ارتفاع أسعار المواد والسلع الغذائية في سوريا لم يعد يوفر أي مادة مهما كانت أساسية أو معدل استهلاكها مرتفع، فحتى الزيت والقهوة المادتين الأساسيتين في كل منزل شملهما الارتفاع الكبير والمتتالي، الأمر الذي أدى إلى تغيير السوريين لسلوكهم في استهلاكهما خلال الفترة الماضية.

على سبيل المثال أدى ارتفاع أسعار البن في سوريا، إلى انتشار عمليات البيع بـ”الغلوة”، حيث يضطر بعض الأشخاص إلى شراء بضع غرامات من البن، لصنع كوب القهوة الصباحي نتيجة عدم قدرته شراء كيلو كامل أو نصف كيلو من البن بعد سلسلة الارتفاع التي ضربت المادة.

فضلا عن انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية كسبب لارتفاع أسعار البن، جاء ارتفاع الأسعار العالمي ليزيد من معاناة السوريين، ويحرم المزيد منهم من كوب القهوة الذي اعتادوا شربه يوميا وربما لأكثر من مرة خلال اليوم.

أسباب داخلية وخارجية

تقارير صحفية أكدت انخفاض عدد المناطق المناسبة لزراعة البن حول العالم، إذ تشير التوقعات أن النسبة ستنخفض بنسبة 50 بالمئة حول العالم بحلول العام 2050، وذلك بسبب الارتفاع التدريجي في درجات الحرارة، وبحسب مؤسسة “روسكونغرس” ومعهد دراسة الأسواق العالمية، فإن الدراسات الأخيرة وضعت الملايين من منتجي البن في جميع أنحاء العالم في حالة تأهب.

بالعودة إلى الأسواق المحلية في سوريا، فإن ارتفاع أسعار البن، أفضى إلى انتشار كميات كبيرة من القهوة المغشوشة في الأسواق، حيث يلجأ بعض بائعي البن إلى عدة طرق للغش، وذلك عبر إضافة مادة نواة التمر “عجو التمر” أثناء طحن البن، ومن ثم يتم إضافة كميات إضافية من الهيل والمسكة لتغطية نكهة المواد المضافة.

بحسب تقرير لموقع “أثر برس” المحلي ونشره قبل أيام، فإن طعمة القهوة بعد الغلي تتغير، “إذ تظهر وكأنها محروقة، من هنا يجب أن نعلم أن هذا البن يُدخل عليه مواد أخرى غير حبة البن في التحميص، حيث أنه يوجد في حبة البن زيت يتحمل التحميص، أما نواة التمر لا تتحمل درجة التحميص مثل حبة البن فتكون طعمه الحرق، ويدعي البائع أن القهوة محروقة”.

قد يهمك: سوريا أصبحت “دولة مستوردة للغذاء“.. الحرب ليست السبب الوحيد والرئيسي

كذلك فإن البعض يلجأ إلى إضافة مادة “القضامة والخبز اليابس والعديد من المواد” بكميات قليلة بحيث لا يظهر طعمها بشكل واضح، إلا أن أسعار البن المرتفعة تتسبب برفع هامش الربح لبائعي القهوة، حيث يصل سعر كيلو البن في سوريا إلى 150 ألف ليرة.

الزيت ينضم إلى قائمة التقنين

من المواد الأساسية التي يتم استهلاكها بشكل أساسي في المنازل السورية وشهدت ارتفاعات متتالية خلال الفترة الماضية، زيت الزيتون الذي أصبح استهلاكه يشكل عبئا ثقيلا على العائلات السورية، الا أنها لم تتجه إلى الاستغناء عن هذه المادة، كونها مكون رئيسي في العديد من وجباتهم اليومية، خاصة وأنهم استغنوا عن مواد كثيرة في السابق واستبدلوها بزيت الزيتون.

الأسعار ارتفعت مؤخرا حتى وصل سعر علبة الزيت التي تحوي 16 كيلو غرام إلى 650 ألف ليرة سورية، وهي نفسها التي كانت تُباع قبل شهر فقط، بـ  500 ألف ليرة، الأمر الذي شكّل عبئا ماديا إضافيا على العائلات السورية.

فئة واسعة من الأشخاص في سوريا، تحولوا من شراء العبوات الكبير إلى شراء كميات محدودة من الزيت تكفي تحضير طبخة أو طبختين، وهذه الكميات عادة لا تتجاوز 100 غرام، ويعزي كثيرون سبب هذا الارتفاع إلى نشاط التجار في جمع المادة من المعاصر وتصديرها بعد أن سمحت الحكومة بذلك، بحيث أصبح الطلب أكثر من العرض بكثير إضافة إلى استغلال هذا الارتفاع لاحتكار المادة.

زيت الزيتون، يُعتبر من أبرز المواد الأساسية الموجودة في كل منزل، وهو يستخدم في تحضير معظم الطبخات السورية، كما يدخل في العديد من الأطباق التي يتم تحضيرها على الفطور، كالزيت والزعتر واللبنة والمكدوس، ويستخدم في العديد من الوجبات الأخرى، لذلك فإن ارتفاع أسعاره لم تدفع العائلات إلى العزوف عن شراءه.

المواطنون يقولون إنه في ظل غلاء المعيشة وصعوبة تدبّر جميع متطلبات الأسرة، من الصعب على عائلة متوسطة الدخل أن تشتري عبوة زيت بسبب ارتفاع سعره بهذا الشكل “اللامنطقي”، حيث يتجاوز سعر العبوة الـ 600 ألف ليرة سورية، بينما يُقدّر راتب الموظف الحكومي قرابة الـ 156 ألف ليرة.

بحسب تقارير متخصصة فإن رواتب العاملين والموظفين في سوريا الثابتة منذ بداية العام الجاري، فقدت نحو 35 بالمئة من قيمتها منذ مطلع العام، حيث واصلت أسعار السلع والخدمات في البلاد ارتفاعها، أم ردود أفعال الحكومة فاقتصرت على اقتراح خطط تتعلق بزيادة الرواتب دون إقرارها حتى الآن.

هزالة الأجور السورية وصلت إلى حد تهديد الأمن الغذائي بالنسبة للعاملين، خاصة أولئك الموظفين في القطاع الحكومي، الذين أصبحوا غير قادرين على تحمّل تكاليف الغذاء بمختلف أنواعه، بعد أن خرجت العديد من المواد من قائمة مشترياتهم لا سيما اللحوم والمكسرات وبعض أنواع الفواكه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات