تزامنها مع فشلها في حل أزمة المواصلات المستمرة منذ سنوات، رافقتها أزمات عديدة في تأمين المحروقات لسائقي وسائل النقل العامة والخاصة، تسعى الحكومة السورية، إلى توفير المحروقات الذي تُمنح بشكل دوري لسائقي وسائل النقل، في المقابل يشتكي السائقون من القرارات الحكومية التي تحاصرهم وتدفعهم ربما لترك المهنة.

سائقو وسائل النقل في سوريا، يضطرون للحصول على المواد النفطية عبر الحكومة، وذلك بأسعار مدعومة في محاولة من الحكومة خفض تكاليف التشغيل، لتقديم خدمات المواصلات بأقل سعر ممكن إلى المواطن، إلا أن أصحاب السيارات يؤكدون باستمرار أنهم لا يحصلون على كميات كافية لعملهم اليومي.

ملاحقة السائقين

الحكومة السورية تسعى بدورها إلى تقليص كميات المحروقات التي تقدمها لقطاع المواصلات بأسعار مدعومة، وذلك استنادا لقرار صادر عن رئاسة مجلس الوزراء، المتضمن طلب من المحافظات، “الترشيد في الإنفاق وتوزيع المواد البترولية وإيصالها إلى مستحقيها”، في مؤشر على عجز الحكومة في تأمين المحروقات الكافية لوسائل النقل.

بعد أن أجبرت الحكومة، جميع سائقي وسائل النقل العامة على تركيب أجهزة تتبع “جي بي إس” من أجل مراقبة عملهم، حددت محافظة دمشق مهلة لجميع الآليات والسيارات الحكومية والتكاسي وسيارات الغاز وآليات نقل البضائع وذلك لتركيب أجهزة التتبع، بقرار اعتماد نظام التتبع الالكتروني لجميع “السرافيس” وباصات النقل الداخلي وذلك ضمن إطار التوجه العام لتركيب الجهاز على جميع الآليات.

الحكومة السورية تبرر إجبارها على تركيب هذه الاجهزة، بضرورة مراقبة عمل السائقين، وذلك بهدف عدم ذهاب المحروقات المدعومة لأشخاص لا يعملون على آلياتهم ويتجهون إلى ضخ المحروقات المدعومة في السوق السوداء.

صحيفة “الوطن” المحلية، نقلت عن مصدر في محافظة دمشق، قوله إن “التعليمات التنفيذية لآلية تطبيق القرار ستصدر خلال الأيام المقبلة”، مشيرا إلى أن تطبيق نظام التتبع على وسائل النقل، ساهم بتوفير كميات كبيرة يوميا من مادة المازوت، “وبالتالي أصبح من الضروري أن يطبق الأمر على سيارات الأجرة العاملة على البنزين إضافة إلى آليات نقل البضائع”.

قد يهمك: الشاورما سبب ارتفاع أسعار الفروج في سوريا؟

تطبيق قرار تركيب أجهزة التتبع على هذه الآليات، سيتطلب من أصحابها تسديد قيمة الجهاز خلال فترة أقصاها شهر، وكانت الجهات الحكومية هددت في وقت سابق من يمتنع عن تركيب الجهاز، بوقف بطاقته الالكترونية وبالتالي وقف منحه المحروقات بأسعار مدعومة.

آليات غير مجدية؟

سائقو وسائل النقل أكدوا أن تطبيق آلية التتبع لم يساهم في حصولهم على كميات كافية من المحروقات، إذ يضطرون لشراء الكميات الباقية من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وبالتالي رفع التعرفة على المواطنين، الأمر الذي يدخلهم باستمرار في مشادات كلامية مع الزبائن.

“أحيانا امتنع عن العمل بعد انتهاء البنزين المخصص” قال أحمد سلامة وهو سائق سيارة أجرة يعمل في دمشق، مؤكدا أنه يقضي أحيانا ربع ساعات عمله بالبحث عن بنزين لسيارته، أو الوقوف في الطوابير أمام محطات البنزين للحصول على المحروقات.

سلامة قال في حديث خاص مع “الحل نت”، “المحافظة تقول إنه وفرت عبر نظام التتبع كميات من البنزين والمازوت، لكن أي هي، لماذا لا يتم تقديم بنزين كافي لسيارات الأجرة، أنا أعمل 8 ساعات يوميا على سيارتي، وهناك شريك لي يعمل 8 ساعات أخرى، والبنزين المقدم لنا لا يكفي لنصف ساعات العمل”.

آلية مراقبة السائقين عبر تقنية تحديد الموقع، أقرتها الحكومة لضمان الالتزام وتواجد وسائل النقل العامة على خطوطها، إلا أنها فشلت هي الأخرى في إحداث فرق في أزمة المواصلات، حيث أكد العديد من الأهالي ممن تحدث إليهم “الحل نت” في دمشق، أنهم لم يلحظوا أي فرق سوى في بعض الأيام الأولى من إقرار هذه الآلية.

في جولة على الشوارع في العاصمة دمشق، ستجد الازدحام الشديد على وسائل النقل القليلة، في ظل امتناع شريحة واسعة من السائقين عن العمل، بدعوى عدم تلقيهم مخصصاتهم الكافية من المحروقات، ومحاولة الحكومة ملاحقتهم وفرض العقوبات، لتصبح المواصلات عبئا جديدا يضاف إلى أعباء المواطن المعيشية والاقتصادية.

مؤخرا انتشرت الدراجات الهوائية في شوارع العاصمة دمشق، حيث أكد موقع “سيريا نيوز” في تقرير نشره مؤخرا، أن الأهالي اتجهوا بشكل جماعي خلال الأشهر الماضية لشراء “البسكليت” بهدف استخدامها كوسيل عن وسائل النقل المحلية، التقرير أشار إلى رواج مهنة بيع وصيانة الدراجات الهوائية، بسبب ندرة وغلاء خدمات المواصلات في سوريا.

لا يبدو أن حكومة دمشق لديها آلية عملية للتقليل من أزمة المواصلات في المناطق الخاضعة لسيطرتها في سوريا، في وقت تتحدث بين الفينة والأخرى عن مشاريع ضخمة تتعلق بإحداث مترو في دمشق، أو بعض الأنفاق في العاصمة، إلا أن جميعها بقيت حبرا على ورق، فيما يطلق المسؤولون السوريون المبررات والأعذار لتأخر تنفيذ هذه المشاريع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات