حرب الأسعار وتراشق المسؤولية بين “التجارة الداخلية” والتجار.. كيلو اللحم بـ 40 ألف؟

في ظل التخبط الكبير والارتفاع في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، تشهد الأسواق السورية باستمرار تراشق بالاتهامات بين وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، وتجار مختلف السلع، إذ تتهم الوزارة دائما التجار برفع أسعار المواد بدون مبررات، بينما يقول التجار إن الارتفاع ناجم بالدرجة الأولى عن ارتفاع مستلزمات وتكاليف الإنتاج.

في ظل فشل وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” في ضبط أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، فإنها دائما ما تحاول إلقاء اللوم على التجار والتهرب من المسؤولية، حيث أشار تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، أن الوزارة كذّبت زاعم ارتفاع التكاليف وضيق هوامش الربح التي يسوقها التجار وهم يبررون ارتفاع أسعار مبيعاتهم، وبالتالي “جلد” المستهلك، وحرمانه من فرصة إكمال نواقص مائدته.

تدخل إيجابي؟

الوزارة عمدت خلال الأسبوعين الماضيين، إلى طرح سلعة اللحوم في صالاتها ضمن بعض المحافظات السورية بأسعار أقل من السوق، حيث أعلن فرع السورية للتجارة في حماة، استمرار بيع اللحوم بأنواعها المختلفة، بأسعار تنافس اسعار السوق طوال شهر رمضان، حيث يباع الفروج بسعر 19500 ليرة سورية للكيلو جرام، ولحم الخروف 40000 ليرة للكيلو.

تجار وبائعو لحوم في سوريا، شككوا في قدرة الوزارة على الاستمرار في بيع اللحوم بهذه الأسعار، حيث أن أسعارها الحقيقية تتجاوز هذه الأرقام، بالنظر إلى تكاليف الإنتاج والنقل، حيث يبلغ سعر كيلو الفروج في الأسواق نحو 27 ألف ليرة ولحم الخروف يتجاوز سعره 80 ألف ليرة.

“الكميات محدودة والهدف معروف وهو التهرب من المسؤولية”، قال نادر بصمجي، وهو لحام يعمل في مدينة دمشق، مؤكدا أن الأسعار التي وضعتها وزارة “التجار الداخلية وحماية المستهلك” غير منطقية أبدا، إذ إن تكلفة اللحوم تتجاوز هذه الأسعار، مشيرا إلى أن الوزارة لن تستطيع الاستمرار بالبيع وفق هذه الأسعار.

بصمجي قال في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “الوزارة تسعى فقط للتهرب من مسؤولياتها إزاء ارتفاع الأسعار، فالكميات الموجودة في صالات التجارة محدودة جدا ولا تكفي ولا حتى ربع حاجة السوق، فهي لا تقدم الدعم المطلوب لمربي المواشي من أجل خفض تكاليفهم وبالتالي انخفاض عام في الأسعار، وليس انخفاض محدود”.

ورغم تراجع حدة الطلب على لحم الدجاج في سوريا، ما تزال الأسواق السورية تسجل ارتفاعات متتالية على أسعاره، حيث جرت العادة أن ترتفع الأسعار مع بداية شهر رمضان، وتنخفض بشكل تدريجي، إلا أن ما حدث هذا العام مغاير تماما، ما يطرح التساؤلات حول أسباب استمرار هذا الارتفاع. 

ارتفاع مستمر في الأسعار

ارتفاع الطلب على لحوم الدجاج هذا العام، جاء مضاعفا بسبب اعتماد العائلات السورية عليه لتحضير وجباتهم الرمضانية، وذلك إثر مواجهتهم صعوبة بالغة في الحصول على اللحوم الحمراء التي أصبحت أسعارها تفوق القدرة الشرائية لمعظم السوريين مؤخرا.

قد يهمك: ذروة العيد.. غياب الرقابة يرفع أسعار التنقل بين المحافظات

بحسب تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، فقد تراوح سعر كيلو شرحات الدجاج في الأسواق، بين  42 و45 ألف ليرة سورية، بعد أن كان يُباع خلال الأيام الأولى من رمضان بحدود 35 ألف ليرة، كذلك شهدت بقية أجزاء الفروج ارتفاعات بنسب متفاوتة، وقد جاء هذا الارتفاع على الرغم من إغلاق محلات بيع الشاورما منذ بداية رمضان، والتي تستهلك القسم الأكبر تقريبا من منتجات أجزاء الفروج عادة.

 متوسط سعر كيلو اللحم الأحمر سجّل مع أول أيام رمضان ما بين 80  إلى 90 ألف ليرة سورية، بينما تراوح سعر كيلو اللبن بين 4 إلى 5 آلاف ليرة سورية  والبصل 15 ألف ليرة للكيلو الواحد، ذلك ما يجعل تكلفة إعداد “الطبق الأبيض” الرمضاني تتجاوز راتب موظف حكومي لشهر كامل.

خلال الأيام الأخيرة ومع ارتفاع أسعار مختلف المواد الغذائية، زاد الإقبال على الأطعمة المصنوعة من البقوليات كالفول والفتّة والفلافل، وهي من الأطباق الشعبية منخفضة التكلفة، وتُعد أحد الأطباق الثانوية خلال شهر رمضان في سوريا لكنها تحولت إلى قائمة الأكلات الأساسية المقدمة في مائدة الإفطار، بعد الغلاء الكبير الذي شمل اللحوم بأنواعها.  

بدوره أكد رئيس الجمعية الحرفية للمطاعم والمقاهي والمنتزهات بدمشق كمال النابلسي، أن هناك إقبال واضح على شراء هذه الأصناف، لافتا إلى أن نسبة شراء الفول والفتات والحمص الناعم (المسبحة) بلغت 70 بالمئة خلال شهر رمضان، فيما كانت النسبة 50 بالمئة خلال رمضان العام الماضي.

لا يبدو أن الحكومة السورية، لديها أي خطة من أجل خفض الأعباء المادية على السوريين، أو تأمين السلع الأساسية والمواد الغذائية بأسعار مناسبة، لكن فهي تلجأ إلى الحيل من أجل إلقاء المسؤولية على جهات أخرى كالتجار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات