شارة مسلسل “الزند- ذئب العاصي”، تداولت وانتشرت بخفة كالنار في الهشيم، ويبدو أنها بدأت تشتهر وتكتسب شعبية لافتة كما حصل لشارة مسلسل “الندم” التي نالت إعجاب المشاهدين وحتى اليوم لا يزالون يستمعون إليها ويتداولونها فيما بينهم عبر مقاطع قصيرة على منصات التواصل الاجتماعي.

هذه الشارة تبدو كنموذج حقيقي للفهم الكامل للموضوع والثقافة الشعبية الموجودة في سوريا، وبالتالي حصد مسلسل “الزند” علامة كاملة من الجماهير، وبات موازٍ لأي عمل درامي كبير، ذلك لأنها زبدة ما يريد العمل قوله وأصعب اختزال للمخفي والروح غير المعلنة في السيناريو. الشارة أصبحت الوحي والمواجهة الأولى والأخيرة التي تجعل المشاهد يعيد النظر في العمل بأكمله، وتشجيع الذين لم يشاهدوا العمل بعد على مشاهدته.

بماذا تتميز الشارة؟

منذ أول أسبوع رمضان يبدو أن النسبة العالية من مشاهدة مسلسل “الزند” سيحقق له معقدا لافتا بل المقاعد الأولى من السباق الرمضاني لعام 2023، فتعلق المتابعين يختلف بين مسلسل وآخر من حيث نوع القصة المطروحة والقضية التي يعالجها، بالإضافة إلى الشخصيات التي تؤدي بطولتها. كما لا يختلف أحد أن رمضان 2023 جاء مليئا بالأعمال الدرامية المشوّقة، والتي بدا واضحا أن منتجيها اعتمدوا مبدأ تقديم كل ما لديهم لإرضاء المشاهدين بدءا من شارة البداية مرورا بالنص والتمثيل والإخراج وصولا لشارة النهاية.

بحسب تقرير لمنصة “إي تي بالعربي” فقد تميزت الدراما السورية بتقديم العديد من الشخصيات التي جسّدت دور البطل الشعبي، وحققت نجاحا كبيرا في السنوات الماضية، ولعل أبرز تلك الشخصيات قدّمها تيم حسن في دوره الشهير خلال السنوات الخمس الماضية، كما يقوم تيم في الموسم الحالي من خلال مسلسل “الزند” بتحدّي نفسه والخروج من عباءة شخصية “جبل” في سلسلة “الهيبة”.

مسلسل “الزند” يتصدر الترند بشكل يومي بعد دخوله السريع لقلوب المشاهدين منذ عرض البرومو التشويقي له قبل أيام من بداية شهر رمضان، ومع عرض الحلقة الأولى منه، كان لافتا مدى تعلّق المشاهدين بتتر المسلسل الذي يشارك في صناعته كل من برهوم رزق وآري سرحان في الكلمات والموسيقى، أما غناء الشارة فكان من أداء الفنانة مها الحموي.

قد يهمك: الدراما السورية تكتسح الشاشات.. السياسة تتسيّد الأعمال الرمضانية؟ – الحل نت

تقول بعض الآراء أن الشارة استحوذت على قلوب المشاهدين لأنها مستوحاة من ثقافة أحد مكونات المجتمع السوري؛ الساحل السوري، ولكونها من “العتابا الساحلية” القديمة والمتداولة حتى اليوم، وبالنظر إلى أن القائمين على المسلسل جددوا الشارة وأعطوها بريقا آخر بإضافة لمسات موسيقية جديدة إلى جانب أداء الفنانة اللافت، فإن هذا ما ميزتها عن باقي شارات الأعمال الدرامية الأخرى ربما. كما ولا يمكن التغاضي عن جمال كلمات الشارة التي توحي بوجود قصة ظلم وحب كبيرين تقف وراءها.

تتصدر “الترند”

نحو ذلك، تصدرت شارة المسلسل بشكل كبير ومتنوع على منصات التواصل الاجتماعي، حتى أن بعض الفنانين والنقاد أشادوا بها. كما وشارك تيم حسن أول أمس أغنية شارة البداية لمسلسله الجديد “الزند”، وانتقل إلى حسابه الخاص على منصة “إنستغرام” ليشارك فيديو “رييل” للأغنية كاملة وكتب “الزند.. أنا وأنت رفاق الدرب يا بلاه.. نتمنى يعجبكم، شكرا لكل متابعينا..”.

هذا فضلا عن مشاركة وتداول جمهور المسلسل رأيهم يوميا قبل وبعد عرض الحلقة الجديدة منه، كما اتفقوا جميعا على أن شارة البداية تحمل معاني عميقة وفيها الكثير من الإبداع في الأداء والغناء واللحن.

شارة مسلسل “الزند” بسيطة ولهجتها اللطيفة جعلتها أقرب لقلوب المشاهدين، فهي وحسب تعبيرهم تهز وجدان المستمع فيعيد سماعها مرة تلو الأخرى دون أي ملل من التكرار.

كما أشاد آخرون بشارة النهاية التي عبّر أحد رواد السوشيال ميديا عن إعجابه بعد سماعها بقوله ” شارة النهاية بمسلسل الزند، أديش فيها دفا واحساس بياخد الواحد لعالم كلو حنين وذكريات”. كما شارك بعض الكتّاب شارة المسلسل وشبهوها بالورطة الفنية لكل باقي الأعمال.

أصل الشارة

في سياق أصل شارة مسلسل “الزند” أو ما تُعرف باسم “رفقا الدرب”، فيقال إنها عتابا معظمها لشعراء ومطربي سهل الغاب في الساحل السوري الذي يخترقه نهر “العاصي”، وأنه تم غناؤها من قبل العديد من الفنانين السوريين ومنهم، عادل خضور، وفؤاد غازي، وبرهوم رزق، الذين حملوها وحفظوها بأصواتهم الشجية.

رأي آخر يقول إنها تعود للفنانة نوفة البدوية، وهي مطربة قديمة جدا من ريف حمص السوري، وقد تم أخذ أحد مقاطعها لتكون بداية شارة المسلسل. والمطربة بدوية واشتهرت باسم “أو نوف” البدوية، وهي تغني باللون البدوي والجبلي أيضا، ومشهور عنها هذا البيت من العتابا، حيث تقول “يا ليلى الناس بغرامك ولوعين.. بنار محبّتك يا ماما ملوعين.. المها لو لُه عنق متلِك ولو عين.. لَكانوا يحرّموا يصيّدوا العرب” وفق ما هو موجود في الشارة تماما.

المسلسل يحمل مشاهد تعود للحظات تاريخية تعود به إلى القرن التاسع عشر في منطقة الساحل السوري واللهجة البسيطة لساكني تلك المناطق في زمن كثُرت فيه المواجع والظلمات. وتدور قصة مسلسل الزند حول شخصية “عاصي الزند” الذي قُتل والده خلال طفولته أمام عينيه، وبعد مرور سنوات طويلة يلتحق عاصي بالخدمة العسكرية ويعيش طيلة حياته وهو يفكر في الانتقام والأخذ بالثأر من قاتل والده. ثم يعود عاصي إلى قريته الأصلية بعد انتهاء الخدمة العسكرية ليجد أن الباشا النورس قام بالاستيلاء على أرضه، فيحاول عاصي تدبير خطة ذكية للانتقام منه واسترجاع حقه.

المراقبون يقولون إن فكرة المسلسل ليست فانتازيا تاريخية، أو مجرد محض خيال، بل هي مستوحاة من شخصية “عاصي الزند” تاريخيا وتمّت معالجتها دراميا. وهذه الشخصية عن رجل يدعى أبوعلي شاهين ولقبه الفهد، عاش في أربعينات القرن العشرين، في مناطق ريف مصياف في جبال الساحل السوري، وتعرض لمواجهة حادة بينه وبين رجال البيك، وصلت حدّ العنف الجسدي.

العمل من بين عشرات الأعمال التي عُرضت على شاشات العديد من القنوات العربية، واستطاع أن يأخذ مكانه في المقدمة، وأصبح واحدا من أكثر المسلسلات متابعة وتأثيرا، وهو من بطولة تيم حسن ومنى واصف ودانا مارديني وأنس طيارة وفايز قزق وطارق عبده ويحيى مهايني، ومن تأليف عمر أبو سعدة، وهو تعاون جديد يُضاف إلى الشراكة الفنية الناجحة بين تيم حسن والمخرج سامر البرقاوي.

هذا وتظهر الشخصيات البطولية بالمسلسل في معالجات مختلفة بين الأدب والدراما في أشكالها، ويرتبط بها الناس بسبب القيم العليا التي يجسدونها في المجتمعات التي يمثلونها. في الدراما التلفزيونية السورية، ظهرت العديد من شخصيات البطل الشعبي وحققت نجاحا كبيرا، ويتصدر مسلسل “الزند” هذا النوع من الفن وهو ما جذب الجمهور سريعا، بحسب آراء بعض النقاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات