في ظل الغلاء المستمر للسلع الأساسية والمواد الغذائية في سوريا، وضعف القدرة الشرائية للسوريين، شهد شهر رمضان تغيير في مواد المائدة الرمضانية، مع الحفاظ على الطقوس نفسها في تنوع الأطباق المقدمة على مائدة الإفطار، لكن العوائل السورية اتجهت إلى الاعتماد على أطباق أقل كلفة هذا العام بنسبة كبيرة.

الأطعمة المصنوعة من البقوليات كالفول والفتّة والفلافل، من الأطباق الشعبية منخفضة التكلفة، وتُعد أحد الأطباق الثانوية خلال شهر رمضان في سوريا، لكن هذا العام يبدو أنها تحولت إلى قائمة الأكلات الأساسية المقدمة في مائدة الإفطار، بعد الغلاء الكبير الذي شمل اللحوم بأنواعها.

البقوليات الأكثر استهلاكا

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، أكد ارتفاع معدلات الإقبال على محلات صنع الفول والفتة والفلافل، حيث تحوّل إلى طبق أساسي على الإفطار والسحور لمعظم العائلات السورية، بسبب عدم قدرتهم على تحضير الوجبات التي تعتمد على اللحوم بأنواعها.

وخلال الفترة التي تسبق أذان المغرب، تشهد محلات بيع الفول ازدحاما غير مسبوق في شوارع العاصمة دمشق، حيث أكد أصحاب المحال ارتفاع مستويات الطلب على الوجبات التي يصنعونها، بعد أن هجرت معظم العوائل الطبخات الأساسية المعتادة في رمضان.

بدوره أكد رئيس الجمعية الحرفية للمطاعم والمقاهي والمنتزهات بدمشق كمال النابلسي، أن هناك إقبال واضح على شراء هذه الأصناف، لافتا إلى أن نسبة شراء الفول والفتات والحمص الناعم (المسبحة) بلغت 70 بالمئة خلال شهر رمضان، فيما كانت النسبة 50 بالمئة خلال رمضان العام الماضي.

النابلسي، أشار في تصريحات نقلها موقع “أثر برس”، إلى أن السوريين لم يتأثروا بشكل كبير في ارتفاع أسعار هذه الوجبات الشعبية، على اعتبار أنها تبقى أرخص من جميع الأكلات الرمضانية الأخرى التي تحتاج إلى اللحوم، حيث يبلغ سعر كيلو المسبّحة 15 ألف ليرة، ولللمواطن أن يطلب بالمبلغ الذي يناسبه بـ 6000 او 7000 ل.س، وكذلك بالنسبة للفول سعر الكيلو السادة 6000 ليرة وهذا ما ترغب به ربات المنازل أن تشتريه سادة من أجل التفنن في صناعته بالمنزل”.

غلاء يقتحم إفطار المنازل 

في سياق آخر فإن معظم العائلات السورية تجد صعوبة أيضا في تحضير الوجبات الرمضانية حتى في المنزل، ذلك مع ارتفاع أسعار مستلزمات المائدة الرمضانية على الإفطار والسحور، من لحوم وألبان وأجبان وغيرها من المواد التي تدخل في صنع وجبات رمضان. 

قد يهمك: المطاعم السورية تئن.. رواتب الموظفين تجبرهم على تجاهل وجبات الإفطار الجاهزة؟

منذ أكثر من خمس سنوات ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية، يأتي شهر رمضان في ظل انخفاض حاد بالقدرة الشرائية للمواطنين، ما يجعل من تحضير “الأطباق الرمضانية” أمرٌ غاية في الصعوبة، ويطرح التساؤلات حول خيارات العائلات داخل سوريا في ظل عدم قدرتهم على شراء المستلزمات الرمضانية الكاملة.

 متوسط سعر كيلو اللحم الأحمر سجّل مع أول أيام رمضان ما بين 80  إلى 90 ألف ليرة سورية، بينما تراوح سعر كيلو اللبن بين 4 إلى 5 آلاف ليرة سورية  والبصل 15 ألف ليرة للكيلو الواحد، ذلك ما يجعل تكلفة إعداد “الطبق الأبيض” الرمضاني تتجاوز راتب موظف حكومي لشهر كامل.

 من النادر أن تجد في سوريا عائلة في المرحلة الراهنة، قادرة على إعداد إفطار وفق العادات السورية القديمة، والمتمثلة بطبخة تقدم كطبق رئيسي إلى جانب العديد من أنواع المقبلات والمشروبات الرمضانية، إضافة إلى أنواع من الحلويات يتم إعدادها خصيصا لتقديمها طوال أيام شهر رمضان.

تكاليف الأكلات الرمضانية أصبحت عبئا ثقيلا على السوريين هذه الأيام، فقد أشار الدكتور في كلية الاقتصاد بدمشق علي كنعان، إلى أن الحد الأدنى لكلفة وجبة الإفطار بشهر رمضان لخمسة أشخاص تتراوح ما بين 80 إلى 140 ألف ليرة سورية، مؤكدا في تصريحات نقلتها إذاعة “شام إف إم” أن “سفرة رمضان قد تتجاوز متوسط تكلفتها يوميا مئة ألف ليرة سورية”.

 حتى صحن “الفتوش” وهو من الأطباق الرئيسية في رمضان والأقل تكلفة، يبلغ تكلفته بحسب ما أفادت به تقارير محلية، 15 ألف ليرة سورية، وذلك بعد ارتفاع أسعار معظم مكوناته الأساسية، فقد وصل سعر باقة البقدونس إلى 800 ليرة سورية، والنعناع إلى 1000 ليرة سورية، والبقلة والخيار 4500 ليرة سورية، فيما سجلت الأسواق سعر 20 ألف ليرة لليتر الواحد من زيت الزيتون.

 في ظل الأزمة الاقتصادية والغذائية التي تعيشها سوريا، تؤكد تقارير المنظمات الدولية أن نحو 69 بالمئة من السوريين في سوريا تحت خط الفقر، في وقت تساعد الحوالات المالية المرسلة من أقاربهم وأصدقائهم في الخارج إلى التخفيف من وطأة الأزمة عليهم .

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات