بعد تنافس سعر الحطب لسعر المازوت تزامنا مع اقتراب فصل الشتاء البارد في سوريا، تقوم بعض العائلات السورية تأمين أدوات أخرى علها تحميهم من برد شتائهم القادم، خاصة بعد ما عاشوه في السنوات الأخيرة من عدم توزيع مازوت التدفئة المدعوم، وفوضى أسعار الحر منه، وارتفاع أسعار الحطب وغيرها من وسائل التدفئة الحديثة.

لعل أدوات التدفئة الجديدة تلك تركز على جمع أشياء غريبة لم يعتد عليها السوريون من قبل، مثل جمع “الكراتين والجلة” والملابس القديمة، فضلا عن بقايا أغصان الأشجار والقش وأكواز الصنوبر، وسط الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي يعيشونها.

بدائل التدفئة

نحو ذلك، قال أحد المواطنين لـ”تلفزيون الخبر” مؤخرا إن بعض الأُسر تقوم بجمع “الكرتون” والملابس القديمة من أجل استخدامها للتدفئة في الشتاء، وأضاف “رأيت أطفالا يجمعون الكرتون من حاويات القمامة وهو ما صدمني في البداية”، مضيفا “كنت أنتظر أحد أصدقائي في أحد شوارع مدينة حمص عندما شاهدت أطفالا مرتّبين لا يبدو عليهم التسول يجمعون الكرتون من أحد الحاويات”.

ارتفاع سعر المازوت بسوريا- “إنترنت”

المواطن ذاته تابع في حديثه “ما شاهدته أثار فضولي فكان لابدّ أن اسألهم ، فكان الجواب نريد أن نجمعهم للشتاء، وأعادني هذا المشهد للعام الماضي، حيث كانت فترة انتصاف إحدى المنخفضات القاسية عندما رأيت رجلا ستّيني يبحث عن الورق و الكرتون ليجمعهم في كيس خلف دراجته الهوائية”.

بدورها قالت أم علي “60 عاما” المقيمة في أحد أحياء مدينة حمص للموقع المحلي “أُجبرت في فصل الشتاء الماضي على إحراق حذاء قديم في مدفأة الحمام لتسخين الماء حيث لم تكن الكهرباء موجودة  ولا حتى المازوت كان متوفّرا”، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنها “قررت هذا الصيف جمع بقايا أغصان الأشجار اليابسة الموجودة قرب المنزل، مع بعض الورق و الكرتون والثياب القديمة، بالإضافة إلى القش وأكواز الصنوبر من إحدى حدائق المدينة، تحسبا للشتاء القادم”.

“رجعنا أكتر من 40 سنة لورا وقت كانوا أجدادنا يتدفوا على فضلات الأبقار”، هذا ما قاله أبو محمد “62 عاما” المتقاعد من الزراعة والمقيم في ريف حماة، خلال حديثه للموقع ذاته.

أبو محمد، أردف “رغم ارتفاع تكاليف تربية الأبقار إلا أنني حاولت تحمّل ذلك من أجل الاستفادة من روثها في تسميد الأرض سابقا، لكن من الصيف الماضي بدأت أجمعه وأجففه كي أصنع الجلة”. و“الجلة” عبارة عن أقراص من الروث المجفف تحت أشعة الشمس، وتتميز بسرعة احتراقها وإعطائها للحرارة، واستخدامها في مدفأة الحطب، وفق أبو محمد.

كما وأوضح أبو محمد، أنه “اضطر لذلك لعدم قدرته على جمع الحطب، فضلا عن تراجع الغطاء الحراجي بشكل كبير بعد الحرائق والقطع الجائر له، أما بالنسبة للمازوت فلن تستطيع الـ 50 ليتر الصمود لأسبوع أمام برد جبال مصياف”.

بورصة للحطب

في المقابل، شهدت أسعار الحطب ارتفاعا كبيرا حتى قبل أن يبدأ الشتاء، حيث وصل سعر كيلو الحطب لأكثر من 2000 ليرة سورية، بالإضافة لانطلاق بورصة السوق السوداء في بيع المازوت ليسجل اللتر الواحد 13000 ألف ليرة سورية.

بحسب تقرير آخر لموقع “أثر برس” المحلي، فقد وصل سعر طن الحطب “الليمون – السنديان” إلى 3 ملايين و200 ألف ليرة سورية، أما سعر طن حطب الصنوبر فسجّل 3 ملايين و400 ألف، حيث كان سعره قبل شهرين مليون ونصف ليرة سورية.

أحد بائعي الحطب عزا أسباب ارتفاع أسعار الحطب لزيادة الطلب عليه من قبل الأهالي و كذلك أجرة النقل من المحافظات إلى دمشق، منوها بأن الأسعار في فصل الشتاء ستكون الضعف ولهذا السبب بدأت العوائل وخصوصا القاطنة في أرياف دمشق بشراء الحطب من الآن.

في غضون ذلك، عبّر العديد من أهالي محافظة حمص، عن تخوّفهم من عدم حصولهم على مخصصاتهم من مادة مازوت التدفئة هذا العام، ولاسيما أن الكثير منهم لم يحصل على أي لتر مازوت في العام الماضي.

الأهالي لفتوا إلى أن سعر غالون المازوت بسعة 20 لتر حاليا وقبل قدوم فصل الشتاء وموسم البرد يسجل في السوق السوداء أكثر من 300 ألف ليرة سورية، أي أن سعر اللتر يعادل ما يزيد على 15 ألف ليرة سورية، متسائلين إلى أي سعر سيصل إليه غالون المازوت بالسوق السوداء خلال موسم البرد.

خطة توزيع العام الماضي كانت مخجلة، لأن نسبة كبيرة من الأُسر لم تستلم مخصصاتها البالغة خمسين لترا إلا بعد انتهاء فصل الشتاء، فيما بقيت 10 بالمئة من الأُسر السورية خارج قدرة الموزّعين، وفق تقارير محلية سابقة.

مصادر محلية مختلفة قالت خلاف ذلك، حيث أشارت إلى أن أكثر من 25 بالمئة من المواطنين السوريين، لم يحصلوا خلال العام الماضي على مستحقاتهم من مازوت التدفئة، واعتادوا على شراء احتياجاتهم من السوق السوداء، ما كلّفهم أعباءً اقتصادية جمّة.

لذلك فإن أي تأخير في عملية توزيع المازوت سيُجبر نسبة كبيرة من الأهالي على التخلي عن مدافئ المازوت واستخدام مواقد الحطب. كما أن نسبة كبيرة من الناس يعتمدون تلقائيا على الحطب كوسيلة للتدفئة، نظرا لأن مخصصات مازوت التدفئة غير كافية من جهة، ولعدم قدرتهم على شراء المازوت بالسعر الحر من جهة أخرى.

الحكومة السورية تقوم بتوزيع مازوت التدفئة على دفعتين، وتتكون كل دفعة من 50 لترا من المادة، وهنا يقول المواطنون إن هذه الكمية تكفيهم فقط لمدة 3 أسابيع أو شهر واحد في حال تقنين استهلاك الأسرة للمادة.

بدائل المدافئ

على إثر ارتفاع أسعار المازوت المدعوم والحر، بجانب عدم كفاية المخصصات للتدفئة، ما دفع الكثيرون للبحث عن بدائل له هذا العام أيضا على غرار العامين الماضيين، تكون أقل تكلفة وأكثر وفرة.

طبقا لتقرير لموقع “أثر برس” المحلي، فإن أسعار بدائل التدفئة لهذا العام، سجلت مستويات عالية، فقد وصل سعر كيلو حبيبات البيليت سعر 3500 ليرة سورية، أما سعر الكيلو من حبيبات قشور اللوز 2500 ليرة، بينما وصل سعر الكيلو من بذور الزيتون إلى 4000 ليرة، أما سعر كيلو واحد لكلا من عجوة الزيتون “التمز” والمشمش فكان 4000 ليرة.

فيما كانت أسعار مدافئ “البيليت” تتراوح بين مليون و400 ألف ومليوني و800 ألف، بحسب حجم المدفأة، أما سعر مدفأة “القشور” فيتجاوز المليون ونصف ليرة، وكانت الأسعار في العام الماضي كالتالي “كيلو البيليت 2000 ليرة، وكيلو قشور اللوز والجوز 1300 ليرة، وسعر عجوة الزيتون التمز الكيلو الواحد 1500 ليرة”، أما أسعار المدافئ كانت بحدود مليون و300 ألف ليرة.

Abu Walid adjusts the temperature of a pistachio-powered heater with a dial regulating the number of shells burned per minute, in his living room in Tal al-Karama village in Syria’s northwestern province of Idlib on December 6, 2019. – In recent months, Syria has suffered a fuel crisis that has seen a spike in the price of heating oil and long queues for much-demanded cooking gas in government-held parts of the country. The rising cost of heating fuel has made warm homes a luxury in a province where unemployment is high and public services are non-existent. (Photo by Aaref WATAD / AFP)

من جانبه، أكد الخبير الزراعي أكرم عفيف، أن مَن يخترع بديل التدفئة يقوم بدراسته من ناحية فعالية المادة ونوع المدفأة التي سيتم استخدامها وبعدها تبدأ العملية في استثمار المواد الزراعية المتوفرة وتصنيعها، مضيفا أن مادة “البيليت” تعتمد على سياسة التدوير حيث يتم تكوينها من بقايا التبغ والذرة والبامياء والقطن وغيرها من النباتات، وضغتها كمادة بديلة للتدفئة، وهي غير ضارة بالجهاز التنفسي على حسب حجم الاحتراق إذا كان بكمية كثيرة أم قليلة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات