الزراعة المنزلية.. وسائل جديدة للتغلب على صعوبات المعيشة في سوريا

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تعيشها الأُسر السورية، تحاول فئة واسعة من ربات المنزل إيجاد مِهن يمكن ممارستها من منازلهن للحصول على دخل إضافي يساعدهنّ في المصاريف العائلية، إذ تضطر بعض العائلات السورية للعمل بكافة أفرادها لسد احتياجات المنزل، بسبب التضخم المستمر في أسعار السلع والخدمات في البلاد.

أحد أبرز المِهن التي يتوجه إليها الأهالي مؤخرا هي الزراعة المنزلية، حيث تضمن تأمين بعض الخضروات للعائلة إضافة إلى بيع الفائض وتحقيق ربح معقول، خاصة في ظل الارتفاع الكبير الذي ضرب أسعار الخضروات والفواكه مؤخرا في سوريا.

النعناع والقرنبيط والجرجير والبصل والبندورة، هي أبرز الأصناف التي يمكن زراعتها في المنزل،  باستخدام أحواض مخصصة للزراعة، في حين يستخدم البعض الزجاجات الفارغة لزراعة الخضروات على شرفات المنازل والأسطحة.

الاستهلاك والبيع

“أحاول تأمين بعض الخضروات للمنزل وبيع الباقي”، تقول رولا نجاري وهي أم لأربعة أطفال وتعيش في حلب، تعمل في مهنة الزراعة المنزلية منذ أشهر، مؤكدا أنها استطاعت تأمين الاكتفاء الذاتي في بعض أصناف الخضار، وتحاول بيع الفائض لأقاربها وأصدقائها.

نجاري أضافت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “منذ أشهر لم نضطر لشراء النعناع، فأحواض الزراعة المنتشرة على السطح أمّنت لنا كامل احتياجنا من النعناع، وقمت ببيع بعض الكميات للجيران، كذلك أحاول زراعة البندورة والبصل، لكن الأمر بحاجة لبعض الممارسة حتى أستطيع حساب الكميات وتعلّم طريقة الزراعة، فأسعار الخضار أصبحت تشكل عبئا ماديا ثقيلا خلال الفترة الماضية”.

قد يهمك: “أرقام تضخم غير منطقية“.. زيادة الرواتب في سوريا بلا جدوى؟

بحسب تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، فإن معظم المزروعات، تحتاج   إلى الرّي كل يومين في الصيف، مع الانتباه إلى الحشرات ومعالجتها منزلياً من دون إدخال السموم واستعمال ملعقة ونصف المعلقة من الصابون السائل وتركه يذوب في لتر ماء ويرش على الحشرات الضارة.

كذلك بحسب ما روت نجاري، فإن الإنتاج المنزلي في بعض المنازل، يضمن استهلاك الخضروات الطازجة، إضافة إلى ضمان الزراعة في بيئة نظيفة خالية من المواد الكيميائية والحشرات، خاصة إذا تم الاعتناء بالمزروعات بشكل يومي.

الباحثة في الهيئة العامة للبحوث الزراعية الدكتورة غادة قطمة، بيّنت أن الإنتاج المنزلي من الخضار والفاكهة يوفّر الكلفة الإضافية وتكاليف أخرى كأجور اليد العاملة والوسيط في تجارة المنتج الزراعي، كذلك فإن هذه الطريقة توفر على المستهلك أجور النقل من الأراضي الزراعية نحو المدن.

قطمة أوضحت في تصريحات نقلها الموقع المحلي، أن عادة الزراعة في المنزل ليست غريبة على السوريين، لكنها تحولت اليوم إلى حاجة في ظل الغلاء المستمر في أسعار الخضروات، وأضافت “اعتاد أجدادنا على إنتاج الخضروات والفاكهة في حدائق بيوتهم التي تكون في فسحات الدار أو الحدائق المحيطة لرغبتهم بتناول منتج نظيف”.

زراعة سهلة

الباحثة، أشارت إلى أن هناك العديد من الخضار الورقية التي من الممكن بسهولة زراعتها في المنازل، كالنعناع والبقدونس والخس والسبانخ والخبيزة والجرجير وبعض النباتات الطبية كالحبق وإكليل الجبل والمليسة وتقتصر الكلفة في هذه الزراعات على “تسميد الترب” قبل الزراعة بفترة ملائمة لا تقل عن شهر بالسماد البلدي ومن الممكن أن يكون متوفر في الريف، وعند تطبيق الزراعة المنزلية بالمدن يفضل استخدام المخصبات العضوية كسقاية أو رش ورقي لتأمين الاحتياجات الغذائية للنبات.

الخضار والفواكه شهدت منذ بداية العام الجاري ارتفاعات متتالية، تسببت بعزوف شريحة واسعة من السوريين عن استهلاكها أو تخفيض كميات الاستهلاك، ذلك في وقت ارتفعت فيه تكاليف الإنتاج على المزارعين، ما اضطرت الحكومة إلى السماح للتجار بالتصدير، الأمر الذي زاد من أسباب ارتفاع الأسعار في الأسواق.

خلال الأسابيع الماضية ومنذ افتتاح سوق الفاكهة الصيفية بسوريا، والأسعار تُوصف بـ”الخيالية”، والتي تفوق قدرة معظم المواطنين من دون شك، وسط تدني مستوى الرواتب والأجور مقارنة بالأسعار المتداولة في الأسواق ككل. ولعل ارتفاع أسعار فواكه الصيف عائدٌ إلى عدة أسباب، والتي من المفترض أن تكون من أرخص أنواع الفواكه في البلاد، على اعتبار أن معظمها منتَج محليا.

بحسب مصادر محلية، فإن أسعار الفواكه تتراوح بين 6 إلى 9 آلاف ليرة سورية للمشمش، و 8 آلاف ليرة للدراق النوع الأول، و12 ألف ليرة للكرز، حسب نوعيته ومصدره، وفي بعض الأسواق وصل إلى 18 ألف ليرة، كما تراوح سعر كيلو المشمش والدراق بين 5 – 10 آلاف ليرة، أما التوت فهو بين 4-6 آلاف، ووصل سعر كيلو البطيخ الأخضر والأصفر بين 2000 – 4000 ليرة، و5 آلاف ليرة للخوخ، مشيرة إلى أن كميات الاستهلاك المحلي منخفضة نتيجة ارتفاع الأسعار.

هذه الأسعار وأسعار مختلف السلع والمواد الغذائية هي المسبب الرئيسي لتوجه العائلات نحو “الزراعة المنزلية”، كذلك فإن الأوضاع الاقتصادية أفضت إلى توجه ربات المنزل إلى العمل في منازلهن، في العديد من المِهن، كمهنة صناعة الحلويات التي لاقت رواجا واسعا لا سيما خلال فترتي عيد الفطر وعيد الأضحى الماضيين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات