مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وزيادة معدلات التضخم في سوريا، يبدو أن النشاطات الصيفية ستنضم هي الأخرى إلى قائمة السلع والخدمات “المحرّمة” على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود في البلاد، فارتياد الشواطئ والأماكن الساحلية في سوريا أصبح يشكل عبئا ماديا ثقيلا حتى على سكان هذه المناطق.

في خضم التضييق الاقتصادي على السوريين، عمدت الحكومة السورية إلى شمل جميع الشواطئ الساحلية في البلاد، في نظام فرض رسوم دخول على هذه الأماكن، ورغم أن المسؤولين يصفون هذه الأجور بـ”الرمزية” إلا أن الأهالي اشتكوا من شمل جميع الشواطئ بهذا النظام.

تقرير لـ”تلفزيون الخبر”، أفاد بأن الشريط الساحلي السوري الممتد على طول 180 كم بات يعج بالمنشآت الخاصة بسويات مختلفة، جميعها لا تتناسب مع متوسط دخل المواطن، حيث أصبح دخول هذه المنشأت حكرا على أصحاب الدخل العالي ورجال الأعمال أو المغتربين القادمين من خارج سوريا لقضاء عطلة الصيف.

رسوم باهظة

التقرير تساءل عن غياب حق المواطنين في ارتياد الشواطئ السورية، دون الاضطرار إلى دفع رسوم باهظة، أو تحمّل تكاليف دخول المنشآت السياحية الخاصة في المدن الساحلية، حيث تضطر العوائل المقيمة في مناطق الساحل إلى دفع 3 آلاف ليرة لدخول أرخص الشواطئ في مدينة طرطوس، عدا عن أجرة المواصلات وبدون دفع أي أجور للفنادق أو المطاعم.

إضافة إلى رسوم الدخول التي تُحسب على الشخص الواحد، فإن كل أربعة أشخاص يدخلون أي شاطئ يتم إجبارهم على دفع 5 آلاف ليرة سورية كرسوم فتح طاولة، بالتالي فإن تكلفة دخول عائلة مكونة من أربعة أشخاص يمكن أن تصل إلى 17 ألف ليرة، بدون المواصلات والطعام والشراب.

“البحر هو المتنفس الوحيد”، قال أحمد صابر وهو عامل بناء يعمل في مدينة طرطوس، مؤكدا أن هذا العام أصبحت جميع الشواطئ في المدينة خاصة، وتحتاج إلى دفع رسوم من قبل المواطنين والسياح ليتمكنوا من الدخول إليها.

صابر أضاف خلال اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “هل من المعقول عدم وجود أي شاطئ يستطيع الفقيرة الدخول إليه، البحر هو المتنفس الوحيد لنا في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وارتفاع درجات الحرارة، في السابق كنا نرتاد الشاطئ بشكل شبه يومي، الآن أصبح الأمر مستحيل، أقل رسم دخول لشاطئ ألفين ليرة”.

بحسب تصريحات مدير السياحة في طرطوس بسام عباس، فقد تم تحديد رسم الدخول إلى منتجع “بلو بي” في شاطئ الأحلام للشخص البالغ 20 ألف ليرة أما الأطفال 15 ألف ليرة من الساعة التاسعة صباحاً حتى الساعة السابعة مساءً مع توفر العديد من الخدمات.

رحلات الاصطياف بالنسبة لكثير من السوريين، باتت تقتصر على زيارة الأماكن الطبيعية القريبة من مناطق سكنهم أو الاشتراك برحلة جماعية إلى الشواطئ المفتوحة، للتخفيف من تكاليف النقل نظرا للوضع الاقتصادي الصعب الراهن، وفق تقرير “تلفزيون الخبر”.

ماذا عن الفنادق والمنتجعات؟

مع بدء الموسم السياحي في سوريا، سجّلت المنتجعات السياحية والفنادق في مناطق الساحل السوري، أسعارا وصفها سوريون بـ”الفلكية”، في وقت سجّلت بعض الفنادق امتلاء حجوزاتها لعدة أيام، الأمر الذي يوضح مدى الهوّة بين شرائح السوريين.

قد يهمك: كيلو الكرز بـ12 ألف.. هل تتحول المربيات إلى كماليات مع ارتفاع أسعار الفواكه والسكر؟

أسعار الفنادق شكّلت للسوّاد الأعظم من السوريين صدمة، فعلّق أحدهم قائلا “أحتاج راتب 5 أشهر لأستطيع قضاء ليلة واحدة”، حيث أفاد تقرير لموقع “كيو ستريت جورنال” المحلي، أن أسعار حجز غرفة ليوم واحد في فنادق الدرجة الممتازة في مدينة اللاذقية وصلت إلى 390 ليرة سورية.

بحسب تقرير الموقع المحلي، فإن أسعار هذه الفنادق والمنتجعات تقترب من بعضها، إذ إن سعر حجز الغرفة الواحدة في فندق “اللاميرا” يتراوح بين 325 ألف ليرة و385 ألف ليرة سورية، والفارق يعود لإكساء بعض الغرف التي طالها التجديد، فيما يصل حجز الجناح العادي إلى 850 ألف ليرة سورية.

هذا الارتفاع الكبير في الأسعار جعل معظم العائلات السورية تبحث عن بدائل للمنتجعات والفنادق، فمنهم من لجأ إلى الشاليهات الخاصة، التي تعتبر أرخص إلى حد ما من الفنادق، حيث تتراوح أسعار اليوم الواحد من 50 ألف إلى 300 ألف ليرة سورية، حسب قرب الشاليه من البحر و الخدمات الأساسية فيها، وإن كانت معظمها لا تتوفر فيها الكهرباء على مدار الساعة، وتستطيع عائلة كاملة المبيت فيها.

الرحلات السياحية ارتفعت تكلفتها أيضا، رغم أنها قد تبدو خيارا أقل كلفة، كون المواصلات وأماكن الإقامة تكون مشتركة وتنظّمها الشركات السياحية، حيث وصل متوسط تكلفة الرحلة للشخص الواحد لثلاثة أيام مع إقامة ليلتين إلى 500 ألف ليرة.

كذلك يلجأ الأهالي للمزارع الصيفية في المناطق الريفية كبديل عن قضاء عطلة الصيف في المناطق الساحلية، حيث يتم تأجير هذه المزارع بشكل يومي أو أسبوعي، لكن ونتيجة لارتفاع أسعار المحروقات ومختلف السلع والخدمات في سوريا، فقد شهدت هذه المزارع هي الأخرى ارتفاعا في أسعار استئجارها مقارنة بالعام الماضي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات