بعد صدور القرار قبل أيام قليلة، بدأت الحكومة السورية بتطبيق خدمة “بطاقة زائر” مسبقة الدفع بالدولار الأميركي والتي تمكّن المغتربين السوريين والزوار العرب والأجانب القادمين إلى مناطقها من تعبئة البنزين لمركباتهم وآلياتهم.

هذا القرار أثار موجة انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره البعض “آلية جديدة للاحتيال على المواطنين، وأنه ابتزاز واضح لجيوب الناس”، فيما علق آخرون بسخرية على القرار بقولهم إن سعر البنزين في الخارج أقل ويجب على المغترب إحضار البنزين معه بالطيارة.

انتقادات للحكومة السورية

في السياق، صرحت “وزارة النفط والثروة المعدنية” السورية، البدء بخدمة “بطاقة زائر” مسبقة الدفع بالعملة الأجنبية التي تمكّن السوريين المغتربين والزوار العرب والأجانب القادمين إلى سوريا من تعبئة مادة البنزين أوكتان 90 لآلياتهم من كافة محطات الوقود العاملة العامة والخاصة، و”أوكتان 95″ من محطات الوقود التي تبيع هذه المادة الموجودة في المحافظات وعلى الطرق العامة.

انتقادات لوزارة النفط السورية من قبل الشارع السوري- “إنترنت”

القرار أردف، أنه يمكن شراء هذه البطاقة من جميع منافذ البيع العائدة لـ”المصرف التجاري السوري” بكل فروعه بالمحافظات والكوات المتواجدة على المنافذ الحدودية وهي بكمية 200 لتر صالحة لمدة ثلاثة أشهر يتم تفعيلها بمجرد الدخول إلى النافذة الإلكترونية وإدخال رقم البطاقة.

هذا القرار أثار سخرية في الشارع السوري على مواقع السوشيال ميديا، فقد علّق البعض منهم قائلين “أهلا بك عزيزي الزائر. قمة المسخرة المهزلة اللي مطالع هالقرار منفصل عن العالم الخارجي تماما الموضوع صار استبزاز، يعني استحلاب، أي أنه ابتزاز لجيوب المواطنين”.

فيما انتقد آخرون قرار الوزارة الحكومية وتقصيرها في توفير مادة البنزين للمواطنين بالقول “200 لتر يا دوب يكفوا التاهو أو الدوج تشارجر من نصيب للشام روحة ورجعة، لا والأحلى انو أغلى من السعر العالمي كمان، واخر شي بتعبي الكازية كل تنكة ناقصة ٤ لتر، عزيزي المغترب جيب بنزيناتك معك بالطيارة ارخصلك، غالي بيدونات الشارع ارخص”.

البعض سخر من الحكومة بسبب تبريراتها الدائمة بعدم توفير المحروقات في البلاد، بينما يتوفر إذا كانت هناك عملة أجنبية، وأضافوا “من حظ صاحب العملة الخضرا طلع في بنزين بحر بس تعا.. وهي طلع في بنزين بالبلد ما بدكون تنزلو تصيفو شباب؟”.

هذا وحُددَ سعر اللتر الواحد ب 1.10 دولار للأوكتان 90 و 1.20 دولار للأوكتان 95، حسبما أوردته إذاعة “المدينة إف إم” المحلية. وحول ما إذا كان القرار قد يُزيد من الفساد الموجود أصلا في هذا القطاع ولا سيما التقارير المحلية الأخيرة حول تهريب ومخالفات بشأن الفساد في كميات البنزين والمازوت المخصص للمواطنين، علّق أحد المتابعين قائلا “بطاقة بنزين مغترب للبيع” في إشارة إلى إمكانية حدوث تجاوزات وفساد كما حدث ولا يزال يحدث مع “البطاقات الذكية” للمواطنين.

أهداف القرار

في المقابل، قال الخبير الاقتصادي فاخر القربي لموقع “أثر برس” المحلي مؤخرا، إن القرار محاولة جديدة للتخفيف من الأزمة الاقتصادية الخانقة لدى حكومة دمشق وعجز “مصرف سوريا المركزي” عن تأمين النقد الأجنبي لتغطية احتياجات استيراد المشتقات النفطية في وقت تعاني فيه الحكومة السورية من ضغوط كبيرة لتأمين النقد الأجنبي المطلوب.

القربي، أردف أن الغاية من هذا القرار اقتصادية مصرفية، ولا يمكن إغفال الجانب الاقتصادي السياحي من حيث تقديم التسهيلات في هذا الجانب سواء للمغتربين أو العرب والأجانب.

لذلك، فإن نهج الحكومة السورية تجاه هذه الإجراءات يكشف مدى عجزها في تأمين النقد الأجنبي، وكذلك محاولاتها بشتى الطرق لتحصيل القطع الأجنبي من جيوب المواطنين، سواء من خلال التحويلات المالية أو ضريبة الدخول من الحدود أو المطارات للقادمين إلى سوريا واليوم من خلال البطاقة الذكية للمغتربين والسياح، غير مستبعد أبدا إصدار قرارات وإجراءات جديدة بهدف تحصيل العملة الصعبة.

البعض يرى أنه طالما أن البطاقة صالحة لمدة 3 أشهر، فهذا يعني شيئين؛ الأول، الحكومة تستغل المغتربين والسياح، فعلى سبيل المثال، ربما لا يرغب الشخص في ملء سيارته بهذه الكمية من البنزين، ومن ناحية أخرى، ثمة شحّ في البنزين في المحطات.

بالتالي من الممكن أن لا يحصل حامل البطاقة على مخصصاته خلال هذه الفترة المحددة، وهذا يعني أنه يدفع قيمة شيء من غير المؤكد الحصول عليه أو استرجاع حقّه في حال لم تتوفر المحروقات في المحطات، وقد ينتهي تاريخ إقامته أو إجازته بينما لم يتسلّم مخصصاته بسبب ندرة الوقود في البلاد، وهذا يعني أيضا أن الحكومة تقدم خدمات دون تأمينها وأخيرا تذهب تكلفتها إلى خزينتها، وهو أمر يُعتبر استغلالا لجيوب المغتربين والسائحين.

قبل أيام ليست ببعيدة، أصدر مجلس النقد والتسليف في “مصرف سوريا المركزي” قرارا تضمن تعليمات خاصة بحيازة العملات الأجنبية والليرة السورية الداخلة إلى مناطق سيطرة حكومة دمشق والخارجة منها.

العاصمة السورية دمشق- “إنترنت”

بموجب هذا القرار يسمح بحيازة جميع وسائل الدفع المحررة بالعملات المذكورة وعبر البطاقات المصرفية، مهما بلغت قيمتها، بشرط التداول بها عبر المصارف ومكاتب الصرافة المرخصة من قبل الحكومة السورية، وجميع الجهات المرخّص لها بالتعامل بالقطع الأجنبي.

بموجب القرار الحكومي يُسمح للمغادرين من السوريين و المقيمين من غير السوريين، بإخراج ما لا يتجاوز الـ 500 ألف ليرة سورية فقط، وما لا يتجاوز الـ 50 ألف ليرة سورية للمغادرين من الأجانب والعرب من غير المقيمين. بينما يُسمح بإدخال الأوراق النقدية الأجنبية “بنكنوت” حتى 500 ألف دولار أميركي، أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى.

الخبراء يقولون إن هكذا قرارات أشبه بمتنفس للحكومة السورية أكثر من أي أمر آخر، والقدرة على الانخراط في عجلة الحياة والاقتصاد إلى حد ما. وفي ظل تتالي هكذا قرارات، فمن المحتمل أن يتم إصدار قرارات جديدة خلال الفترة المقبلة، تهدف لتحصيل الحكومة العملة الصعبة قدر المستطاع لرفد خزينتها الخاوية من النقد الأجنبي.

غلاء البنزين وتهاوي الليرة

في سياق متّصل، أصدرت “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” قرارا في السادس من تموز/يوليو الحالي بالتسعيرة الجديدة للبنزين “أوكتان 95” وحُدّد بموجبه سعر المبيع للمستهلك بـ 8600 ليرة، وفق تقرير لموقع “غلوبال نيوز” المحلي مؤخرا.

رفع “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” سعر البنزين “أوكتان 92” كان بزيادة ألف ليرة سورية لليتر الواحد، لتكون بذلك الزيادة الرابعة خلال سبعة أشهر، في وقت تراجعت قيمة الليرة السورية لمستوى تاريخي، حيث وصلت قيمة الدولار الواحد في السوق السوداء لأكثر من 10 آلاف ليرة سورية، بينما في “مصرف سوريا المركزي” فقد قُدّرت بـ 9200 ليرة سورية للدولار الواحد.

مما لا شك أن كل هذه القرارات تحمل معها تبعات سلبية جمّة على الوضع المعيشي في سوريا، إذ ستجتاح موجة غلاء جديدة الأسواق السورية قريبا، فضلا عن زيادة التضخم في البلاد، وهو ما حذر منه خبير اقتصادي في دمشق.

يبدو أن جميع جوانب العيش الكريم ودون عناء أو مشقة في تأمين أي خدمة في سوريا أو السياحة بمجملها، باتت متوفرة ولكن للمغتربين والسياح الذين يدفعون بالعملة الصعبة، وهذه القرارات دليل على ذلك، فمن أين توفر الحكومة المحروقات للزائرين بينما تعاني البلاد من أزمة وقود حادة منذ سنوات عدة.

بالتالي، بات ارتياد الأماكن الترفيهية، من مطاعم ومسابح، بغرض التصييف على أحد شواطئ الساحل السوري، أمرا مكلفا بالنسبة للسواد الأعظم من السوريين، وهذا يعني أن الأمور الترفيهية والسياحة باتت مقتصرةً على المغتربين والسياح والطبقة الغنية في سوريا والتي تشكل النسبة الأقل من سكان هذه البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات