في حين كانت الفواكه الصيفية من بين السلع الرخيصة الثمن مقارنة بالأصناف الأخرى، إلا أنها انضمت منذ سنوات عديدة ولا سيما مؤخرا لقائمة الكماليات والرفاهيات لدى المواطنين السوريين، إثر ارتفاع أسعارها الغالية مقارنة بمداخيل وأجور الأهالي، وسط التدهور الاقتصادي.

منذ بدء فصل الصيف وأسعار الفواكه في تصاعد مستمر، وإذا لم تنخفض الأسعار فسيُحرم نسبة كبيرة من العوائل السورية منها هذا العام، حيث صار شراء ولو كيلو غراما واحدا من أي نوع من أنواع الفواكه يحتاج إلى خطة وتوفير ومغامرة، لذا استغنى عنها الكثيرون وغادرت موائدهم تماما.

الفواكه ترف!

الكثير من المواطنين يرون وفق العديد من التقارير المحلية، أن شراء كيلو من أي صنف من الفواكه بـ 10 آلاف ليرة غالٍ جدا مقارنة بمستوى الرواتب، وبالتالي عزفوا عن هذه المواد، وبات شراء المواد الأساسية من السكر والأرز والشاي مقصدهم.

الأسواق السورية- “إنترنت”

مواطنون بيّنوا لصحيفة “الوطن” المحلية اليوم الثلاثاء، أن أسعار الفواكه مرتفعة جدا، حتى إنها هذا العام لم تحل حتى كضيف شرف ولو لمرة واحدة على موائدهم، وباتت الفواكه رفاهية، وعلى ما يبدو ستنضم الكثير من الفواكه الصيفية إلى قائمة الكماليات وتودع معظم موائد السوريين مع ارتفاع أسعار كل الأصناف من دون استثناء.

هذا وتراوح سعر كيلو الكرز في الأسواق بين 10 – 13 ألف ليرة سورية حسب نوعيته ومصدره، وفي بعض الأسواق وصل إلى 18 ألف ليرة، كما تراوح سعر كيلو المشمش والدراق بين 5 – 10 آلاف ليرة، أما التوت فهو بين 4-6 آلاف، ووصل سعر كيلو البطيخ الأخضر والأصفر بين 2000 – 4000 ليرة.

بعض أصحاب محال بيع الخضار والفواكه يقولون إن الإقبال على شراء الفواكه وحتى الخضار ضعيف، والمبيع حاليا لأصناف محددة كالبطاطا والبندورة بمقدار طبخة باليوم الواحد لكل أسرة.

الكثير من المواطنين يقولون إن هذه الأسعار لا تناسبهم إطلاقا، وهم يمتنعون عن شراء جزء كبير من الفاكهة ولا يكتفون إلا بشراء منتجات ذات جودة منخفضة ورخيصة وفي أوقات الذروة وليس في بداية المواسم عندما تكون الأسعار مرتفعة، وبالتالي تنضم فواكه الصيف إلى قائمة الكماليات وتودّع معظم موائد العوائل السورية، حيث إن الغلاء يلتهم جميع الأصناف دون استثناء، فكيلو واحد من منتج البطيخ بات يقترب من ربع راتب الموظف الحكومي.

الاقتصاديون يرون أن المشكلة ليست في ارتفاع الأسعار، بل إنها تكاد تكون مساوية لأسعار دول الجوار، لكن المشكلة تكمن في تدني مستوى الأجور والمداخيل، فمثلا راتب الموظف الحكومي لا يتجاوز 20 دولارا شهريا، وهذا خارج العقل والمنطق، فلا يُعقل أن يدير المواطن معيشته بهذا المبلغ، لذلك يجب على الحكومة إعادة النظر في مستوى الرواتب والمداخيل، وإلا فسترتفع معدلات الفقر أكثر مما هو عليها.

تهرب حكومي

بدوره، عضو لجنة مصدري الخضار والفواكه في دمشق محمد العقاد، أرجع سبب ارتفاع أسعار الفواكه الموسمية وخاصة الكرز إلى ما حصل لموسم هذا العام، في مناطق سرغايا والقلمون وما أحدثته حبات البرد به، ما أدى إلى تراجع الموسم.

أما بخصوص التصدير إن كان سببا في ارتفاع الأسعار، زعم العقاد أن أغلبية الناس يخطئون بربط ارتفاع أسعار أي مادة بالتصدير، وأردف أن موسم التصدير غير مرتبط بالمنتج المحلي، فالمادة المعدة للتصدير غير المعدة للأسواق المحلية. ولم يكشف ما هي المواد التي يتم تصديرها ولا تتواجد في الأسواق.

أما عن أسعار الفواكه في سوق الهال بيّن العقاد أن سعر كيلو الكرز وصل في السوق بين 5 – 10 آلاف ليرة حسب نوعيته، فيما وصل سعر كيلو البطيخ الأخضر والأصفر إلى 1500 ليرة، أما المشمش والدراق فتراوح سعر الكيلو منه بين 4-6 آلاف ليرة.

على الرغم من أن مزارعي البطيخ في محافظة درعا يواصلون تسويق باكورة إنتاجهم إلى الأسواق، ومن المتوقع أن تزداد خلال الفترة القريبة القادمة وتيرة قطاف المحصول تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة ووصول الإنتاج إلى ذروته، إلا أن الأسعار لا تزال مرتفعة ولا تتناسب مع جيوب المواطنين.

خاصة وأن البطيخ يُعد من المحاصيل الصيفية المهمة في سوريا والتي حققت زراعتها نجاحا نسبيا سواء من حيث النوعية أو الإنتاجية، نظرا لوفرة إنتاجه وقلة تكاليفه قياسا بأصناف أخرى، وتحديدا لجهة احتياجاته الأقل من المياه، وتصل مردودية الهكتار الواحد في الأراضي المروية إلى 75 طنا وفي الأراضي البعلية 20 طنا.

هذا وتبلغ المساحات المزروعة بالبطيخ الأحمر في المحافظة حسب ما أوضح رئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية زراعة درعا المهندس وائل الأحمد لصحيفة “تشرين” المحلية مؤخرا، 470 هكتارا، بزيادة 30 هكتارا على المساحات المخططة، فيما تبلغ المساحات المزروعة بالبطيخ الأصفر 273 هكتارا، لافتا إلى أن هذه المساحات المزروعة مروية في حين تدنت المساحات المزروعة بعلا إلى 50 هكتارا فقط لكل محصول، علما أنه كان من المخطط زراعة 376 هكتارا بالبطيخ الأحمر البعل و300 هكتار بالأصفر البعل.

أسواق الخضار والفواكه بسوريا- “إنترنت”

عن أهمية التصدير اليوم شدد العقاد، على أنه السبيل الوحيد لتعويض الفلاحين عن تكاليف الإنتاج من الأسمدة والمحروقات وغيرها، وهو ضمان لاستمرار الفلاح بعمله فالمزارع يهتم دائما بالأصناف المعدّة للتصدير، لأن الأسعار المحلية لا تعوضه عن خسارته، كما أن القدرة الشرائية للمواطن اليوم ضعيفة ولا تحتوي على فائض الإنتاج، وكثير من المواطنين اليوم عزفوا عن شراء الفواكه حتى غدت من الكماليات لديهم، ويقتصر استهلاكهم على الخضار والأشياء الضرورية فقط، وفق تعبيره.

الغلاء يجتاح الأسواق

منذ أسابيع عدة، وتشهد أسواق الخضار والفواكه موجة غلاء غير مسبوقة، حيث وصل سعر  كيلو الفليفلة إلى 13 ألف ليرة سورية، كما سجلت البطاطا سعر 2500 ليرة للكيلو الواحد، بينما بلغ متوسط سعر كيلو الكوسا 5 آلاف.

بحسب تقرير لإذاعة “شام إف إم” المحلية، مؤخرا، فقد سجّل الخيار سعر 4500 ليرة سورية للكيلو، والزهرة 2500 ليرة، في حين وصل سعر الخسة الواحدة إلى 1800 ليرة، وكيلو الملفوف 1000 ليرة، والجزر 2000 ليرة، والبصل الأبيض 8500 ليرة، و500 ليرة لكل باقة من النعناع والبقدونس والكزبرة، و1500 ليرة للبقلة.

بالانتقال إلى أسعار الفواكه فقد سجّلت هي الأخرى ارتفاعات بنسب متفاوتة بين عشرة إلى عشرين بالمئة، حيث وصل سعر كيلو التفاح إلى 4500 ليرة سورية، والجريفون  1500 ليرة، والبوملي 3500 ليرة، والفريز أيضا التحق بالموز وارتفع سعره ووصل إلى سعر 6000 ليرة، والعوجا 4000 ليرة.

في الواقع، إذا قورنت هذه الأسعار مع رواتب وأجور المواطنين، سيمتنع معظمهم عن شراء هذه السلع، باعتبار أن متوسط ​​دخل المواطنين يتراوح بين 140-180 ألف ليرة سورية، ويلاحظ أن الأسعار تتصاعد بشكل شبه أسبوعي، إضافة إلى أن الحكومة تصدر قراراتها كل فترة لرفع أسعار المحروقات والغاز، الأمر الذي يؤثر على جميع مناحي الحياة اليومية، وسط تدهور الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي.

وسط هذا التخبط الكبير والارتفاع في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، يتساءل السوريون حول الجهة المسؤولة عن ضبط الأسعار.

في وقت تتهم فيه وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” التجار بعدم الالتزام بقوائم الأسعار الصادرة عن الجهات الحكومية، يردُّ التجار ويبرّرون غلاء الأسعار بالارتفاع المتواصل لتكاليف الإنتاج، فضلا عن النقص الحاد في موارد الطاقة والمحروقات.

يبدو أن القرارات الحكومية المتعلقة بالتدخل الحكومي في الأسواق، يتم إقرارها بدون دراسة حقيقية لنتائجها وتبعاتها، أو طريقة تعاطي المعنيين معها، لذلك غالبا ما تكون نتائج القرارات الحكومية سلبية، في الوقت الذي من المفترض أنها تأتي لمساعدة المزارعين والتجار والمستهلكين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات