مطلع العام الجاري صرح وزير الكهرباء السوري، غسان الزامل بتحسين واقع الكهرباء في سوريا، وأن سنة 2023 ستكون نهاية تقنين الكهرباء في البلاد. ومع ذلك، أظهر استطلاع حديث للرأي العام السوري عبر إذاعة محلية أن وضع الكهرباء أصبح أسوأ مما كان عليه العام الماضي.

هذا ويتفاوت عدد ساعات العمل الكهربائي من مدينة إلى أخرى وأحيانا في نفس المنطقة، حيث لا تتجاوز ساعتين من العمل اليومي، وتعد الكهرباء أبرز مظاهر معاناة السوريين نتيجة عملية التقنين الجائر التي تمارسها الحكومة، والتي يرى معظم السوريين أنها إجراء شكلي لإخفاء عجز الحكومة عن إعادة صيانة شبكات الكهرباء التي دُمّرت خلال السنوات الماضية.

“احنا تعبنا”

في استطلاع حديث لراديو “نينار إف إم” المحلي، نُشر يوم أمس الثلاثاء، يفيد فيه مجموعة من الآراء للمواطنين السوريين بأن واقع الكهرباء سيء ولا تحسّن يُذكر كما تقول الحكومة. ويضيف البعض بالقول “احنا تعبنا، يعني بمنطقة الاوتوسترات بتجي ساعتين بـ 4، وأحيانا ساعة باليوم بس، براداتنا انتزعت، يعني لو يجيبو 3 ساعات ورا بعض وبعدين يقطعوها معليش ووضع الكهرباء كتير سيء وماعم نقدر نحط شي بالبراد أبدا لا مي ولا أكل، والعام الماضي كان أحسن”.

إحدى السيدات من سكان منطقة مزة 86، تقول حول وضع الكهرباء أنه “كتير سيء، يعني بتجي ساعة باليوم، يعني مثلا بالعيد بدال ما تكون منيحة، بالعكس اجت ساعة وحدة باليوم، ولا تحسّن بواقع الكهرباء، يعني بعد وعود الحكومة بيتحسن يومين ومن ثم بيرجع أسوأ من قبل”.

سيدة أخرى ساكنة في منطقة ساحة شمدين، قالت من جانبها للراديو المحلي “الكهرباء سيئة جدا وقضينا العيد بدون كهرباء تقريبا، وبتجي كل ساعتين وصل وقطع 4 ساعات، وأحيانا بتكون أقل من هيك، وخاصة بفصل الشتاء، والأمر الآخر المزعج بهالبلد هو مشكلة المياه، سوريا بلد الأنهار، فأين المي، وفوق ذلك أنا موظفة ببنك حكومي من 26 سنة، وراتبي 100 ألف ليرة سورية فقط، وما معقول ادفع 7000 ليرة فاتورة كهربا.. احنا تعبنا جدا ونطالب تحسين الظروف”.

مواطنة من سكان باب توما، “وضع الكهربا سيء للأسف، ساعتين وصل و4 قطع، ولكن يجب أن يتحسن الواقع الكهربائي، فالوضع لم يعد يتحمل”. أما مواطن من منطقة جديدة فضل أفاد بالقول، “الكهربا من سنتين تقريبا بتجي ساعة وصل وقطع 6 ساعات، وبهالساعة الوصل بتنقطع ربع ساعه، ولا تحسن في واقع الكهرباء كما تتدعي الحكومة، وفي منطقة يوسف العظمة وهي قبل منطقة جديدة فضل وهي منطقة ما بتنقطع عندهم الكهربا، يعني ناس ع حساب ناس، خليني ساكت أفضل، مارح احكي اكتر من هيك، بهدلة لأنه بصراحة”، في إشارة واضحة إلى مدى تخوّفه من الحكومة إذا ما تحدث عن معاناة المواطنين.

هذا ويوجد “خطوط ذهبية” لبعض المناطق وهي إما مدفوعة أو تكون مناطق لمسؤولين، فقد كشف تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، في وقت سابق، إنه لدى “وزارة الكهرباء” 382 طلبا، لاشتراكات معفاة من التقنين يصل حجمها لنحو 160 ميغا واط إضافة لـ 200 ميغا واط التي نفذتها الوزارة خلال الفترة الماضية، وأن مسألة الاستجابة لهذه الطلبات يحكمها العديد من المعايير أهمها، مدى توافر الطاقة الكهربائية رغم أن الوزارة حددت قدرتها في منح مثل هذه الاشتراكات بنحو 200 ميغا واط وفق الطاقة المتاحة ضمن الظروف الحالية.

معاون وزير الكهرباء، قال في تصريحات صحفية سابقة إن استثمار الخطوط المعفاة من التقنين، هو الحل الأمثل للراغبين من الصناعيين والقطاع السياحي بالاستفادة من هذه الميزة، مضيفا أن هنالك إقبالا كبيرا للحصول على الخطوط المعفاة، وأن الكميات المخصصة بلغت منذ إقرار هذا الأمر في نهاية عام 2021، 240 ميغا، بينما كان المتوقع أن لا تتجاوز 200 ميغا.

عضو “مجلس الشعب السوري”، سهيل سلام خضر، طالب في وقت سابق، بإلغاء كافة الخطوط الخاصة المعفاة من التقنين، والإبقاء فقط على الخطوط العامة وذات الطابع الإنتاجي، متّهما “وزارة الكهرباء” بالفساد وتقديم خطوط معفاة من التقنين لبعض الجهات والشركات والأشخاص مقابل مبالغ مالية تُدفع بشكل غير قانوني.

خضر، في رسالة وجّهها لرئيس “مجلس الشعب”، ونشر نسخة منها عبر صفحته على منصة “فيسبوك”، في نيسان/أبريل 2021 ”إن فكرة الخطوط المعفاة ابتُدِعَتْ يوم كان التقنين 3 بـ 3، وكانت آثارها على المواطن قليلة جدا، وقد شُكّلت لجنة لهذا الغرض تُعفي من تشاء وترفض مَن تشاء، والميزان هو من يدفع أكثر وإلا كيف تُعفى منشأة سياحية وتُرفض أخرى؟”.

بالعودة لاستطلاع الرأي للإذاعة المحلية، فإن الآراء العامة من مختلف المناطق، مثل “عش الورور، جرمانا، الكسوة” تركزت على ضعف واقع الكهرباء في سوريا، وكان العام الماضي أفضل من الحالي، ولم يطرأ تحسّن على واقع الكهرباء كما تدعي الحكومة، حيث يُقدر متوسط ​​توصيل الكهرباء بساعة واحدة مقابل 5 ساعات قطع، أي أن الكهرباء بشكل عام سيئة للغاية، كما ولا تستجيب وزارة الكهرباء لشكاوى المواطنين سواء بقطع الكهرباء أو المياه.

ماذا قال معاون وزير الكهرباء؟

حول وعود الحكومة بتحسين الواقع المعيشي في 2023، وماذا عن المحطات التي كان يجب أن تدخل الإنتاج نهاية 2022، مثل محطة حلب الحرارية، بالإضافة إلى محطة الرستن، فأين وصلت مشاريع الطاقة البديلة في عدرا والشيخ نجار والمنطقة الصناعية بحسياء، قال معاون وزير الكهرباء سنجار طعمة، عبر الإذاعة المحلية نفسها، إنه لا مخصصات وعند ارتفاع درجات الحرارة لا يمكن تزويد الكهرباء، وبعدم توفير الكمية الكافية من الغاز اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، فضلا عن الادعاء بتدمير جزء كبير من محطات توليد الطاقة وبأن أعمال الصيانة لم تنتهِ بعد.

كما أنه لا يمكن التعويل على تصريحات المسؤولين الحكوميين بوعود تحسين واقع الكهرباء، وقطاع الكهرباء بكل وضوح يحتاج إلى كميات من الوقود وهذا غير متوفر يبدو لدى الحكومة وبالتالي لن يتحسن واقع الكهرباء طالما يوجد نقص في حوامل الطاقة بالبلاد، طبقا لحديث طعمة.

أما مشاريع الطاقة المتجددة فلا يوجد بعد مستثمرين لتشغيل هذه المشاريع، ولم تنتهِ عملية التفاوض مع بعض المشاريع التي كانت من المفترض أن تبدأ بالعمل وهي ضمن القطاع الخاص ولكن هذه المشاريع لم تحقق ما كانت ترنو إليه، وذلك لعدم توافق فوائد المشاريع مع كلفة الإنتاج، فشحّ الوقود يؤثر على كل شيء تقريبا.

طعمة قال إن عام 2023، لن يكون نهاية تقنين الكهرباء وفق ما صرح به وزير الكهرباء مطلع العام الجاري. وبشكل غير مباشر تملّص طعمة عن الإجابة بشكل واضح وشفاف حول واقع الكهرباء، وفق مقابلته على الراديو المحلي.

في تقرير آخر للإذاعة المحلية، فقد صرح مدير كهرباء دمشق لؤي ملحم، أنه كانت لدى المديرية معاناة في التقنين الكهربائي خلال الأيام الماضية بسبب الكميات المخصصة وتوزيعها بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة. ويستقر وضع التقنين إلى حد ما عند انخفاض الحرارة خلال فترة المساء.

في حين علّق بعض المتابعين على هذه التصريحات بسخرية قائلين، “بس سؤال كيف الدول تأمن كهربا بالصيف والشتاء للمواطنين.. وماحد يجيب سيرة حمولات وحرارة وكميات وتوريد والخ مسلسلات الكهرباء.. هيك ببان الكذب، والكهربا هي السنة اسوأ من السنة الماضية مو شاطرين غير بالوعود ومافي شي عم يتغير أقل شي يجيبوها بليل خلي العالم تعرف تنام والناس اللي عندها دوام تاني يوم تقدر تقوم على شغلها ما حدا عم ينام من الشوب هاد طبعا غير البراد اللي صار متل قلتو بس منظر بالمطبخ.. باختصار موت عالبطيء”.

“الأمبيرات” البديل المناسب!

في المقابل، قال البعض من سكان منطقة عربين بدمشق إنهم مشتركين في نظام “الأمبيرات” ويدفعون حسب الكمية المستخدمة، فمثلا الكيلو الواحد بـ 5500 ليرة سورية.

خلال الأسابيع الماضية بدأت “محافظة دمشق” بمنح تراخيص العمل بنظام “الأمبيرات” لتوزيع الكهرباء في عدد من أسواق العاصمة السورية دمشق، وسط التقنين الكهربائي الخانق في سوريا، ووصل نظام “الأمبيرات” في مناطق محافظة ريف دمشق أيضا، إذ باتت تنطلق أخبارٌ مفادها بأن المحافظة تدرس كالعاصمة الأسس والمعايير التي ستنظّم عملية منح تراخيص “الأمبيرات”.

انتشار نظام “الأمبيرات” في العاصمة والمدن الكبرى في سوريا يُعد بمثابة اعتراف حكومي بعجزها عن حل أزمة الكهرباء في البلاد، ويبدو أنها بدأت تتعايش مع الأزمة، وأدركت مؤخرا أنها لا تستطيع حل الازمة أو تحسين واقع الكهرباء، لتبدأ بتنظيم البدائل للمواطنين.

ثمة تأكيدات نقلها مواطنون مقيمون في بعض مناطق ريف دمشق لموقع “غلوبال” المحلي، مؤخرا، أن نظام “الأمبيرات” بات ينتشر بشكل تدريجي هناك.

مواطنون من مدينة حرستا أكدوا للموقع المحلي أنه يوجد بالفعل مولدات كهربائية وبكثرة، ويصل سعر الكيلو وفق نظام الاشتراك إلى 5000 ليرة، فضلا عن أن هناك مَن يتحدث عن استخدام الشبكة العامة على أنها “أمبيرات”، ويقومون ببيعها للمواطنين بتلك المناطق.

إلا أنه قبل يومين أصدرت “رئاسة مجلس الوزراء” كتابا موجها إلى “وزارة الإدارة المحلية” حول التدقيق بظاهرة “الأمبيرات” وهو ما أثار استنتاجات متباينة تتراوح ما بين إلغاء “الأمبيرات” أو إحالة المخالفين فقط لتراخيصها إلى القضاء.

تقرير حديث لصحيفة “البعث” المحلية، نُشر مؤخرا، يشير إلى أنه وبعد انتشار نظام “الأمبيرات” في معظم المحافظات السورية، يبدو أنها أمست ضرورة وما من بديل عنها في الأمد المنظور. وقبل أن يتم اتهام نظام “الأمبيرات” ومستثمريها بأنهم يقبضون المليارات من المواطنين والتّجار والصناعيين وأرباب الحرف والمِهن لا بدّ أن تُجيب الحكومة عن أهم تساؤل هنا “مَن شجّع على انتشار الأمبيرات، وزارة الكهرباء أم وزارة النفط”.

وزارة الكهرباء بالكاد توفر الكهرباء لمدة ساعتين متواصلتين مع أربع ساعات قطع، وتلقي بمسؤولية الوضع على قلة توريدات المحروقات لمحطات التوليد، و”وزارة النفط” تؤكد أنها لا تستطيع تأمين الوقود بالكميات التي تحتاجها وزارة الكهرباء، وبالتالي فإن أي قرار بمنع “الأمبيرات” يعني القضاء على قطاعات صناعية وعمل آلاف الحِرف والورشات، وإقفال المحال التجارية، وهذا غير وارد في حسابات الحكومة قبل تأمين الكهرباء النظامية على مدار الساعة.

يبدو أنه ليس ثمة مسؤول يخرج ليخبر المواطنين حقيقة الكهرباء، ويضع جدولا زمنيا حقيقيا بناءً على المعطيات. لذكر متى يمكن أن تتحسّن حقا. وهل ستصدق تصريحات المسؤولين حول تحسّن الكهرباء سواء هذا العام أو في العام المقبل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات