في تقرير صادم، كشفت “الأمم المتحدة”، أمس الثلاثاء، عن اختفاء نحو مليون مواطن عراقي في غضون نصف قرن مضطرب عاشته البلاد، والممتد منذ عهد الرئيس الراحل السابق صدام حسين وصولا إلى مرحلة سيطرة تنظيم “داعش” على ثلث مساحة العراق في عام 2014.

التقرير أشار إلى أن، ما يصل إلى مليون شخص “اختفوا” في العراق على مدى نصف القرن الماضي، وحثّت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري، العراق الذي يُعد أحد أكبر البلدان التي تضم أكثر عدد من المفقودين في العالم، على البحث عن الضحايا ومعاقبة الجناة.

غير أن ما يقف حائلا بين عملية البحث عن الضحايا ومعاقبة الجناة، هو عدم تحديد الاختفاء القسري باعتباره جريمة في القانون العراقي، بحسب التقرير، الذي أشار إلى أن، “لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري” حثّت العراق على وضع الأساس فورا لمنع هذه الجريمة النكراء والقضاء عليها ومعالجتها.

حجم المخفيين قسرا في العراق

منذ العام 1968 وحتى 2003، اختفى ما يصل إلى 290 ألف شخص، بينهم نحو 100 ألف كردي، قسرا في “حملة الإبادة الجماعية” التي شنّها صدام حسين في إقليم كردستان، ليستمر بعد ذلك الاختفاء بعد العملية العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة عام 2003 للإطاحة بنظام صدام حسين، وشهدت اعتقال ما لا يقل عن 200 ألف عراقي، حيث احتُجز نصفهم تقريبا في سجون تحت إدارة الولايات المتحدة أو بريطانيا، بحسب “رويترز”.

اقرأ/ي أيضا: بعد حادثتي بغداد والأنبار.. أسباب وأرقام صادمة وراء انهيار المباني المتكرر في العراق؟

وفقا لما ورد في التقرير الأممي، فإنه ثمة أقاويل بأن المعتقلين جرى القبض عليهم دون أمر قضائي لتورطهم في عمليات تمرد، بينما كان آخرون من المدنيين الذين تواجدوا في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، ولم ينتهي الأمر عند ذلك الحد

فتبع ذلك موجة جديدة من عمليات الاختطاف مع إعلان تنظيم “داعش” قيام دولة الخلافة على ثلث الأراضي العراقية، في حين أن الأنماط الأخرى المستمرة تشمل مزاعم بالاختفاء القسري للأطفال، وخاصة الإيزيديين الذين ولدوا بعد تعرّض أمهاتهم للاعتداء الجنسي في مخيمات “داعش”.

“لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري” طالبت العراق في تقريرها، بتشكيل فريق عمل مستقل لضمان وضع قوائم بأسماء المحتجزين، وإبلاغ عائلاتهم بأماكنهم.

آلاف دعاوى المخفيين خلال نصف عام

في آب/أغسطس الماضي، أعلنت “مفوضية حقوق الإنسان”، تسجيل 11 ألف جريمة إخفاء قسري خلال النصف الأول من العام، وقالت حتى الآن لا يوجد قانون وطني يجرم كل تلك الجرائم.

بيد أن العراق حينها كان قد صادق على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الإخفاء القسري لعام 2006 من قبل رئاسة الجمهورية، غير أنه لم يشرع قانون للبت في جرمها.

اقرأ/ي أيضا: “خان الذهب“.. دراما عراقية تقترب من المتابع وتبتعد عن الواقع

قبل ذلك، كانت اللجنة الأممية المعنية بمتابعة حالات الاختفاء القسري، قد أفادت بتلقي مزاعم وجود 420 مكانا للاحتجاز السري في العراق، كما دعت السلطات العراقية إلى إجراء تحقيق في هذه الادعاءات، وإغلاق أي من هذه المرافق أو تحويلها إلى مراكز احتجاز عادية ومسجلة وخاضعة للإشراف، فضلا عن اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان عدم احتجاز أي شخص، بصورة سرية، في المستقبل.

بالمقابل، كانت السلطات العراقية قد أكدت في وقت سابق، أنها تعمل على مواجهة ظاهرة الاختفاء القسري، من خلال إنشاء لجنتين لتقصي الحقائق خلال عامي 2016 و2018 وصياغة مشروع قانون حماية الأشخاص من الاختفاء القسري. 

قضية الاختفاء القسري في العراق

يشار إلى أن الاختفاء القسري، يُعد واحدا من المشكلات المستعصية في العراق، لأن المتورطين فيها هم شركاء بالعمل الأمني والسياسي، وتحديدا الميليشيات الموالية لإيران، إذ إن خلال فترة الحرب على تنظيم “داعش” في مدن شمال وغرب العراق، اختُطف أكثر من 20 ألف نازح، فيما لا يزال مصيرهم مجهولا حتى الآن، لتشكل أزمة سياسية واجتماعية مؤلمة في البلاد.

وفقا لـ “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، يوجد في العراق أحد أكبر الأعداد من الأشخاص المفقودين بالعالم، حيث تُقدر اللجنة الدولية للمفقودين التي تعمل بالشراكة مع الحكومة العراقية للمساعدة في استرداد المفقودين وتحديدهم، أعداد المفقودين منذ عام 2016 إلى 2020 بين 250 ألفا ومليون شخص.

في وقت سابق، كشفت تقارير صحفية، أنه في مدينة الموصل وحدها هناك أكثر من 8 آلاف شخص مخفي منذ عام 2014، والقسم الأكبر منهم محتجز قسرا لدى الحكومة والفصائل المسلحة. 

فيما بلغ عدد المخفيين قسرا في قضاء الدور بمحافظة صلاح الدين على يد الفصائل المسلحة أكثر من 15 ألف شخص، معظمهم في سجون سرية، وفي الأنبار هناك أكثر من 3 آلاف مخفي قسرا، وفي ديالى أكثر من ألفي مخفي، بحسب التقارير. 

الجدير بالذكر، أنه على مدى عمليات التغييب القسري في العراق، تشير أصابع الاتهام إلى الميليشيات المسلحة المقربة من إيران، لاسيما في ظل عشرات الصور ومقاطع الفيديو التي وثّقت وقوف تلك الجهات خلف عمليات الإخفاء القسري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات