منذ تعاون مجموعة “إم بي سي” الإعلامية مع النجوم السوريين في تعريب وتقديم المسلسلات التركية، لم يتوقف ممثلو الدراما السورية عن الظهور في مشاريع مشوّقة. إذ تشهد هذه الدراما الجديدة ظهور الفنانين السوريين في مسلسلات مشتركة، حيث يتم تصويرها داخل تركيا.

تبدو قافلة النجوم السوريين التي تعاقدت معهم الشبكة السعودية تتوسع أكثر فأكثر، وآخر الانضمامات هو الفنان أيمن رضا. حيث تعاقد على بطولة النسخة العربية من المسلسل التركي “حب للإيجار”، الذي يجمع النجوم السوريين معتصم النهار وهبة نور وشكران مرتجى، بالإضافة إلى الممثلين اللبنانيين جو طراد وساشا دحدود وغيرهم.

كسر حاجز التعاون مع الممثلين السوريين

قبل نحو ثلاث سنوات، وبعد استقرار الوضع في سوريا، انقلبت الأدوار وبات الممثل السوري الأكثر طلبا لدى مجموعة الـ “إم بي سي” بعد إطلاقها موضة تعريب المسلسلات التركية وتقديم نسخ عربية مشتركة منها، حيث كان للنجوم السوريين نصيب وافر من هذه المشاريع.

مسلسل "حب للإيجار" بالنسخة التركية - إنترنت
مسلسل “حب للإيجار” بالنسخة التركية – إنترنت

هذه التغييرات صبّت في صالح صنّاع الدراما وفقا لصحيفة “الأخبار” اللبنانية، وكذلك انعكست إيجابا على النجوم السوريين، مع تصميمهم على تقديم أدوار مميزة تدعوا للإثارة وتجذب اهتمام المشاهدين، ومع انضمام أيمن رضا لمسلسل “حب للإيجار” يعكس التوجه المستمر نحو تقديم أعمال درامية تجمع بين النجوم العرب في إطار مشترك، مما يضفي عليها بُعدا إضافيا من الشهرة والجمال. 

ملامح المشهد الفني في العالم العربي تغيرت بفضل جهود القائمين على تعريب المسلسلات التركية، حيث قرروا إعادة الحياة والألق إلى عدد كبير من النجوم السوريين الذين كانت أعمالهم في حالة تجمّد. تم اختيار هؤلاء الممثلين ليلعبوا بطولة أعمال درامية جديدة تم تصويرها في تركيا، وبهذه الخطوة وبعدما كان أساسيا في ملعب الدراما السورية، يستعد أيمن رضا لخوض تجربة مغايرة.

هذه الخطوة ليست مجرد تجديد للوجوه وإعطاء فرصة للنجوم السوريين المتألقين من جديد، بل هي أيضا فرصة لتعزيز التعاون الثقافي والفني. إن استخدام مواقع التصوير في تركيا يوفر بيئة جديدة ومشوقة للمخرجين والممثلين، وتقديم الدراما المعربة بجودة عالية ومؤثرة. 

مسلسل “حب للإيجار” أو بالتركية “كيراليك آسك” الذي بدأ تصويره حديثا، يعرُض قصة فتاة تعمل نادلة في مطعم لتعيل أسرتها، تعيش ديفني إلى جانب جدتها وأخيها وشقيقتها الصغيرة بعد أن فقدت والديها، تحاول جعل أحد الشباب الأثرياء يقع في حبها، كما يعرض التحديات التي تواجهها في سبيل تحقيق هذه المهمة في إطار من الرومانسية والكوميديا.

تعريب المسلسلات التركية حصرا باللهجة السورية

كرة تعاونات المنتجين العرب مع النجوم السوريين آخذة في التدحرج، وفي هذا السياق، يصوّر أيمن زيدان وفادي صبيح حالياً مسلسل “في الداخل” في إسطنبول، فيما يشارف قيس الشيخ نجيب وسلافة معمار على الانتهاء من النسخة العربية من مسلسل “الخائن”. كذلك، سيعرض قريبا مسلسل “كريستال” الذي يجمع محمود نصر وستيفاني عطا الله وباميلا الكيك.

أبطال مسلسل "الثمن" المعرب من اللهجة التركية - إنترنت
أبطال مسلسل “الثمن” المعرب من اللغة التركية – إنترنت

طبقا للكاتب السوري، يامن مغربي، فإن مطلع الألفية الجديدة، شهد انتشار المسلسلات التركية المدبلجة إلى اللهجة السورية، وذلك استغلالا لانتشار الأخيرة في العالم العربي، مع طفرة إنتاج المسلسلات السورية وانتشارها.

خلال السنوات القليلة الماضية لم يتوقف الأمر على دبلجة هذه المسلسلات التي حازت على نجاح كبير، بل أُنتجت أعمال عربية مستنسخة حرفيا من النسخة التركية الأم للعمل الفني، واللافت في تجربة المسلسلات التركية ونقلها إلى العربية في مرحلة ما بعد “الدبلجة”، هي أن بعض الإنتاجات الأخيرة في العالم العربي لم تكن مقتبسة، بل مستنسخة بشكل حرفي وعلى جميع الصعد من نظيرتها التركية، بما في ذلك تكوين الصورة والحوار وأزياء الممثلين والممثلات، وهو ما يفقد العمل خصوصيته الإبداعية.

تعريب المسلسلات التركية بحسب حديث المخرج الأردني، زيد أبو حمدان، لـ”الحل نت”، ليس مقتصرا فقط على اللهجة السورية، بل يشمل أيضا العديد من اللهجات العربية الأخرى. فقد قامت العديد من الشبكات الفضائية وشركات الإنتاج بتعريب هذه المسلسلات بمختلف اللهجات العربية لتناسب جمهورها المتنوع في مختلف البلدان العربية.

لكن تم تبني اللهجة السورية بسبب شهرتها واستخدامها الواسع في الدراما العربية، حيث أسهم النجوم السوريون البارزون بحسب أبو حمدان في نجاح وانتشار هذه المسلسلات، حيث تمكنوا من تقديم أدوار قوية ومؤثرة بلهجتهم السورية الجذابة.

تعريب المسلسلات التركية باللهجة السورية طبقا لحديث المخرج الأردني، يسهم في تقريب العمل من الجمهور العربي وإيصال رسالته بطريقة أكثر تلاؤما مع ثقافتهم ولغتهم الأم. كما أن استخدام اللهجة السورية يضيف جوا من التشويق والأصالة إلى الأحداث والشخصيات، ويعزز الانتماء الثقافي والتعاطف مع الشخصيات والقصص المحكية.

بالتالي، فإن تعريب المسلسلات التركية باللهجة السورية يُعد خطوة مهمة لتعزيز التنوع الثقافي واللغوي في عالم الدراما العربية. كما أنها فرصة للممثلين السوريين ليبرزوا مواهبهم ويشاركوا في إثراء المشهد الفني العربي، وللجمهور العربي ليستمتع بأعمال درامية مشوّقة تتحدث إليهم بلغتهم وتعبّر عن قضاياهم وتطرح قصصًا تلامس واقعهم.

استنساخ أم اقتباس.. مرحلة ما بعد “الدبلجة”

بالعودة للكاتب يامن المغربي، فإن تجربة المسلسلات التركية ونقلها إلى العربية يفقد العمل خصوصيته الإبداعية بالأصل، كما ظهر في مسلسل “ستيليتو” المنتج أخير لصالح منصة “شاهد” التابعة لمجموعة “أم بي سي” السعودية، أخرجه المخرج التركي إندر أمير.

أبطال مسلسل "ستيلتو" المعرب من اللهجة التركية - إنترنت
أبطال مسلسل “ستيلتو” المعرب من اللغة التركية – إنترنت

الإنتاج العربي شعر بالإحراج؛ نظرا للتضخم وحضور المسلسلات التركية في السوق العربية فبحث عن وسائل ليضاهي هذا الانتشار، فالأمر هو سلعة وتجاري بحت، لذا لجأت شركات الإنتاج العربية لاستنساخ هذه المسلسلات بشكل حرفي، كنوع ووسيلة لمضاهاة الإنتاج التركي، هذا على الصعيد الأول.

تعريب المسلسلات والدبلجة لها بعض التأثيرات على الدراما العربية وفق أبو حمدان، حيث إن الجمهور الذي لا يجيد اللغة التركية أو غيرها من اللغات المستخدمة في التصوير الأصلي، ساهم بانتشار وشهرة المسلسلات وزيادة مشاهدتها وتفاعل الجمهور معها، على حساب العمل العربي الأصيل.

“الدبلجة” وتعريب المسلسلات بحسب أبو حمدان قد أثّرت سلبا على الإنتاج العربي بسبب تحديات التكيف اللغوي والثقافي، وقد أدت إلى تقليل مساحة الإبداع والتنوع الثقافي في المحتوى العربي. كما تسببت في إغفال المواد العربية الأصيلة وتقليل قيمتها الفنية، حيث تسببت في أزمة النص لدى الكتاب.

علاوة على ذلك، فإن تعريب المسلسلات بنظر المخرج الأردني فرضت التقليد والتكرار على الفنانين، وقيّدت حرية الفنانين ومنعتهم من خوض تجارب جديدة والتعبير عن إبداعهم الفريد، وهذا ستظهر آثاره لاحقا على الأعمال الدرامية السورية في السنوات القادمة، وربما خلال السباق الرمضاني الجديد.

من الواضح أن هناك قلقا بشأن الوضع الحالي للإنتاج العربي وتأثيره على المنتج المحلي السوري أو العربي، والقدرة على منافسة الدراما التركية أو الغربية الدخيلة والمستوردة، وسيكون لهذا تأثير سلبي على جودة الدراما والفنانين السوريين أو العرب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات