في حدث يخطف الأنفاس، تم الكشف عن وجود لاعبات روسيات يحملن جنسية سورية يشاركن في بطولة عربية ضخمة تقام في الجزائر. هذه الفضيحة المدوية التي تهز الأسس الرياضية والأخلاقية للاتحاد السوري، ستخلف وراءها آثارا مدمرة على السياق الرياضي محليا ودوليا.

وسائل الإعلام تناقلت هذا الحدث الصادم الذي أفصح عنه الصحفي الرياضي الروسي سيرجي ليسين عبر قناته في تطبيق “تلغرام”، أمس الخميس. حيث كشف أن هناك تلاعبا بأسماء لاعبات روسيات وتزويرا لتواريخ ميلادهنّ، وتم تجنيسهنّ كلاعبات سوريات للمشاركة في بطولة دورة الألعاب العربية في الجزائر. وهذه التفاصيل الصادمة أكدتها أيضا الصحيفة الروسية “ذا إنسايدر”.

الاتحاد السوري يتلاعب بقيود 5 لاعبين

ملفات لخمسة رياضيين روس ظهرت على الموقع الإلكتروني لدورة الألعاب العربية التي انطلقت الأربعاء الفائت في الجزائر، وهم لاعبة كرة الريشة داريا دجيدجولا، ومتسابقو الدراجات، تاتيانا مالكوفا وداريا مالكوفا، ورياضية سباقات ألعاب القوى كارينا بولودكينا، والسباحة أناستاسيا سوروكينا.

ملفات لخمسة رياضيين روس ظهرت على الموقع الإلكتروني لدورة الألعاب العربية - إنترنت
ملفات لخمسة رياضيين روس ظهرت على الموقع الإلكتروني لدورة الألعاب العربية – إنترنت

بحسب القائمة، فإن اللاعبات الخمس يمثلن المنتخب السوري، وتم تزوير أسماء وتواريخ ميلادهن، وذلك خلال استضافة الجزائر فعاليات النسخة الثالثة عشرة من دورة الألعاب العربية خلال الفترة من 5 إلى 15 تموز/يوليو 2023، بمشاركة 18 بلدا، وتجاوز عدد المشاركين 3800 رياضي ورياضية.

راكبة الدراجة تاتيانا مالكوف وشقيقتها داريا، تم تغيير اسميهما إلى تاتيا وداريا ملكو، وتم تغيير تاريخ ميلاد داريا من 16- 11- 2000 إلى 07- 05- 2001. كما تم تغيير اسم الرياضية في ألعاب القوى (رمي الرمح) كارينا بولودكينا إلى كارينا بولود، ولاعبة الريشة داريا دشيدشولا إلى داشا ديدهولا مع تغيير تاريخ الميلاد للأخيرة من 1995 إلى 1999.

أيضا تم تغيير اسم لاعبة السباحة أناستاسيا سوروكينا إلى إيناس سوركين مع منتخب سوريا، رغم أنها مدرجة في قائمة المرشحين للمنتخبات الوطنية الروسية، وفق الصحفي الروسي. فيما لفت ليسين إلى وجود لاعبتين روسيتين مع منتخب سوريا لكنهما ضمن الانتقال “النظيف”، وهما لاعبة الجمباز ألكسندرا ماكسيموفا والجودو ميلانا موجو (ميلانا مراد)، لأن لهما روابط مع المنتخب السوري على مواقع اتحاداتهما الدولية.

المدير الفني للمنتخب الروسي للدراجات، سيرجي كوفانيتس، علّق على ظهور اللاعبة مالكوف على موقع البطولة تحت منتخب سوريا قائلا، إنه انتهاك لجميع القواعد، وليس لديها الحق في اللعب مع سوريا، و”هذا لا يحدث في الحياة”.

البطولة التي تُقام في الجزائر تشمل 20 لعبة وهي، كرة القدم، ألعاب القوى، كرة الريشة، كرة السلة، الملاكمة، البولينج، الجمباز، الشطرنج، الدراجات، السلاح، كرة اليد، كرة الطائرة، الجودو، الكاراتيه، القوارب الشراعية، السباحة، تنس الطاولة، رفع الأثقال والمصارعة.

لماذا لجأ الاتحاد السوري للاعبين الروس؟

هذه الفضيحة تعتبر تحديا لمبادئ النزاهة والعدل التي يجب أن تكون في قلب الرياضة. فبحسب حديث المحكم الرياضي الأردني، أحمد فيصل، لـ”الحل نت”، فإن الاتحادات الرياضية تتحمل مسؤولية كبيرة في تأمين النزاهة وتفادي أي انتهاكات للقوانين. وينبغي أن يكون المنتخب الوطني مكانا يضم اللاعبين الأكفاء والذين يمثلون بلدهم بكرامة وشرف، وليس مكانا للتزوير والخداع.

المنتخب السوري في دورة الألعاب العالمية - إنترنت

هذه الحادثة بحسب فيصل يترتب عليها محاسبة المسؤولين عن هذه الفضيحة وتطبيق أقصى العقوبات عليهم. كما ينبغي إجراء تحقيق شامل ومستقل لتحديد المسؤوليات ومنع حدوث مثل هذه الانتهاكات في المستقبل. ولابد من تطبيق إجراءات صارمة للحفاظ على نزاهة الرياضة وتجنب تكرار مثل هذه الفضائح الصادمة.

وطبقا لحديث فيصل، يجب أن تكون هذه الحادثة تحذيرا للاتحادات الرياضية والمنظمات ذات الصلة بضرورة اليقظة والشفافية في عمليات الانتقاء والتسجيل. وينبغي أن تتخذ إجراءات صارمة للتأكد من أصالة هويات اللاعبين والحفاظ على مبدأ المنافسة العادلة.

من جهته، نفى رئيس الاتحاد الرياضي السوري، فراس معلا، وجود أي رياضيين روس في تشكيلة المنتخب السوري الذي يستعد لخوض دورة الألعاب العربية في الجزائر.

معلا، أوضح في تصريحات لوكالة “ريا نوفوستي” الروسية، تقدم ثلاثة رياضيين روس متنافسين في السباحة وكرة الريشة والدراجات إلى الاتحادات الرياضية الدولية للحصول على الجنسية للمنافسة في الفرق السورية، لكن تم رفضهم. مشيرا إلى أنه “لا يوجد رياضي واحد غير سوري في المنتخب استعدادا للجزائر”.

فضائح بين شخصيات رياضية

الفضائح في الاتحاد الرياضي السوري لم تتوقف منذ بداية العام الجاري، فبشكل مفاجئ بدأت الأندية السورية منذ نهاية أيار/مايو الفائت حملة دعم لرئيس الاتحاد الرياضي العام “فراس معلا” عبر منشورات على صفحاتها على موقع “الفيسبوك” تباعا.

رئيس الاتحاد الرياضي السوري، فراس معلا - إنترنت
رئيس الاتحاد الرياضي السوري، فراس معلا – إنترنت

في هذه الحملة التي وصفت بـ “العفوية” المتزامنة شاركت كل من أندية “تشرين” “جبلة” “الفتوة” “أهلي حلب” “الجلاء “الوحدة” “حطين” وغيرهم من أندية الدوري الممتاز وحتى الدرجة الأولى. حيث جاءت هذه الحملة بعد فضيحة اتهمت معلا  بالضغط لتوقيف قرار المحكمة المتضمن غرامة قدرها 452 مليون ليرة سورية بحق رئيس نادي “الوحدة”، ماهر السيد.

في حين أقرت لجنة الانضباط والأخلاق عدة قرارات تتضمن عقوبات إيقاف وغرامات بحق أندية رياضية. حيث قررت اللجنة، إيقاف مدرب نادي حطين، محمد شديد، 3 مباريات رسمية وما يتخللها من وديات وتغريمه بمبلغ 500 ألف ليرة سورية، لقيامه بشتم هيئة التحكيم والبصق غير المباشر.

أيضا يضاف إلى ذلك إيقاف لاعب نادي جبلة، حميد ميدو، 3 مباريات رسمية وما يتخللها من ودّيات، لقيامه بلكم لاعب المنافس على وجهه وشتمه، وتغريمه بمبلغ 500 ألف ليرة سورية، وتم اتخاذ عدة قرارات مماثلة.

الاتحاد الرياضي العام، الذي يسيطر عليه رئيسه فراس معلا، أعلن مؤخرًا عن حظر رؤساء الاتحادات الرياضية، بما في ذلك اتحادي كرة القدم والسلة، من إقامة أي مؤتمر صحفي أو لقاء تلفزيوني يتعلق بأنشطتهم دون الحصول على موافقة مسبقة من المكتب التنفيذي للاتحاد.

هذا القرار يأتي بعد كشف العديد من الفضائح الصادمة التي تعرضت لها الرياضة السورية مؤخرًا، ولاسيما في اتحادي كرة القدم والسلة. إذ تشير تقارير من متابعين للشأن الرياضي إلى وجود فساد إداري يعمّ في مختلف أنحاء الرياضة السورية.

تقارير إعلامية أكدت وجود فساد مالي يفوق المليون دولار في اتحاد كرة القدم، وتشير إلى أن قضايا الفساد تظهر بشكل متكرر في الاتحاد الرياضي، حيث لا يمرّ عام دون الكشف عن فضيحة مالية أو إدارية. وعلى الرغم من تصريحات الحكومة بإجراء تحقيقات، إلا أنه لم يتم الكشف بَعد عن نتائج تلك التحقيقات.

مصدر في الاتحاد الرياضي أفاد مؤخرا بأن قضية الفساد المثارة حاليا تتعلق بمبلغ يتجاوز العشرة ملايين دولار مودعة في حسابات اتحاد كرة القدم السوري في سويسرا، ولم يتم الكشف عن أي تطورات حديثة في تحقيق الفساد المتعلق باتحاد الكرة.

تزوير هويات اللاعبات الروسيات وتضليل الرأي العام بتمثيلهنّ باسم سوريا في بطولة رياضية دولية، يفتح الباب أمام التساؤلات المشروعة حول نزاهة العملية الرياضية في سوريا وتداعيات هذه الأعمال غير القانونية على المستقبل الرياضي للبلاد. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات