالغ عددها 435 مقعدا خلال انتخابات التجديد النصفي، في حين يتم انتخاب ثلث أعضاء مجلس الشيوخ المئة (35 مقعدا) في الانتخابات النصفية كل عامين.

سيناريوهات الحسم

الجمهوريون اقتربوا من انتزاع السيطرة على مجلس النواب من الديمقراطيين، مع نيلهم لغاية الآن 210 مقاعد، وبالتالي باتوا بحاجة إلى 8 مقاعد فقط من أجل ضمان الأغلبية في المجلس المكون من 435 مقعدا.

فيما يخص الديمقراطيين، فقد ضمنوا لغاية اليوم 185 مقعدا في مجلس النواب، وهذا يعني أن وضعهم أصعب من نظرائهم الجمهوريين، على اعتبار أنهم بحاجة إلى 33 مقعدا، وفق تقرير لموقع “الحرة”.

“مجلس الشيوخ” ينقسم حاليا بنسبة 50/50 بين الحزبين “الجمهوري” و”الديمقراطي”، لكن الأخير يملك الأغلبية من خلال امتلاك نائبة الرئيس كامالا هاريس حق “كسر التعادل في التصويت”، بوصفها رئيسة مجلس الشيوخ.

حتى الآن تشير البيانات التي أوردتها وكالة “أسوشيتد برس”، إلى أن الجمهوريين حصدوا 48 مقعدا في “مجلس الشيوخ” مقابل 46 للديمقراطيين، مع الأخذ بالاعتبار حتمية فوزهم بمقعد آخر في ولاية ألاسكا، التي تتنافس فيها مرشحتان جمهوريتان.

بذلك يرتفع عدد مقاعد الجمهوريين إلى 49 مقعدا، وهذا يعني أنهم بحاجة لمقعدين إضافيين من أجل نيل الأغلبية وبالتالي السيطرة على “الكونغرس” بشكل كامل بشقيه “النواب والشيوخ”.

بالنسبة لولايتي نيفادا وأريزونا، لا يزال الوقت مبكرا لإعلان الفائزين في ظل المنافسة المحمومة بين الجمهوريين والديمقراطيين على نيل مقعدين في “مجلس الشيوخ”، مع وجود آلاف الأصوات غير المحسوبة التي قد يستغرق فرزها أياما.

في أريزونا تشير النتائج لغاية الآن لتقدم المرشح الديمقراطي مارك كيلي بنسبة 51.4 بالمئة على منافسه الجمهوري بليك ماسترز، الذي حصد نسبة 46.4 بالمئة، بعد فرز نحو 70 بالمئة من عدد الأصوات، حسب “أسوشيتد برس”.

نيفادا تشهد تقدما للمرشح الجمهوري آدم لاكسالت بنسبة 49.9 بالمئة على منافسته السناتورة الديمقراطية كاثرين كورتيز ماستو، التي لديها نسبة 47.6 بالمئة بعد فرز ما يقرب من 83 بالمئة من عدد الأصوات.

جورجيا هي الفيصل؟

في جورجيا تقرر إجراء جولة إعادة في 6 كانون الأول/ديسمبر المقبل للتنافس على مقعدها في “مجلس الشيوخ”، إذ لم يحصل المرشح الديمقراطي والسناتور الحالي رافاييل وارنوك، سوى نسبة 49.4 بالمئة، ولا الجمهوري هيرشل واكر، الذي نال نسبة 48.5 بالمئة، على نسبة 50 بالمئة اللازمة لتجنب الإعادة.

عمليا، في حال حسم الجمهوريون ولايتي نيفادا وأريزونا، فهذا يعني وصولهم “للرقم السحري” بحصولهم على 51 مقعدا في “مجلس الشيوخ”، وضمان الأغلبية بغض النظر عن النتيجة في جورجيا.

على الجانب الآخر، يحتاج الديمقراطيين للفوز أيضا بولايتين من الثلاث المتبقية، بما فيها جورجيا، من أجل الوصول لرقمهم السحري البالغ 50 مقعدا، والتعادل مع الجمهوريين في مجلس الشيوخ.

قوانين “مجلس الشيوخ” الأميركي، تنص على أنه في حال التعادل في الأصوات، فإن نائب الرئيس هو من يحسم النزاع. وحاليا تشغل الديمقراطية كامالا هاريس هذا المنصب.

في حال فوز الجمهوريين بولاية نيفادا، والديمقراطيين بولاية أريزونا، فهذا يعني أن الحسم سيتأخر لنحو شهر تقريبا، لحين إجراء انتخابات الإعادة في ولاية جورجيا.

رغم تحقيق الديمقراطيين أداء أفضل من المتوقع وتجنبهم “موجة حمراء” من الجمهوريين، إلا أنه حتى الأغلبية الضئيلة في مجلس النواب ستسمح للجمهوريين بالتضييق على الرئيس الديمقراطي جو بايدن خلال العامين المقبلين، بعرقلة التشريعات وإطلاق تحقيقات قد تكون مضرة سياسيا.

النتائج تشير، إلى أن الناخبين يعاقبون بايدن بسبب الاقتصاد الذي يعاني من التضخم الحاد، بينما يعارضون أيضا مساعي الجمهوريين لحظر الإجهاض وإثارة الشكوك في عملية فرز الأصوات في البلاد.

ماذا لو فاز الجمهوريون؟

إذا سيطر الجمهوريون على أي من المجلسين “النواب أو الشيوخ”، فإنهم يخططون للسعي إلى خفض تكاليف برامج شبكة أمان الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، وجعل تخفيضات ضريبية تم سنّها في عام 2017 دائمة.

من شأن سيطرة الجمهوريين على “مجلس الشيوخ”، أن تمنحهم سلطة منع مرشحي بايدن للمناصب القضائية والإدارية، كما يمكنهم أيضا استخدام تحديد سقف للدين الاتحادي كورقة ضغط للمطالبة بخفض شديد في الإنفاق وتقليص المساعدات لأوكرانيا، وفق تقرير لموقع “دي دبليو” الألماني.

العديد من الجمهوريين، أقروا بأن الانتخابات لم تسفر عن تحقيق “موجة حمراء”، وبدا أن آمالهم في تحقيق “مد” في “الكونغرس” تتضاءل، رغم اقترابهم الكبير بل شله حسمهم الفوز بالأغلبية البسيطة في “مجلس النواب”.

بحسب مجلة “بوليتيكو” الأميركية، فإن جولة الإعادة بولاية جورجيا في كانون الأول/ديسمبر المقبل، ربما هي التي ستحدد حزب الأغلبية في “مجلس الشيوخ”، ما يعني أن اسم الفائز بالمجلس لن يُعلن قبل حوالي شهر من الآن.

نتائج سباقات التجديد النصفي بشكل عام، تشير إلى أن الناخبين يعاقبون الرئيس بايدن على طريقة إدارته لملف الاقتصاد، بينما ينتقدون أيضا إجراءات الجمهوريين الخاصة بحظر الإجهاض، وفق وكالة “رويترز” البريطانية.

قبل يوم من الانتخابات، صوّت أكثر من 46 مليون أميركي إما حضوريا أو عن طريق البريد، وفقا لبيانات “مشروع الانتخابات الأميركية”.

دائما ما يخسر الحزب الذي يصل إلى “البيت الأبيض”، مقاعد في انتخابات التجديد النصفي، لكن الديمقراطيين كانوا يأملون في أن يساعد قرار المحكمة العليا في حزيران/يونيو الماضي، بإلغاء الحق في الإجهاض على مستوى البلاد، في تغيير ذلك الواقع التاريخي.

لكن التضخم السنوي المرتفع بشدة، والذي يبلغ 8.2 بالمئة عند أعلى معدل منذ 40 عاما، أثّر على فرص الديمقراطيين طوال الحملة الانتخابية، بحسب موقع “الحرة”.

بالمجمل، إذا سيطر الجمهوريون على مجلس النواب، وهو المتوقع جدا، فسيتمكنون من إحباط الأولويات الديمقراطية مثل حقوق الإجهاض وتغير المناخ، في حين أن هيمنتهم على “مجلس الشيوخ”، وهو ما لم يحسم بعد، فإن هيمنتهم ستؤثر على ترشيحات بايدن القضائية، بما في ذلك أي منصب شاغر في المحكمة العليا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.