الغش في المواد الغذائية أصبح السمة البارزة في الأسواق السورية، فقد وصل انحدار مستوى المعيشة إلى حدِّ تمكين المواد المغشوشة من الانتشار في الأسواق أكثر من المواد التي تراعي المواصفات القياسية المعتمدة، وذلك نتيجة الأسعار المرتفعة، حيث لم تعد الجودة هي المعيار الأول لشراء الغذاء بالنسبة للسوريين، بل الأهم الحصول على أسعار تناسب دخلهم المحدود جدا.

هذا الانتشار في المواد المغشوشة، يأتي في ظل عجز حكومي تام عن ملاحقة هذه المواد، أو تحسين الواقع المعيشي إلى حدّ يمنع انتشارها، أو على الأقل لا يضطر معظم الأهالي إلى شرائها، بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف المواد الأصلية.

قبل يومين كان الحديث يجري عن اجتماع “استثنائي” لمجلس الشعب السوري مع الحكومة السورية، وتمت تسميتها بـ”جلسة استجواب”، لكن نتيجة إيجابية واحدة لم نسمع عنها بعد انتهاء الجلسة، وسيطرت المشاكل الاقتصادية والمعيشية على الجلسة دون الخروج بأية نتائج قد تساعد المواطن على مواجهة أزماته المختلفة.

انتشار مخيف

بالعودة إلى قضية المواد المغشوشة، فقد اشتكى مواطنون من “الانتشار المخيف” لمشتقات الحليب المغشوشة بمختلف أنواعها، وسط إقبال متزايد عليها بسبب غلاء الأسعار، حيث أصبحت عمليات شراء الألبان والأجبان محفوفة بالمخاطر، نتيجة انتشار المواد المغشوشة منها.

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، نقل عن بعض المواطنين تأكيدهم أنهم “اشتكوا لحماية المستهلك بحماة فأنصفتهم وخالفت الباعة، فيما اكتفى آخرون بإعادة ما اشتروه لباعته واسترداد ثمنها”، في حين لفت آخرون إلى أنهم تحملوا الخسارة، “ورموا ما اشتروه من لبن وجبن في حاوية القمامة، كيلا يعرّضوا الباعة للغرامات والعقوبات وقد تتضمن السجن، وهم لا يريدون أن يكونوا السبب في ذلك”.

الحكومة السورية اكتفت بالكشف عن أساليب الغش في مشتقات الحليب، وكأنه سرّ تُخفيه عن المواطنين الذين أكدوا أنه ليس هذا الأمر ما ينتظرونه من الحكومة، إذ يُفترض أن تعمل المؤسسات الحكومية على ملاحقة المواد المغشوشة والحدِّ من انتشارها.

قد يهمك: لماذا يمكن أن يخاصم السوريين الزيت والقهوة؟

مدير التجارة الداخلية في حماة رياض زيود، بيّن أن حماية المستهلك تراقب معامل ومشاغل وورشات تصنيع الألبان والأجبان، وتضبط المخالفات وتعاقب المخالفين، موضحا في تصريحات للصحيفة المحلية أن معظم المخالفات تتعلق بغش الألبان والأجبان بإضافة النشاء، والزبدة النباتية كدسم، وكذلك زيادة نسبة الملح بالجبن.

خلال الأشهر الماضية، ازداد انتشار المواد الغذائية المغشوشة، حيث سجلت التقارير المحلية ارتفاع معدلات الضبوط المتعلقة بالمواد الغذائية، ومن بين هذه المواد كانت البهارات والقهوة ومشتقات الحليب والزيوت وغيرها، حيث يلجأ العديد من التجار إلى بيع موادٍ بمواصفات غير متطابقة لما يُكتب على غلاف المادة.

هذه المواد سجّلت إقبالا متزايدا من قبل فئة واسعة من السوريين، الذين يبحثون عن المواد الأرخص نتيجة ضعف قدرتهم الشرائية، حيث أن شراء المواد ذات الجودة العالية أصبح يحتاج ميزانيات تفوق قدرة معظم السوريين.

ذلك في وقت تشهد فيه الأسواق شبه كامل لـ”إدارة الجودة” في سوريا، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن، الذي لم يعد يهتم إطلاقا بالجودة على حساب السعر، فأصبح سعر المادة هو الفيصل في اتخاذ قرار شرائها بصرف النظر عن جودتها.

أسعار مرتفعة

أسعار الألبان والأجبان كغيرها من المواد الغذائية سجلت ارتفاعات متتالية منذ بداية العام الجاري، حيث سجل متوسط سعر كيلو الجبنة في السوريا 35 ألف ليرة سورية، في وقت سجّلت فيه ما تسمى بـ”الجبنة المشللة” 40 ألف ليرة سورية للكيلو الواحد.

منذ أشهر كان البعض يتحدث عن أن الراتب الحكومي لا يكفي لتغطية مصاريف عائلة لمدة أسبوع واحد، واليوم ومع الارتفاعات الجديدة في أسعار الصرف وأسعار السلع والمواد الغذائية، فإن الراتب الحكومي في سوريا فَقَد المزيد من قدرته الشرائية في الأسواق.

هذا الانحدار في مستوى المعيشة بسوريا، يأتي في ظل عجز شبه كامل للحكومة السورية عن التدخل لتحسين الواقع الاقتصادي، لتتحول الحكومة إلى “شاهد زور” على معاناة الأهالي، بحسب رأي مختصين ومطّلعين على الوضع الاقتصادي في البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات