العديد من دول القارة الإفريقية، مثل مالي وبوركينا فاسو، والسودان وتشاد وغينيا كوناكري وغينيا بيساو، شهدوا انقلابات عسكرية خلال السنوات الماضية، والقاسم المشترك بين موجة الانقلابات هذه كان أن معظم القادة العسكريين الذين قاموا بتدبيرها قد حصلوا على تدريب عسكري من قبل مجموعات “فاغنر” العسكرية الروسية. حيث إن موسكو كانت تسعى حينها عبر هذا الدعم إلى إيجاد موطئ قدم لها في إفريقيا، وقد استطاعت الاستحواذ على بعض النفوذ هناك، وذلك عبر اتّباع عدة استراتيجيات، مثل توقيع اتفاقيات سياسية وعسكرية مع هذه الدول.

موسكو امتدت نحو القارة السمراء من خلال توسع نشاط مجموعة “فاغنر” العسكرية عبر العمليات التجارية وتهريب الألماس من جمهورية إفريقيا الوسطى إلى البلدان الخارجية، ومؤخرا تقرير لـ”فاينانشال تايمز” أشار إلى أن روسيا تتوغل داخل إفريقيا عبر اتباع استراتيجيات أخرى، ألا وهي دعم الكنائس ومن ثم نشر الثقافة واللغة الروسية هناك.

هذا الأمر يثير عدة تساؤلات حول أدوات موسكو للتمدد في إفريقيا، والجيوب التي تستغلها موسكو للنفاذ إلى تلك القارة التي تطويها عدة مصالح مع أطراف مختلفة مثل فرنسا والولايات المتحدة، بجانب أجندة أهداف موسكو في إفريقيا فيما إذا كانت تملك القدرة على منافسة الأطراف التقليدية خاصة أن التنافس على ثروات القارة يبدو كبيرا وتتسارع أقدام الكثيرين لهناك مثل الإمارات وتركيا ومن القوى الكبرى بطبيعة الحال فرنسا والولايات المتحدة.

كذلك، القواعد العسكرية والمشاريع الاقتصادية والتنموية الخيرية فضلا عن التعليم والدين والمراكز الثقافية، يجدر التساؤل إذاً عن العوامل التي توظفها الأطراف المختلفة للتّمدد في القارة، وما إذا هي نفسها خيارات روسيا للنفاذ بإفريقيا.

أدوات موسكو للتوغل

روسيا موّلت ترميم اللوحات الجدارية والواجهة الجديدة لكاتدرائيته المتداعية ودفعت المطران سانت كلير فوييماوا، لقضاء ثلاثة أشهر في موسكو العام الماضي. ومن ثم تبرعت بمبلغ 6000 دولار لبناء فصل دراسي في المدرسة حيث يتلقى 60 طفلا، جميعهم أيتام الحرب الأهلية في البلاد، دروسا أساسية في اللغة الروسية، وفق التقرير الغربي.

من وجهة نظر تحليلية، فإن التأثيرات الروسية في الكاتدرائية أكثر من مجرد تمرين في التوعية الثقافية، فهي جزء من التأثير المتزايد الذي تمارسه موسكو الآن على الحياة السياسية والاقتصادية لجمهورية إفريقيا الوسطى، وهي واحدة من أفقر دول العالم وأضعفها. هذه العلاقة هي بمثابة المثال الأكثر وضوحا على مدى فعالية وتأثير موسكو في أجزاء من إفريقيا باستراتيجية خفض الأسعار التي تمزج بين الدعاية ومبيعات الأسلحة ونشاط التعدين والمرتزقة.

موسكو في بداية دخولها للقارة، استندت إلى تشويه سمعة وسيطرة فرنسا هناك، لا سيما بعد مغادرة القوات الفرنسية العام الماضي، ومن ثم اتبعت استراتيجية “الهيمنة الاقتصادية”، وذلك عبر السيطرة على موارد وثروات بعض دول القارة السمراء. ويشمل الوجود الروسي في البلاد حوالي 1500 من القوات شبه العسكرية المقنعة من مرتزقة “فاغنر” سيئة السمعة، وعمليات التجارة والتهريب بالذهب والألماس، وحتى معمل تقطير صغير ينتج 15 سنتا من أكياس فودكا “وا نا وا”، مع شعار وحيد القرن وشعار “صنع في جمهورية إفريقيا الوسطى بتكنولوجيا روسية”.

أحد كبار الدبلوماسيين الغربيين في جمهورية إفريقيا الوسطى يصف البلاد بأنها “طبق بتري” لطموحات موسكو في القارة الإفريقية، مضيفا أن “هناك حرب مختلطة جارية، ونحن فيها”.

الباحث في الدراسات الأمنية والاستراتيجية والمتخصص في الشأن الإفريقي، الدكتور عماد الدين حسين بحر الدين، يقول إن النفوذ الروسي في إفريقيا كبير وتنامى في فترة الاستقطاب بين المعسكرين الشرقي والغربي، لا سيما في هذه الفترة حيث الانحيازات متباينة داخل إفريقيا بين الطرف الاشتراكي تارة والطرف الليبرالي الغربي تارة أخرى.

قد يهمك: انفتاح باريس على بغداد.. أبعاد ما بعد انحسار النفوذ بإفريقيا؟

موسكو جزء من أدواتها الاستراتيجية في الهيمنة على إفريقيا، وفق تقدير المتخصص في الشأن الإفريقي لموقع “الحل نت”، هو البحث عن حلفائها وإقناعهم وإغرائهم وإن كان بأفكار جديدة ومغايرة، وقد صرح بوتين ذلك بوضوح، حين قال إن أولويات سياسته الاستدارة نحو إفريقيا. وثمة تحالف مع الصين للغرض ذاته، هذا فضلا عن نفوذ آخرين والذي تحاول بكين وموسكو ازاحتهم. كذلك، هذه الاستراتيجيات تجمع بين عمليات مكافحة التمرد، وبيع الأسلحة، وتعزيز الاستبداد والقوة الناعمة.

بحسب وجهة نظر بحر الدين، فإنه من أدوات موسكو أيضا، “تدشين اتفاقيات تعاون مع العديد من الدول مثل أنجولا وموزمبيق الأمر الذي يكشف عن تنوع أدوات التّغلغل بإفريقيا ومنها استخدام المرتزقة الروس في إفريقيا الوسطى”. في أوروبا، كان غزو روسيا لأوكرانيا كارثة مذلة ومكلفة للدولة الروسية. حيث تم الكشف عن نقاط ضعف جيشها وقُتِل عشرات الآلاف من جنودها. ومن ثم قطعت العقوبات الاقتصاد الروسي عن العديد من الأسواق والتقنيات الدولية.

حشد الحلفاء

بغض النظر عن خسارات وهزائم موسكو في الساحة الأوكرانية، إلا أنها في إفريقيا كانت تحقق تقدما دراماتيكيا، وفق التقديرات. حتى في العام الذي انقضى ومع تدفق القوات الروسية على أوكرانيا، حققت موسكو المزيد من النجاحات في القارة السمراء. وحتى اليوم، لا تنفك روسيا بالتوجه نحو إفريقيا لتوسع نفوذها، فمثلا بعد زيارة سريعة إلى مالي، يوم الثلاثاء الماضي، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في اليوم التالي إلى السودان، المحطة التي تحظى بأهمية خاصة لدى موسكو، والتي تشكل محادثات الوزير فيها استكمالا لجولاته النشطة في القارة الإفريقية خلال الأشهر الأخيرة، وفق ما نقلته “الشرق الأوسط”.

في مؤشر على احتدام التنافس الروسي مع الغرب فيما يخص كسب مواقع في السودان، أشارت وكالة “أسوشييتد برس”، في وقتٍ سابق، إلى ضغوطات تمارسها الولايات المتحدة على السودان وليبيا، لحملهما على إنهاء أي علاقات تربطهما بمرتزقة “فاغنر” الروسية، في إطار سعي الدول الغربية إلى ضم السودان وغيرها من الدول الإفريقية إلى صفها، وتوسيع محاولات تحجيم أنشطة روسيا في القارة الإفريقية؛ خصوصا في الجارة الغربية، إفريقيا الوسطى.

المحطة السودانية على أهميتها، تشكل جزءا من الاستراتيجية الروسية نحو القارة التي عكست جولات لافروف الأخيرة فيها مدى حرص موسكو على تنشيطها، وتسريع وتائر تنفيذها. وكان لافروف قد استبق الوصول إلى الخرطوم بزيارة مالي التي باتت أحد شركاء روسيا الرئيسيين في المنطقة. هذا وستحمل الجولة في محطاتها التالية زيارة لافروف إلى المغرب وموريتانيا وتونس. بذلك تكون هذه ثالث جولة إفريقية واسعة يقوم بها الوزير الروسي إلى القارة في الشهور الستة الأخيرة، وفق تقارير روسية.

الباحث المتخصص في الشأن الإفريقي، يقول إن موسكو تستغل كل حالات الرفض للوجود الفرنسي أو السخط ضد الحكومات المحلية كما هو الحال في مالي والسودان وفي كل الأحوال هناك تبعية اقتصادية وسياسية في العديد من الدول الإفريقية، تحديدا تجاه فرنسا. والبعض يعتقد أن الرغبة التحررية تعني الذهاب لروسيا دون الأخذ في الاعتبار أن موسكو أكثر تشددا من أي دولة أخرى وتعتمد على أجهزتها الأمنية وستضع إفريقيا في تبعية شديدة.

الأدوات الروسية سياسية وتستغل موسكو الأصوات في المحافل الدولية لعمل اصطفاف ودعم سياسي لحساب مصالحها في بعض الملفات مثل ليبيا وغيرها من الدول التي تشهد اضطرابات وحالة من عدم الاستقرار ولا سيما الوضع السياسي، وفي اعتقاد بحر الدين، فإن القواعد العسكرية والتنموية الروسية تلعب دورا من خلال مشاريعها الاقتصادية و التسليحية للتمدد بإفريقيا.

صامويل راماني، الزميل في “مركز الأبحاث روسي” ومؤلف كتاب سيصدر قريبا عن روسيا في إفريقيا، إن موسكو ركزت على منطقة معينة في القارة وهي تمتد ما بين مالي والسودان. ويقول “إنهم يعتقدون أن بإمكانهم بناء حزام انقلاب لمنحهم النفوذ ومزاحمة الغرب”.

فيما يصفه راماني بأنه تتويج للعبة طويلة تعود إلى الحقبة السوفيتية، لكنها تسارعت منذ أن استعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئاسة الروسية في عام 2012، يقول إن موسكو استخدمت جيشا غامضا من أدوات إبراز القوة لتنفيذ التدخلات الهجينة.

استراتيجية “الانتهازية”

بوتين ولأول مرة كشف بشكل كبير عن طموحاته الإفريقية في تشرين الأول/أكتوبر 2019، عندما استضاف 43 رئيس دولة إفريقية في أول قمة روسية إفريقية في سوتشي. ومنذ ذلك الحين، تم اقتراب عدد من البلدان، من جمهورية إفريقيا الوسطى إلى مالي ومن بوركينا فاسو إلى السودان، بالقرب من مدار موسكو.

قد يهمك: التعاون الإقليمي في القرن الإفريقي.. مكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد؟

بيتر فام، المبعوث الأميركي الخاص لمنطقة الساحل في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، دونالد ترامب، والآن في “المجلس الأطلسي” قال، “لقد حققت روسيا نجاحا كبيرا، ذلك لأن نهجهم الدبلوماسي تجاه المنطقة هو النظر بشكل انتهازي حيث يمكنهم، وبتكلفة زهيدة، أن يطعنوا في الغرب”. وكانت موسكو تضغط بشدة بشكل خاص على منطقة الساحل، وهو قطاع غير مستقر سياسيا.

في جنوب إفريقيا، لا تزال روسيا تتمتع بعلاقات وثيقة مع “حزب المؤتمر الوطني الإفريقي” الحاكم هناك، الذي رفض إدانة غزو موسكو لأوكرانيا. وأرسلت رابطة شباب الحزب ذاته مراقبين إلى الاستفتاء الروسي الزائف في أربع مقاطعات أوكرانية في أيلول/سبتمبر الماضي، وهي عملية وصفتها بأنها عملية جميلة ورائعة.

مع ذلك، فإن محاولات موسكو لإبرام اتفاق نووي بقيمة 70 مليار دولار قد تراجعت عن محاكم جنوب إفريقيا وتلاشت عندما أجبر جاكوب زوما، الذي تدرب في الاتحاد السوفيتي والذي وصف بوتين مؤخرا على أنه “رجل السلام”، على الخروج من الرئاسة في عام 2018.

في الآونة الأخيرة، جاءت جهود روسيا لكسب الأصدقاء من خلال “دبلوماسية اللقاح” بنتائج عكسية عندما فشلت الجرعات الموعودة في الظهور واشتكى المسؤولون الأفارقة من أن لقاح سبوتنيك ضد فيروس “كورونا” كان أغلى من نظرائهم الغربيين.

خلال رحلة صحفية أخيرة إلى العاصمة بانغي، رأت “فاينانشيال تايمز” دليلا على القوة الثقافية والتجارية للوجود الروسي هناك، وأن الوجود الروسي يتجاوز الجيش المحلي بكثير.

في أيار/مايو الفائت، أصبحت جمهورية إفريقيا الوسطى ثاني دولة فقط بعد السلفادور تجعل عملة “البيتكوين” عملة رسمية، وهي خطوة، في بلد به نسبة اختراق للإنترنت بنسبة 10 بالمئة فقط، ويعتقد المحللون أنها توفر وسيلة لتجاوز العقوبات المالية ضد روسيا، التي تعمل أيضا على تشكيل المشهد السياسي. كما وأفاد دبلوماسيون بوجود مكثف لمرتزقة “فاغنر”، بالزي والأزياء المدنية، في الوزارات الحكومية.

أحد ضباط المخابرات في بانغي يقول “الروس موجودون في كل مكان، في المؤسسات والوزارات والمجتمع المدني ووسائل الإعلام.” وقوات الأمن الروسية والمحلية تحمي رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، فوستين أرشانج تواديرا. وبصرف النظر عن مهمة موثقة جيدا في تحصيل عائدات الجمارك على الحدود مع الكاميرون، تقول وزارة الخزانة الأميركية إن شركة “فاغنر” تسيطر على العديد من مناجم الذهب والماس في جمهورية إفريقيا الوسطى، بل إنها منعت المسؤولين الحكوميين الذين يحاولون فحص عمليات التعدين الوصول إلى هذه المناجم.

هذا ويثير نجاح روسيا في طرد الخصوم والتسلل إلى الحكومات التساؤل حول مدى التقدم الذي يمكن أن تحققه في القارة. في آب/أغسطس الماضي، أبلغ جيلبرت كاباندا، وزير دفاع جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي دولة ضخمة غنية بالمعادن وحيوية في سلسلة توريد البطاريات، عن مناقشات مثمرة مع نظيره الروسي حول التعاون العسكري المحتمل في حرب جمهورية الكونغو الديمقراطية مع المتمردين في شرقي البلاد.

المحللون يقولون إن التكتيكات الروسية تعمل بشكل أفضل في الدول ذات المؤسسات الضعيفة للغاية في القارة الإفريقية ومالي الدولة الأكثر قوة إلى حد ما، لم تستطع مجموعات “فاغنر” اقناع السلطات بتسليم الذهب وامتيازات التعدين الأخرى. حتى في جمهورية إفريقيا الوسطى، قتل المتمردون الشهر الماضي العديد من مرتزقة “فاغنر” خلال مناوشات بالقرب من الحدود السودانية، وفقا لدبلوماسيين في البلاد.

على عكس ما كان عليه الحال قبل بضع سنوات فقط، عندما بدأت الاستراتيجية الدولية في إفريقيا تتكشف، فإن فرص النشاط الروسي ضئيلة في التحليق تحت الرادار. في الشهر الماضي، صنّفت الولايات المتحدة “فاغنر” على أنها “منظمة إجرامية عابرة للحدود”. ومن ثم سرعان ما أعقب جولة لافروف في أربع دول إفريقية في الأشهر الماضية، سلسلة من الزيارات من قبل كبار المسؤولين الأميركيين، بما في ذلك زيارة أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركية، وجانيت يلين، وزيرة الخزانة، التي أمضت 10 أيام في القارة في كانون الأول/يناير الماضي. جلب كلاهما رسائل سعت مباشرة إلى مواجهة الدعاية الروسية.

من المقرر أن تستمر الزيارات الأميركية إلى القارة، حيث ستقوم كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي، وجو بايدن، الرئيس، في وقت لاحق من هذا العام بزيارة القارة السمراء.

بالتالي، فإن ثراء القارة بالمعادن الثقيلة، إلى جانب وجود الجماعات المتمردة التي تقاتل السلطات الحاكمة هناك، يساعد في تمدد روسيا لتهيمن على المنطقة واقتصادها بشكل كبير، وعلى اعتبار أن مرتزقة “فاغنر” لا تعمل ضمن أُطر القوانين والاتفاقيات الدولية، فمن السهل ارتكاب العديد من الانتهاكات والتجاوزات الإنسانية، وبالتالي زيادة فرض الهيمنة هناك، وهذا التمدد من قبل “فاغنر”، يمكن أن يخلق تبعات وانعكاسات، لعل أبرزها زيادة فرض العقوبات الدولية على الأفراد المرتبطين بها، وتصنيفها ككيان إرهابي، الأمر الذي من شأنه أن يقلّص تكلفة التعامل معها، والتوقّع بدفع الدول والشركات والمؤسسات في إعادة النظر في إقامة علاقاتها مع “فاغنر” والتعامل معها على أنها منظمة إرهابية، وأن هناك فوائد عديدة لهذا التوجه، وأهمها الحد من وصول “فاغنر” إلى الموانئ والموارد الطبيعية.

لذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تواصل جهودها، جنبا إلى جنب مع الحلفاء الآخرين، للتحرك نحو وضع رادع للتوسع الروسي، وإنقاذ القارة من استعمار الاتحاد الروسي، فتمكّن موسكو من الهيمنة على القارة، من شأنه أن يعزز أيضا مكانتها الدولية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.