غلاء فاحش يحاصر السوريين في الداخل من كل حدب وصوب، فكل يوم تتعمق فجوة الأزمات الاقتصادية في سوريا، وسط غياب الحلول من قبل الحكومة السورية. سعر الصرف تراجع ووصل لمستوى تاريخي، فضلا عن زيادة أسعار حوامل الطاقة مؤخرا، وتحديدا البنزين والغاز، مما يؤثر بشكل مباشر على مفاصل الحياة الاقتصادية اليومية.

أزمة الغاز من أبرز الأزمات الاقتصادية في سوريا منذ سنوات عديدة، وقد برّرت الجهات المعنية استمرار هذه الأزمة وتفاقمها حتى اليوم بنقص التوريدات وشحّ الأسطوانات الفارغة الجديدة وبدلا من أن تجد حلولا لهذه الأزمة، فإنها تزيد الأمر سوءا، ووفقا لتقرير محلي حديث، لن يبقى سعر الأسطوانة الفارغة كما هو، بل سيصبح بحوالي 400 ألف ليرة سورية.

أسطوانة الغاز الفارغة بـ 400 ألف

بينما تبدو مستودعات شركة “المحروقات” الحكومية، خالية من أسطوانات الغاز الفارغة، ترى عشرات المواطنين ممن سجلوا للحصول على أسطوانة ينتظرون في طابور الدور ريثما يتم تأمين تلك الأسطوانات.

ارتفاع مرتقب لجرات الغاز في سوريا- “إنترنت”

طبقا للقوانين الناظمة فإن كل عائلة تستحق الحصول على أسطوانة غاز فارغة لمرة واحدة من شركة “المحروقات” بسعر 119 ألف ليرة، إلا أن الحصول عليها بات أمرا صعبا ريثما يتم تنفيذ عقد استيراد أسطوانات الغاز من الخارج، حيث كثُر الحديث مؤخرا عن هذا الأمر والذي سيحل مشكلات عديدة أولها تخفيف أعباء شرائها من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وفق تقرير لموقع “غلوبال نيوز” المحلي يوم أمس الأربعاء.

استيراد أسطوانات الغاز من الدول الخارجية مثل الهند كان حديثا يُتداول في معرض سوريا الدولي للنفط والطاقة والغاز الذي أغلق أبوابه قبل يومين، حيث كانت من بين الجهات المشاركة في المعرض شركة “المحروقات”، والتي تنوعت معروضاتها لتشمل أسطوانات غاز منزلي وصناعي فارغة، كذلك عيّنات من المشتقات النفطية، إذ شهد جناحها توافدا كبيرا من مواطنين تركزت معظم تساؤلاتهم عن الوقت الذي سيتم فيه توفير أسطوانات غاز فارغة لمن لم يحصل على واحدة حتى تاريخه.

إلا أنه وبحسب أقوال المعنيين في شركة “المحروقات”، فإن معظم التوقعات تتجه نحو ارتفاع سعر الأسطوانة الفارغة، وأنه لن يبقى على حاله والبالغ اليوم 119 ألف ليرة سورية للأسطوانة المنزلية، وإنما من المرجح أن يصبح بحدود 400 ألف ليرة، نظرا لأن تكاليف الاستيراد باتت مرتفعة اليوم.

هذا الخبر أثار استياء وسخط المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبروا أن مثل هذه الارتفاعات في الأسعار جرمٌ بحق المواطنين، إذ لن يكون بإمكانهم شراء جرات الغاز إلا مرات قليلة كل عدة أشهر، وأضافوا ” أي شو هالسعر الخرافي.. العمه بدكم تدفنوا البشر وهي عايشة”، بينما علّق آخرون بشكل ساخر “حق بيت قبل الأزمة”.

هذا وتعاني شركة “المحروقات” اليوم من نقص في الأسطوانات الفارغة الجديدة بعد أن كان جزءٌ كبير منها يُنتج محليا، وحتى تعوّض هذا النقص وتلبي احتياجات المواطنين اتجهت الشركة نحو استيرادها من الخارج، طبقا للتقرير المحلي.

تداعيات ذلك على الأسعار

في المقابل، إذا صحت التوقعات وتضاعفت أسعار عبوات الغاز الفارغة، فإن هذا سيؤثر حتما على الأسعار في الأسواق، سواء كان تسعير جرة الغاز نفسها أو أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى، بالنظر إلى أن الناس ترفع الأسعار حسب ما يتم رفعه من تسعيرة البنزين والغاز والمواد الأخرى الضرورية في عجلة الحياة الاقتصادية اليومية.

قبل نحو شهر، رفعت “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” السورية سعر أسطوانات الغاز الصناعي إلى 75 ألف ليرة سورية، فضلا عن رفع سعر البنزين في السادس من الشهر الجاري.

كانت ثمة مخاوف من تأثير هذا الارتفاع على أسعار المواد الغذائية التي يشكل الغاز أحد مستلزمات إنتاجها كالألبان والأجبان وعموم السلع في المطاعم الشعبية مثل الفلافل والحمص، وهذا ما حصل بالفعل مؤخرا. بالتالي فإن ارتفاع أسعار جرة الغاز الفارغة ستزيد من أزمة الأسعار مجددا.

لجنة تحديد الأسعار في محافظة دمشق أصدر عقب رفع أسعار الغاز مؤخرا، قرارا بتحديد أسعارٍ جديدة للمطاعم الشعبية والفطائر والمعجنات والمقاهي. ولم يكن هذا القرار مفاجئا للمواطنين، حيث أصبحت الزيادة في الأسعار أمرا معتادا في المشهد العام للحياة في سوريا، وقد صرح رئيس “جمعية المطاعم” كمال النابلسي في وقت سابق، أن الجمعية تعمل على دراسة تعديل أسعار المواد الغذائية الشعبية لمواكبة ارتفاع أسعار الغاز الصناعي.

وفقا للقرار الحكومي، فقد تمّ تحديد سعر كيلو المسبحة بـ 15 ألف ليرة سورية، نسبة الطحينة 20 بالمئة، وكيلو الحمص المسلوق بـ7 آلاف ليرة، والفول المسلوق بـ7 آلاف ليرة، حسبما أوردته صحيفة “الوطن” مؤخرا.

صورة من مواقع التواصل الاجتماعي- أزمة غاز في سوريا

كما حُدّد سعر صحن المسبحة بالزيت بـ 6 آلاف ليرة، وكذلك الأمر بالنسبة لصحن الفول بالزيت وحمص الحَب، وصحن البيض المقلي بالزيت، أما صحن الفول بالزيت واللبن مع سرفيس، 200 غرام، بـ 6500 ليرة، وزبدية الفتة بالسمن مع سرفيس، 500 غرام، بـ7 آلاف ليرة.

اللافت أن قرص الفلافل وصل سعره لـ 175 ليرة، وسندويشة الفلافل بين 2800 ليرة و4 آلاف ليرة، وهو ما يُعتبر سعرا كبيرا مقارنة برواتب الموظفين ومداخيل المواطنين بشكل عام في سوريا. أما سندويشة البطاطا بخبز صمون، 6 أقراص، بـ 4 آلاف ليرة، وسندويشة البطاطا بخبز صمون مع كتشب وسلطة إيطالية، 1500 غ بطاطا، بـ 4 آلاف ليرة وكذلك بالنسبة لسندويشة المرتديلا، 80 غ مرتديلا، بـ 6 آلاف ليرة.

بينما سندويشة لحم الدجاج بخبز صمون، 60 غ لحم فروج، وصل لـ 8 آلاف ليرة، وسندويشة السودة دجاج بخبز صمون أو سياحي،80 غ سودة، بـ7 آلاف ليرة. وبالنسبة لسعر أقراص المعجنات، حدد السعر بـ 800 ليرة لقرص الجبنة والزعتر والمحمرة والسبانخ، و1500 ليرة لكل من الجبنة بقشقوان والمحمرة بقشقوان، والمرتديلا، و البيتزا، إضافة إلى أجرة تصنيع القرص بـ 350 ليرة، طبقا لقرار لجنة تحديد الأسعار في محافظة دمشق.

مما لا شك أن ارتفاع أسعار الغاز في الفترات المقبلة سيُزيد من ارتفاع هذه الأسعار المذكورة آنفا، وهي بالأساس أي الأسعار مرتفعة مقارنة برواتبهم ومداخيلهم، حتى لو كانت معقولة مقارنة بتكاليف التشغيل والمواد الأولية، وبالتالي فإن هذه الزيادة المحتملة ستجعل كل هذه المأكولات الشعبية بعيدة عن موائدهم.

أزمة الغاز المستمرة

أزمة الغاز مستمرة في سوريا منذ سنوات، وحتى اليوم لم تجد الحكومة السورية أيّة حلول مُجدية لها. بل إن أزمات البلاد تتزايد باستمرار، ومع توقعات بارتفاع وشيك في أسعار عبوات الغاز الفارغة، فإن أزمة جديدة تلوح في الأفق، حيث ستنتشر طوابير الغاز مرة أخرى في شوارع المحافظات السورية.

كذلك، غير مستبعد أن تتجه العائلات السورية إلى وسائل بديلة كما كانت لا وتزال تفعل، لتعويض نقص الغاز المنزلي، كاستخدام الحطب والوسائل البدائية، ما يشكل خطرا على صحة المواطنين. وتلجأ العوائل إلى وسائل بديلة لمواجهة أزمة الغاز، كاستخدام الحطب و“البابور” في طهي الطعام، لا سيما مع ارتفاع أسعار الغاز خارج إطار الدعم الحكومي، ليصل سعر تعبئة أسطوانة الغاز إلى أكثر من 250 ألف ليرة للواحدة.

هذا وكانت حكومة دمشق قد أعلنت العام الماضي تخفيض الكميات المخصصة للعوائل السورية من المحروقات المدعومة، فبعد أن كانت الكمية مئتي لتر العام الماضي، انخفضت إلى 50 هذا العام، فضلا عن تمديد مدة الحصول على أسطوانة الغاز الواحدة، حيث تتراوح مدة استلام الغاز ما بين 2-3 أشهر.

ارتفاع أسطوانة الغاز الفارغة قريبا في سوريا-“إنترنت”

سعر أسطوانة الغاز المنزلي والصناعي وفق آخر تسعيرة من قبل “محافظة دمشق” عبر “البطاقة الذكية” يُقدّر بـ 16 ألفا و500 ليرة سورية بوزن 10 كيلوغرامات، وأسطوانة “الحر” من داخل وخارج البطاقة للوزن نفسه بقيمة 51500 ألف، بجانب التفاوت في سعره بين معتمد وآخر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات