مع فشل الاتفاق النووي الإيراني وتصاعد التهديد الإيراني، بدأت سياسة الولايات المتحدة الأميركية تتجه نحو سياسة عزل النظام الإيراني، بالتعاون مع حلفائها في منطقة الشرق الأوسط.

تهديد أمن الملاحة في بحر الخليج، هو أحد التهديدات التي تسعى أميركا مؤخرا لمواجهته، فكيف ستعمل واشنطن على حماية المنطقة، وما تأثير الخطوات الأميركية بالتعاون مع بعض الدول العربية على النفوذ الإيراني في المنطقة.

دوريات بحرية مشتركة

الأسطول الخامس في القوات الأميركية أعلن قبل أيام، أن قوات بحرية تابعة للولايات المتحدة بالاشتراك مع قوات بحرية من العراق والكويت، سيّرت دورية مشتركة في الخليج للمرة الثانية خلال أربعة أشهر، لتعزيز الأمن البحري الإقليمي.

قيادة الأسطول الخامس، أكدت في تصريحات نقلها موقع “العربية نت“، أن “سفنا من البحرية الأميركية، عملت مع سفن من البحرية العراقية وقوات خفر السواحل الكويتية، ونفّذت تدريبات على المناورة والأمن البحري.

 قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية، والأسطول الخامس والقوات البحرية المشتركة، الأدميرال براد كوبر، اعتبر أن “الشراكات أساس الأمن والاستقرار البحري في الشرق الأوسط، والتعاون المستمر يشير إلى الالتزام الجماعي بحماية المياه الإقليمية“.

الباحث المختص بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي، رأى أن الولايات المتحدة الأميركية تعمل على إجراء تحالف عسكري في بحر الخليج، لموجهة الخطر الإيراني وتأمين نقل الطاقة في المياه، مشيرا إلى أن المواجهة في البحر ستعطي واشنطن أفضلية، بسبب الفارق التقني بالسفن والطائرات.

اقرأ/ي أيضا: من إفريقيا إلى آسيا.. كيف تستقطب الصين الشباب لخدمة مشروعها التوسعي؟

النعيمي قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “أعتقد أن الولايات المتحدة تعمل على إجراء تحالف بحري كبير يضم دول المحور الأميركي، لتعزيز قدراتها في مياه الخليج العربي بالدرجة الأولى، ولتأمين انسيابية نقل الطاقة عبر ناقلات النفط الدولية العاملة في البحار، كما تأتي هذه الخطوة استكمالا لتلك الجهود الرامية لمراقبة الموانئ الإيرانية ومنع القطع البحرية والزوارق السريعة الإيرانية من الاعتراض لناقلات النفط“.

مساعي الولايات المتحدة لتعزيز قدراتها البحرية، سواء كانت على صعيد البوارج الحربية أو حتى السفن الغير مأهولة المذخّرة التي وكّلت حماية المضائق والممرات المائية في مضيق باب السلام أو مضيق باب المندب، تأتي لمواجهة ميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني التي تنشط في المنطقة، والتي ضبطت لها أكثر من مرة، شحنات أسلحة ومواد أولية لوقود الصواريخ الباليستية متوسطة وقصيرة المدى.

الحد من القدرة الإيرانية

تأمين المنطقة، سيسمح بتحركات آمنة لناقلات النفط من دول الخليج العربي، والحد من عمليات التهريب الإيرانية سواء كانت النفطية أو الأسلحة وحتى المخدرات.

في إطار جهودها لردع الخطر الإيراني عن بحر الخليج، فإنه وبحسب النعيمي، تمثل القطع البحرية الأميركية المأهولة والمذخرة، أبرز أدوات الردع الاستراتيجية التي باتت تقلق طهران، والتي تستهدف أي نشاط إيراني من شأنه تعزيز حالات القرصنة البحرية الإيرانية في مياه الخليج العربي.

كذلك ركز النعيمي في حديثه فيما يخص أفضلية المواجهة، على التفوق التقني الأميركي، وقال “أهم سبل المواجهة يتمثل بالفارق التقني، سواء كان بالسفن الغير مأهولة أو حتى بالطائرات المسيّرة التي ستحدث نقلة نوعية في قدرات الولايات المتحدة، وخاصة في مجال المواجهة المباشرة مع القراصنة الإيرانيين العاملين في صفوف ميليشيا الحرس الثوري الإيراني مما سيتيح للولايات المتحدة وحلفائها مزيدا من القدرات في مواجهة الأذرع الولائية المرتبطة بمشروع طهران في المنطقة العربية“.

النعيمي رأى كذلك أن واشنطن تعمل على مواجهة الخطر الإيراني، عبر مشروع عربي أميركي، “لكن اللافت في الأمر مشاركة العراق الذي تمثل حكومته التوافقية المدعومة من الإطار التنسيقي الذي بدوره ينتمي إلى مشروع إيران التوسعي في المنطقة العربية، لكن أرى بأنه لا مفر من المواجهة المباشرة مع الأذرع الولائية بشكل مباشر“.

وهذه الخطوات الأميركية، تمثل مجموعة من رسائل التطمين الأميركية، لا سيما على صعيد رسائل الردع الجوية والبحرية.

حول ذلك ختم النعيمي حديثه بالقول، “أرى بأن إيران ستدفع بالكثير من الزوارق السريعة والطرق البرية لتهرّب من خلالها قطع وتكنولوجيا المسيّرات الإيرانية إلى داخل العراق وسوريا ولبنان واليمن، لكن إيران لم يعد بمقدورها اللعب بمساحات أكبر، وهي اليوم محاصرة داخليا وخارجيا، واستمرار زخم التظاهرات والعقوبات وانخفاض سعر صرف التومان الإيراني كلها عوامل مساعدة في تحجيم نفوذ إيران في الداخلي والخارجي، ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء والوسائل التي كانت تعتمد عليها إيران في تهديد المنطقة العربية حتما ستعيد حساباتها وترتّب أولوياتها بشكل تدريجي بمعزل عن الرؤية السياسية لنظام الحكم في طهران“.

الردع والدبلوماسية

الردع والدبلوماسية يمثلان سياسة واشنطن بالتعامل مع الخطر الإيراني في المنطقة، وذلك بالتعاون مع العديد من الدول الإقليمية، إذ تُدرك هذه الأطراف أن نجاح الدبلوماسية بالتعامل مع التهديدات، يتطلب إعداد قوى ردع تكون جاهزة لأي خيار عسكري قد يكون اضطراريا في المستقبل.

منسق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، أكد أن بلاده لن تسمح بتهديد حرية الملاحة في مياه الخليج وتعريضها للخطر.

على هامش مشاركته في منتدى حوار المنامة في البحرين قبل أسابيع، قال ماكغورك، إن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن الملاحة في مياه الخليج، وإنها تتبنى سياسة الردع والدبلوماسية لمنع التهديدات.

ماكغورك، لفت إلى شراكة بلاده مع بعض الدول في الشرق الأوسط، في إطار استراتيجية الأمن القومي، وذلك لتعزيز قوة الردع، وتقليل المخاطر، وإرساء أسس طويلة الأجل في موقف قوي للولايات المتحدة الأميركية.

مؤخرا تعمل العديد من القوى الإقليمية لإنشاء تحالف أو ما يعرف بـ“ناتو شرق أوسطي“، لمواجهة المشروع الإيراني في المنطقة، لا سيما بعد فشل أو توقف المفاوضات بشأن السلاح النووي الإيراني.

الولايات المتحدة الأميركية مدفوعة بهدف مواجهة النفوذ الإيراني، تسعى كذلك لتنظيم اجتماع عربي إسرائيلي، خلال الربع الأول من العام المقبل 2023، من شأنه تطوير هذه العلاقات، لا سيما في ظل تقاطع المصالح في ملفات الطاقة والملف الإيراني في الشرق الأوسط.

بحسب ما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، فإن الاجتماع “سيضم دولا عربية لديها علاقات مع إسرائيل، وفي مقدمتها مصر والأردن“، ومن غير المؤكد حتى اللحظة فيما إذا كان منظّمو الاجتماع سيدعون السلطة الفلسطينية للحضور.

بالتأكيد فإن الملف الإيراني، هو من أبرز الملفات التي دفعت واشنطن للوساطة بشأن التقارب العربي الإسرائيلي، حيث تسعى أميركا لحشد حلفائها في المنطقة ضد روسيا والمشروع الإيراني.

محللون للشؤون الأمنية في الشرق الأوسط، رأوا أن واشنطن حريصة على إحداث جبهة عربية موحّدة، ممكن أن تؤدي إلى تعاون مع إسرائيل على الصعيد العسكري، في وقت وجود التعاون العسكري بين إسرائيل وبعض الدول العربية، على أعلى المستويات لكنه يبقى دون ضجيج إعلامي بحكم وجود الطرفين بقوات “السنتكوم” أي القيادة العسكرية الاميركية الوسطى.

تعاون الولايات المتحدة مع دول الخليج لحملة أمن الملاحة من الخطر الإيراني، سيعزز بالتأكيد تزامنا مع التطورات لإنشاء حلف إقليمي يسعى لمواجهة الخطر الإيراني، إلى اكتمال أقطاب القوة التي من شأنها منع الخطر الإيراني، وعزل نظام طهران في المنطقة، ما قد يجبره على العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن السلاح النووي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة