في خطوة غير متوقعة، ستشهد سوريا في شهر أيار/مايو القادم تعديلا جديدا في أسعار الاتصالات، ما أثار ضجة بين المواطنين. حيث قوبلت التعريفات الجديدة، التي من المتوقع أن تتجاوز متوسط راتب الموظف، بالانتقادات والمخاوف بشأن تأثيرها على الوضع المالي للمواطنين المتوتر بالفعل. 

القرار يأتي وسط فترة من الصعوبات الاقتصادية في البلاد، تميزت بانهيار الليرة السورية وتزايد ندرة السلع والخدمات الأساسية. حيث يتساءل الكثيرون الآن عن مبررات هذه الزيادات في الأسعار وانعكاساتها المحتملة على السكان الذين يعانون بالفعل.

زيادة 50 بالمئة

“هيئة تنظيم البريد والاتصالات” السورية أعلنت أمس الاثنين، أنه سيتم تعديل أسعار خدمات الاتصالات الثابتة والخلوية اعتبارا من بداية شهر أيار/مايو المقبل. 

أحد المواطنين أمام محل اتصالات - موقع "الحدود"
أحد المواطنين أمام محل اتصالات – موقع “الحدود”

الهيئة ذكرت على صفحتها الرسمية في موقع “فيسبوك”، أن التعديل سيشمل ما بين 30 و35 بالمئة زيادة في التعرفة الأساسية لخدمات الاتصالات الخلوية، و35-50 بالمئة لخدمات الاتصالات الثابتة.

بحسب الصفحة الرسمية للهيئة، سيتم نشر الأسعار التفصيلية على المواقع الإلكترونية للشركات المرخصة في قطاع الاتصالات. مرجِعة التعديل إلى الزيادة الكبيرة في تكاليف المكونات الأساسية ونفقات التشغيل لشبكات الاتصالات الخلوية والثابتة. وأن الهدف هو ضمان استمرار خدمات الشركات العاملة في مجال الاتصالات لمشتركيها.

هذا القرار أثار مخاوف السكان وهو يأتي في وقت يواجه فيه الاقتصاد السوري أزمة حادة.

قيمة الليرة السورية انهارت، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم وزيادة صعوبة تحمل الناس للضروريات الأساسية. مشيرين من خلال تعليقاتهم على القرار بأن  الزيادة في أسعار الاتصالات السلكية واللاسلكية ستؤدي إلى زيادة العبء على الأُسر التي تكافح بالفعل.

علاوة على ذلك، فإن راتب الموظف في سوريا بالكاد يكفي للاحتياجات الأساسية؛ لكن مع هذا القرار فإن الراتب بات يكفي فقط للحصول على 5 جيجا بايت شهريا، وهو ما يعادل مشاهدة فيلم وتشغيله على الهاتف لمرة واحدة. وبالتالي، فإن التعديل الجديد في أسعار الاتصالات في سوريا يتجاوز راتب الموظف.

التعميم نافذ ولا نقاش

بعد ساعات من إعلان “هيئة تنظيم البريد والاتصالات” عن قرار الزيادة، أصدرت شركة “سيريتل” تعميما على صفحتها بيّنت فيه القيمة الجديدة التي ستقطعها من مشتركيها ابتداء من شروق شمس الأول من أيار/مايو المقبل.

الشركة أوضحت على صفحتها في موقع “فيسبوك”، أن السعر الجديد لدقيقة الخلوي للخطوط مسبقة الدفع هو 35 ليرة سورية، فيما سترتفع سعر دقيقة الخلوي للخطوط لاحقة الدفع إلى 33 ليرة سورية، فيما بات سعر الميغا بايت خارج الباقات 22 ليرة سورية.

مقر شركة "سيريتيل" سوريا - مجلَّة "صُـوَر"
مقر شركة “سيريتيل” سوريا – مجلَّة “صُـوَر”

هذه الزيادة تأتي بعد 10 أشهر من إقرار أسعار جديدة في منظومة الاتصالات السورية، حيث رفعت أجور الاتصالات والإنترنت في سوريا في حزيران/يونيو 2022 بنسبة 50 بالمئة، بحجة تغطية النفقات التشغيلية، بهدف الحصول على الوقود وتسديد أجور شركات الطاقة والعمال.

“هيئة تنظيم الاتصالات والبريد” أوضحت حينها أن الزيادة في أجور الاتصالات السلكية واللاسلكية والإنترنت ضرورية لتمكين شركات الاتصالات من إنجاز المشاريع المطلوبة منها الصيانة وإعادة التأهيل وما إلى ذلك، فضلا عن الوفاء بالتزاماتها المالية بالنقد الأجنبي بالنسبة للشركات العالمية التي تقدم الخدمات، نافية أن الدافع وراء هذا القرار هو أسباب تجارية وربحية.

فراس البدين، مدير التسويق بالشركة السورية للاتصالات، أشاد آنذاك بأن نسب أجور الاتصالات وقبل عشر سنوات، لم تتعد ضعفين ونصف ضعف ما كانت عليه في السابق، مستشهدا بعروض شركة الاتصالات الخليوية والدقائق المجانية كدليل.

“التعليمة“.. طريقة جديدة قديمة

بعد هذا القرار يقف السوريون في حيرة من أمرهم أمام أي ارتفاع جديد في أسعار السلع والخدمات في سوريا، فبعد تطبيق زيادة أسعار خدمات الاتصالات يبدو أن السوريين سيعودون للحيل التقليدية للاتصال فيما بينهم دون الاضطرار لدفع أجرة المكالمات.

رفع اسعار الاتصالات في سوريا - موقع "النهار"
رفع اسعار الاتصالات في سوريا – موقع “النهار”

على الرغم من أن سوريا تقدم أرخص سعر لحزم الإنترنت والاتصالات عالميا​، وذلك بسبب انخفاض قيمة عملتها، إلا أن 50 بالمئة فقط من السكان لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت، كما تعتبر أجور الاتصالات عالية إذا ما تمت مقارنتها بمتوسط الدخل في البلاد.

العديد من السوريين أكدوا خلال تعليقاتهم على القرار أنهم سيعودون لظاهرة “التعليمة” أو “الاتصال بدون مكالمة“، وذلك بعد تطبيق نظام رفع أسعار الاتصالات، وهي ظاهرة كانت منتشرة بشكل واسع، في مطلع انطلاق شركات الاتصالات اللاسلكية في سوريا.

شركات الاتصالات الخاصة في سوريا، أعلنت في العديد من المناسبات، أنها تعاني من تقنين الكهرباء، كما أنها تعاني من ارتفاع أسعار المازوت والفيول المشغّل لأبراجها وكذلك البطاريات.

أما “الشركة العامة للاتصالات” المملوكة للدولة، فكانت تدعي المعاناة من انخفاض سعر الصرف، مشيرة إلى أنها تدفع مقابل الخدمات المقدمة خارج سوريا بالعملات الأجنبية وتستورد معداتها بالعملات الأجنبية، مما يرفع من نفقاتها، وكل ذلك يعود بالسلب على المواطن الذي لا يتجاوز دخله في أحسن الأحوال 120 ألف ليرة سورية شهريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات