قبل أيام قليلة ظهر الكاتب والباحث المصري، يوسف زيدان، على شاشة قناة “الإخبارية السورية” الرسمية، وهو ما أثار ضجة وحملة استنكار في أوساط الإعلام الرسمي وبعض السوريين، بسبب إثارة الشكوك حول مواقف زيدان بشأن “التطبيع” مع إسرائيل.

هذا الظهور خلق أزمة بين الأوساط السورية، إلى درجة أنه وصل إلى طاولة “رئاسة مجلس الوزراء السوري” في أول اجتماع له بعد عطلة عيد الأضحى الماضي، على الرغم من أن إصدار إدارة قناة “الإخبارية السورية”، بيانا بررت فيه استضافتها للكاتب.

على الجهة المقابلة، سخر بعض السوريين من هذه الحملة ضد الكاتب، نظرا لأن الحكومة لا تتحرك عندما تستهدف إسرائيل الأراضي السورية ومنذ سنوات، ولكن عندما يتعلق الأمر بمثل هذه الأمور التي لا تمثل أهمية قصوى، فهي تتحرك لتبيّن للمواطنين أنها غيورة على مصالح الشعب وتدعم القضية الفلسطينية.

بيانات “رنانة”

في ذات الصدد، أصدرت قناة “الإخبارية السورية” مؤخرا، بيانا اعتذرت فيه عن استضافة زيدان، وحذفت المقابلة من معرّفاتها على الإنترنت، وقالت في بيانها إن “ما ورد في حلقة برنامج جذور يوم السبت في الرابع والعشرين من الشهر الماضي لم يتطرق لأي عبارة أو تلميح من قريب أو بعيد للتطبيع مع العدو الصهيوني ولم ترد أي عبارة تخالف الثوابت الوطنية السورية”، طبقا لما ورد في البيان.

البيان أردف أيضا أن ” الإخبارية السورية الوفية لقضايا الوطن والمواطن والتي كانت كتفا بكتف مع الجيش العربي السوري في مكافحة الإرهاب ونقل الحقيقة لمواجهة التضليل والتزييف تشدد على أنها ستكون أكثر دقة في اختيار ضيوف برامجها”.

من ثم كلف “مجلس الوزراء” وزير الإعلام بتشكيل لجنة فنية متخصصة مهمتها التدقيق في المعلومات المثارة حول الأمر، واتخاذ ما يلزم في حال ثبوت وجود تقصير أو خلل. ووفق ما ورده في البيان، فإن “مجلس الوزراء” تناول في جلسته ما أثير حول “استضافة إحدى القنوات الإعلامية الرسمية شخصية مشبوهة بفكرها وآرائها حيال العلاقات مع العدو الإسرائيلي”، وفق وصف البيان.

بيان “مجلس الوزراء” لم يذكر اسم الكاتب المصري يوسف زيدان، الذي ظهر على الشاشة الرسمية مؤخرا. وأدى ذلك إلى شنّ حملة انتقادات بدأها المدير السابق للقناة، مضر إبراهيم، الذي دعا إلى فتح تحقيق في استضافة “الإخبارية السورية”، ما أسماه “أبرز وجوه الداعمين للتطبيع مع إسرائيل”، لافتا إلى أن يكون يوسف زيدان أبدى سابقا رغبته في التدريس بتل أبيب.

انتقادات وسخرية

في المقابل، وصف إعلاميون وفنانون داعمين للحكومة السورية، يوسف زيدان بأنه “رمز التطبيع”، كما انتقدت القناة وسائل إعلام وصفحات إخبارية محلية، ومن بينهم الفنان المعروف بمواقفه المؤيدة لحكومة دمشق، معن عبد الحق، واتهم زيدان بـ”التطبيع” مع إسرائيل.

كذلك، الموضوع أثار ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد كتب أحدهم على منصة “تويتر”، “ماذا يحدث ؟؟!؛ منذ اسبوع قناة الإخبارية تستضيف المثقف الموساد وقبطان التطبيع يوسف زيدان، واليوم نتلقى صدمة ثانية، صحفيون فنزويليون يجرون أمس بثا مباشرا لعشر دقائق من سوق الحميدية إلى قناة آي 24 نيوز في تل أبيب، مَن دعاهم، وكيف جاؤوا، وهل تعلم وزارة الإعلام”.

هذا وفي عيد الأضحى الماضي، نقلت القناة الإسرائيلية “آي 24 نيوز”، بثا مباشرا من العاصمة دمشق، عبر اتصال مع صحفي فنزويلي يدعى خوسيه إنريكي روبلز. وبرر التلفزيون الرسمي ذلك بتقرير قال فيه، إن أي شخص يملك هاتفا يمكنه البث من أي مكان.

ردا على ذلك، سخر بعض السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي من هذه الحملة وبيانات التلفزيون السوري و”مجلس الوزراء”، مشيرين إلى أن الحكومة السورية لم تدافع عن الأراضي السورية منذ سنوات طويلة ضد الضربات الجوية الإسرائيلية التي تستهدف تحركات المليشيات الإيرانية، لتأتي اليوم بإطلاق بيانات “رنانة” من أقوال تدغدغ المشاعر الوطنية لدى البعض.

فيما علق آخر على بيان “مجلس الوزراء” بتشكيل لجنة للتحقيق حول موضوع استضافة زيدان بالتلفزيون الرسمي، بالقول “ليش التحقيق، المشكلة حاميها حراميها، وغالبا لجان وتعويضات لجان وإعادة توزيع الغنائم ثم براءة وإعادة.. حط بالخرج، من برااااا هالله هالله ومن جواااا يعلم الله”، في سخرية من الحكومة إزاء مواقفها الضعيفة والنظرية فقط.

إسرائيل تقصف بعض المواقع في سوريا منذ سنوات عديدة، إلا أنها تستهدف نقاط تمركز ميليشيا إيران المتواجدة في سوريا، وصرحت مرارا أنها تستهدف قوات طهران وتمنعها من بناء مشاريعها التوسعية والمعادية بالمنطقة. مع كل ضربة جوية إسرائيلية على سوريا، تتوعد الحكومة السورية بالرد ولكنها حتى اليوم لم تقم بذلك.

هذا الموضوع أخذ منحىً ساخرا كبيرا من قِبل الشارع السوري على السوشيال ميديا، وبرر وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، حول عدم رد دمشق على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، بالخوف على الطائرات المدنية.

المقداد، في لقاء مع صحيفة “أثير” العمانية في وقت سابق، “هم يستغلون مرور بعض الطائرات المدنية ويطلقون النار من تحتها أو من فوقها، وفي هذه الحالة عندما ترد الصواريخ السورية، فقد تصيب الطيران المدني، وبعد ذلك يقع اللوم علينا ولذلك فنحن لا نفعل”، مضيفا “مواقفنا تجاه هذه الاعتداءات واضحة، ونحن نقول ونحذر من أن إسرائيل ستواجه ردا عاجلا أم آجلا على كل هذه المحاولات، نحن لسنا هواة تصد وما نحتاج إليه الآن هو الحكمة وليس المواجهة وليس الوقوف على الأطلال”.

وزير الخارجية السوري، توعد برد قريب على كل هذه المحاولات الإسرائيلية، وهذا التصريح أثار سخرية السوريين، إذ انتقدو مواقع الحكومة السورية بشدة، واعتبروها مجرد “كلام” ولا أكثر من ذلك.

ما حقيقة مواقف زيدان؟

في المقابل، انتقد البعض الآخر عبر منصة “فيسبوك” الحكومة السورية بشكل لاذع، إذ كتب الصحفي السوري يعرب العيسى “اجتمع مجلس الوزراء بقضّه وقضيضه قبل يومين، وفَرَد على الطاولة جملة من المواضيع التي قد يكون لها أهمية ما من خبز وكهرباء وتعليم ومالية وأجور ونفط وآبار نفط ومشتقات نفط وسبعة ملايين مواطن مشردين في أصقاع الأرض، ورتّب الأولويات ووجد أن الأكثر أهمية في هذا المنعطف الحاسم هو استضافة الإخبارية السورية للروائي المصري يوسف زيدان، والذي تُثار شكوك حول مواقفه التطبيعية مع إسرائيل. واتخذ قرارات لمعالجة هذه المعضلة الوطنية الكبرى”.

العيسى أوضح حول مواقف زيدان بالقول “قصة اتهام يوسف زيدان تعود للعام الماضي حين ذكر في لقاء أن جامعة تل أبيب أرسلت له رسالة الكترونية على إيميله العام والشائع تدعوه لإلقاء محاضرة فيها. وفتح اتحاد كتاب مصر تحقيقا بالأمر، وانشغل به الإعلام المصري. ثم تبين أن زيدان لم يلقَ محاضرة ولم يذهب إلى تل أبيب طبعا ولم يرد على الطلب أساسا”.

كما أردف في حديثه “الدعوة التي وصلت لزيدان من الجامعة الاسرائيلية تشبه تلك الدعوات التي تصلني وتصلكم يوميا من ابنة القذافي غير الشرعية أو ابن وزير الدفاع النيجيري الأسبق والتي يعرضون فيها أن يشاركونا المئة مليون دولار السرية والعالقة في بنك ما”.

هذه القصص لا تؤخذ “دوكما” وبهذه الطريقة التبسيطية الشعبوية، كما حصل مرة حين تعرّض أدونيس لحملة شعواء لأنه وقف على منصة واحدة في إيطاليا مع شاعر إسرائيلي، كما تم تقديم الأمر للرأي العام وقتها، بينما الشاعر المقصود هو ناتان زاخ أكبر مناصر للفلسطينيين والعرب.

يُذكر أنه سبق وأحال “اتحاد الكتاب” بمصر زيدان، للتحقيق معه في تهمة “التطبيع”؛ ما دفع زيدان إلى تقديم استقالته من الاتحاد. نافيا الاتهامات الموجهة إليه ببيان أكد فيه، عدم الإعلان عن رغبته في زيارة إسرائيل. وإن ما قيل عن تراسل مع جامعة إسرائيلية لعمل محاضرات في تل أبيب، “كذب رخيص وادعاء فاجر”. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات