الشعوب حول العالم تتفاجأ بمختلف المشاكل والتحديات التي يواجهونها، ولكن هذه المرة، يُقابل السوريون مصدر جديد يحرمهم من التمتع بأمور ترفيهية، فالمنصات العالمية لبث المحتوى، والتي تجلب لهم المسلسلات والأفلام المشوّقة على شاشاتهم الصغيرة وقفت في طريقهم.

في خطوة غريبة ومثيرة للدهشة، أضافت منصة “ديزني بلس” اللهجة السورية ضمن خيارات العرض المخصصة للمسلسل التركي الجديد “الممثلة”. حتى اللحظة يمكن للعديد أن يعتقد أن هذا خبرا جيدا، ولكن الحقيقة أكثر رهبة من التخيل، فعلى الرغم من هذه التطورات الرائعة، يجد الكثيرون من السوريين أنفسهم غير قادرين على الاستمتاع بتلك التجربة المذهلة.

إدراج اللهجة السورية عالميا

لم تكن هذه الخطوة الأولى التي تتخذها منصة بث عالمية، فقد سبق لشبكة “نتفليكس” أن أدرجت اللهجة السورية ضمن خيارات الترجمة العام الماضي. لقد ثبتت اللهجة السورية نفسها بأنها اللهجة الأكثر نفاذا وقبولا في العالم العربي. وإتاحتها بدلا من دبلجة المسلسلات باللغة الفصحى كانت خطوة تمثلت في قرار صائب وموفق. 

خيار اللهجة السورية على شبكة "نتفليكس" - إنترنت
خيار اللهجة السورية على شبكة “نتفليكس” – إنترنت

قرار منصة “ديزني بلس” بإدراج اللهجة السورية شكل فرحة للفنانين السوريين لاحتمالية فتح سوق جديد أمامهم، فقد كانت اللغة الفصحى تلعب دورا كبيرا في الدراما والمسلسلات المدبلجة وحتى في البرامج التعليمية والتربوية الكرتونية، مع أعمال مثل “افتح يا سمسم” و”المناهل”.

قرار شبكة “نتفليكس” و”ديزني بلس” إتاحة اللهجة السورية كخيار للدبلجة يعكس اعترافا بنفاذية هذه اللهجة بين الناطقين بالعربية، وقد يعتبر البعض أن إتاحة اللهجة السورية بدلا من الدبلجة باللغة الفصحى هو خيار أكثر تقبلا لدى الجمهور.

منصة “نتفليكس” كانت قد أعلنت عن اعتمادها اللهجة السورية بشكل رسمي كلهجة أساسية للدبلجة العربية في مسلسلاتها الأصلية، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وتداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورة تظهر خيار “العربية/سوريا” ضمن الإعدادات الصوتية للمنصة.

مسلسل “الممثلة” الذي بسببه اعتمدت منصة “ديزني بلس” اللهجة السورية، مكوّن من 8 حلقات وتتصدى لبطولته بينار دينيز، وتدور أحداثه حول فتاة تدعى “ياسمين ديرين” تعمل في النهار كممثلة مشهورة، أما عندما يحل الليل فتتحول إلى قاتلة لا تعرف الرحمة، تسعى إلى الانتقام من الأشخاص الذين يمارسون العنف ضد النساء والأطفال.

السوريون محرومون من سماع لهجتهم

إن واقع ضعف القدرة الشرائية للسوريين وارتفاع أسعار الاشتراك في منصات مثل “نتفليكس” و”ديزني بلس” يمثّل تحدّيا كبيرا للمستخدمين السوريين. فرغم أن اللهجة السورية قد تمت إضافتها كخيار في هذه المنصات، إلا أن هذا القرار لم يحل المشكلة الأساسية التي يواجهها المواطن السوري.

منصة "ديزني بلس" - إنترنت
منصة “ديزني بلس” – إنترنت

لا يزال الحد الأدنى للأجور 92.970 ليرة سورية، أي أقل من 13 دولار شهريا، كما ارتفعت تكاليف المعيشة خلال ثلاثة شهور كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير وآذار/مارس بنسبة 41  بالمئة، بينما يتراوح الاشتراك في المنصتين شهريا حوالي 8.25 دولار شهريا، أي ثلثي ما يتقاضاه الموظف داخل البلاد.

علاوة على ذلك، خدمات “نتفليكس” و”ديزني بلس” لا تتوفر في سوريا، وهذا يعني أن الجمهور السوري محروم من فرصة الاستمتاع بمحتوى هذه المنصات وتجربة اللهجة السورية في إطار عالمي.

طبقا لحديث مصادر محلية مع “الحل نت”، فإن هنالك مطالبات بمراعاة تلك القيود، وتوفير فرص واشتراكات تواكب القدرة الشرائية لهم، لمشاهدة مواد ترفيهية وتعليمية متنوعة ولضمان حصول الأطفال والشباب على محتوى ذو جودة وقيمة تساهم في تطورهم الشخصي والثقافي.

لماذا انتشرت اللهجة السورية؟

طبقا للكاتب السوري، يامن مغربي، فإن مطلع الألفية الجديدة، شهد انتشار المسلسلات التركية المدبلجة إلى اللهجة السورية، وذلك استغلالا لانتشار الأخيرة في العالم العربي، مع طفرة إنتاج المسلسلات السورية وانتشارها.

لقطة من مسلسل "الممثلة" الذي سيطرح باللهجة السورية على منصة "ديزني بلس" - إنترنت
لقطة من مسلسل “الممثلة” الذي سيطرح باللهجة السورية على منصة “ديزني بلس” – إنترنت

تعريب المسلسلات التركية بحسب حديث سابق للمخرج الأردني، زيد أبو حمدان، لـ”الحل نت”، ليس مقتصرا فقط على اللهجة السورية، بل شمل أيضا العديد من اللهجات العربية الأخرى. فقد قامت العديد من الشبكات الفضائية وشركات الإنتاج بتعريب هذه المسلسلات بمختلف اللهجات العربية لتناسب جمهورها المتنوع في مختلف البلدان العربية.

لكن تم تبني اللهجة السورية بسبب شهرتها واستخدامها الواسع في الدراما العربية، حيث أسهم النجوم السوريون البارزون بحسب أبو حمدان في نجاح وانتشار هذه المسلسلات، حيث تمكنوا من تقديم أدوار قوية ومؤثرة بلهجتهم السورية الجذابة.

تعريب المسلسلات التركية باللهجة السورية طبقا لحديث المخرج الأردني، يسهم في تقريب العمل من الجمهور العربي وإيصال رسالته بطريقة أكثر تلاؤما مع ثقافتهم ولغتهم الأم. كما أن استخدام اللهجة السورية يضيف جوّا من التشويق والأصالة إلى الأحداث والشخصيات، ويعزز الانتماء الثقافي والتعاطف مع الشخصيات والقصص المحكية.

بالتالي، فإن تعريب المسلسلات باللهجة السورية يُعد خطوة مهمة لتعزيز التنوع الثقافي واللغوي في عالم الدراما العربية. كما أنها فرصة للممثلين السوريين ليبرزوا مواهبهم ويشاركوا في إثراء المشهد الفني العربي، وللجمهور العربي ليستمتع بأعمال درامية مشوّقة تتحدث إليهم بلغتهم وتعبّر عن قضاياهم وتطرح قصصًا تلامس واقعهم.

من الواضح أن اللهجة السورية قد انتشرت في سياق الدراما العربية والعالمية، وذلك بفضل تعريب المسلسلات الأجنبية باستخدام اللهجة السورية. وهذا التطور يعكس قوة وجاذبية اللهجة السورية واستحسان الجمهور لها. ومع قرار منصات العرض العالمية مثل “ديزني بلس” و”نتفليكس” بتوفير خيار الدبلجة باللهجة السورية، تعكس هذه الخطوة استيعاب المنصات لأهمية اللهجة السورية في جذب الجمهور وتقديم تجربة ترفيهية مميزة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات