موجة انتقادات ساخرة تطال الحكومة السورية وقراراتها مجددا، وهذه المرة تم انتقاد “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” بشأن تفعيل ميزة التجوال المحلي مؤقتا بين شركتي “سيريتل، و إم تي إن” للاتصالات الخلوية، بحيث يمكن لمشتركي الهاتف الخلوي إجراء المكالمات وإرسال الرسائل واستخدام الإنترنت من خلال شبكة الشركة التي يتوفر عليها التغطية، حتى لو كان المستخدم من مشتركي الشبكة الأخرى.

البعض اعتبر أن هذا القرار بمثابة أداة جديدة للاحتيال والنصب على المواطن، باعتبار أن ضعف الشبكة الخلوية يهدر رصيد المتصل نتيجة تكراره استخدام الشبكة، وبهذه الطريقة يمكن للكثيرين أن يضيعوا أرصدة اتصالاتهم دون الاستفادة منها بشكل كافٍ ومجدي.

ميزة التجوال المحلي للاتصالات

على إثر الصعوبات التي يعاني منها مشتركو الخلوي من غياب التغطية أحيانا في بعض المناطق النائية والأرياف السورية عند عدم توفر التيار الكهربائي والمشتقات النفطية اللازمة لتشغيل المحطات الخلوية، أعلنت “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” اعتبارا من اليوم الثلاثاء بتفعيل ميزة التجوال المحلي بشكل مؤقت بين شركتي “سيريتل، و إم تي إن”، وفق ما أوردته إذاعة “المدينة إف إم” المحلية، يوم أمس الإثنين.

بموجب هذه الاتفاقية، سيتمكن مشتركو الهاتف الخلوي سواء من شركة “سيريتل” أو شركة “إم تي إن” من إجراء الاتصالات وإرسال الرسائل واستخدام خدمة الإنترنت عبر شبكة الشركة التي تتوفر فيها تغطية، وذلك دون أجور إضافية.

كما سيتم الإعلان عن المناطق التي تتوفر فيها هذه الخدمة على المواقع الإلكترونية للشركات الخلوية بشكل تدريجي وفق الإمكانيات الفنية لشركتي الخلوي. ولفتت الهيئة إلى أنها تعمل جاهدة لتأمين خدمات الاتصالات لكل المشتركين، وخاصة في الأرياف والمناطق النائية ضمن الإمكانيات الفنية المتاحة، ورغم الصعوبات التي يعانيها قطاع الاتصالات في تأمين موارد الطاقة اللازمة لتشغيل المحطات.

هذا الإعلان أثار موجة انتقادات ساخرة في الشارع السوري على منصات التواصل الاجتماعي، فكتب أحدهم “ضربة موجعة للمغتربين، فضلتو ع بوزو للمشترك. طبعا فينا كمان نستخدم عليها شبكة وفا مجانا كمان، يا سلام على هالنصبة، الشبكتين اضرب من بعض. أي الحمدلله لأن بصراحة نحكي 5 دقايق مانفهم من بعض 5 كلمات”.

بينما اعتبر آخرون أنها خطوة لزيادة أجور الاتصالات وأضافوا “ميزة جديدة لزيادة أجور الدقيقة بالتبادل المتناوب بين الشركتين بحجة التغطية. هي تبادل منافع بين الشركتين لشو أساسا الأجور الإضافية. لأنه بدونها لا تفعل الناس باقات انترنت، مامعون حق ابراج هيك بيوفروا حق أبراج جديدة وعلى قص بالأرباح، ماهني بروحو الشبكتين سوى بس تنقطع الكهرباء”.

الميزة لموبايلات معينة!

من ناحية أخرى، اعتبر البعض أن “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” تقول إن الميزة مفعّلة في مناطق معينة، وسيقولون غدا إنها تدعم أجهزة محددة، وبالتالي ستجبر الكثير من الناس على اقتناء أجهزة حديثة، من أجل أن تستفيد الحكومة من جمركة هذه الأجهزة، خاصة وأن نسبة كبيرة من الناس يستخدمون الهواتف المحمولة القديمة للاتصالات والجديدة غير المجمركة لشبكات الـ”واي فاي” أي الإنترنت، وأضافوا “اليوم بقولو في مناطق محددة بتشتغل فيها الخدمة بكرا بقولو في أجهزة محددة بتدعم هل الخدمة بتشترو من الأجهزة المحددة بتستمتعو بالخدمة.. والحبل عالجرار”.

هذا وبينما أصبح همّ المواطن في هذا البلد المتعب الاستمرار بالحياة وبأقل التكاليف، فإن الطبقة المخملية تشتري موبايلات “الآيفون” مقابل 36 مليون ليرة سورية.

حيث لا يمكن لأغلب السوريين توفير هذا المبلغ اليوم لأكثر من 13 سنة عمل متواصلة، بسبب رواتبهم وأجورهم الضئيلة، والتي يبلغ متوسطها من 150 إلى 200 ألف ليرة سورية، في حين أن أمراء الحرب وتجارها يستطيعون دفعها من أطراف جيوبهم كما يقولون.

تشهد سوق الموبايلات في سوريا خلال الأيام القليلة الماضية تحولات جذرية في أسعار الهواتف الذكية، حيث تأثرت هذه الأسعار بشكل كبير بالتقلبات الحادة بسعر الصرف. لتسجل أسعار الموبايلات في سوريا ارتفاعا جديدا، حيث وصلت الزيادة بالأسعار لـ 10 ملايين بأحد الأجهزة خلال شهر واحد فقط. وأكد أحد بائعي أجهزة الموبايل لموقع “أثر برس” مؤخرا، أن الأسعار الجديدة للهواتف النقالة باتت تتغير بشكل شبه يومي، وارتفعت بنسبة كبيرة خلال شهر واحد فقط، مبيّنا أن سلسلة “سامسونغ” هي الأكثر مبيعا.

بمقارنة أسعار الموبايلات منذ بداية شهر تموز/يوليو الفائت حتى مطلع آب/أغسطس، فكان سعر موبايل “كالاكسي إس 23 ألترا” بداية الشهر الماضي 20 مليون ونصف، واليوم سعره يتجاوز 28 مليون ليرة، وجهاز “سامسونغ كالاكسي زد فولد3 جي5” كان سعره 18 مليون واليوم صار سعره 26 مليون ليرة سورية، وجهاز “جي كالاكسي إس 22 ألترا5” كان سعره 15 مليون و700 ألف، واليوم سعره حوالي 23 مليون ليرة، “كالاكسي آي73 جي5” كان سعره قبل شهر حوالي 6.5 مليون واليوم سعره حوالي 9 مليون.

ارتفاع أسعار الموبايلات في سوريا-“إنترنت”

أما أجهزة “الآيفون”، فكان سعر “آيفون 14 برو ماكس” بداية شهر تموز/يوليو الماضي 24 مليون ليرة سورية، واليوم سعره حوالي 34 مليون ليرة سورية، وجهاز “آيفون 14 برو” كان سعره 22 مليون واليوم حوالي 31 مليون، وموبايل “آيفون 14” كان سعره 15 مليون أما اليوم فسعره حوالي 21 مليون.

حول أجهزة “الشاومي” فكان سعر جهاز “شاومي ريدمي نوت 12 برو”، بداية الشهر الماضي حوالي 4 مليون و700 ألف، واليوم 6.5 مليون ليرة، وجهاز “شاومي بوكو إكس4 برو جي5” كان سعره قبل شهر حوالي 4 مليون أما اليوم فسعره 5.5 مليون.

بالنسبة لأجهزة “الريلمي” فكان سعر جهاز “ريلمي8” بداية تموز/يوليو الماضي 3 مليون، أما اليوم فسعره 4.4 مليون، وجهاز “ريلمي سي 35” كان سعره 2.7 مليون، واليوم سعره 3.7 مليون. وجهاز “أوبو رينو6 جي5” كان بـ 5.2 مليون واليوم سعره 7.3 مليون.

في المقابل، إذا ما قورنت أسعار “الآيفون 14 برو ماكس” في عدة دول عربية، فستكون سوريا الأغلى والأرخص بالسعر الرسمي يكون في أميركا. وإزاء هذا الفارق الكبير انتقد العديد من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي هذا الأمر، ومن بينهم مراسل قناة “الميادين”، السوري رضا الباشا، حيث كتب “سعر موبايل الآيفون في سوريا يتجاوز 3 آلاف دولار، في حين أن سعره في دبي 1200 دولار بعد حساب ربح التاجر، وفي العراق 1250 دولار”.

مؤخرا، رفعت الحكومة السورية أسعار جمركة الموبايلات “التصريح الجمركي” للمرة الرابعة منذ مطلع 2023، وكانت نسبة الارتفاع ما بين 15 و25 بالمئة، وذلك من دون إعلان رسمي عن القرار.

أسعار جمركة الموبايلات تختلف وفقا للماركة والصنف وتاريخ الصنع فبلغ سعر جمركة جهاز “آيفون 14 برو ماكس” نحو 8 ملايين و400 ألف ليرة سورية، وجمركة جهاز سامسونغ “إس 23 ألترا 7” ملايين و980 ألف ليرة سورية. ومع ارتفاع سعر الصرف فإن جمركة الموبايلات ترتفع معها تلقائيا، وكأنها تسعّر بالدولار وليست بالليرة السورية، وهذا استغلال واضح لجيوب المواطنين من قِبل هذه الحكومة التي باتت تحصّل الأموال من كل حدب وصوب على حساب المواطنين.

الاتصالات والإنترنت للأغنياء!

في المقابل، صُدم قبل أيام قليلة، مشتركو شركة “سيريتل” للاتصالات، وخاصة الطلاب الجامعيون ذوي الدخل المحدود، بإعلان الشركة عن رفع أسعار باقات الانترنت ابتداء من الأول من شهر آب/أغسطس الجاري، وهو الرفع الثاني للأسعار في هذا العام.

على وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت رسائل “سيريتل” المثيرة للجدل والتي تتضمن ارتفاعا جديدا في أسعار باقات الإنترنت، مما أثار استياء المشتركين الذين أكدوا أن هذه الزيادة ستجعلهم بحاجة إلى الاقتراض من أجل شراء رصيد الإنترنت وتفعيل الباقات.

رغم نفي الشركة بشكل أولي أن يكون هناك أي ارتفاع جديد في أسعار خدماتها، إلا أنها أعادت وأكدت رفع أسعار بعض الباقات التي وصفتها بالمتغيرة، حيث وصلت رسائل مصورة وردت إلى مشتركين تخطرهم بالزيادة المتوقعة، حيث أصبحت تكلفة باقة 7 غيغابايت بـ17.500ليرة، وباقة 14 غيغابايت بـ 28.500 ليرة، وباقة 20 غيغابايت  بـ36.500 ليرة، وباقة 35 غيغابايت  بــ54.000 ليرة.

بهذا التداعي الكارثي، يرى الطلاب أن “سيريتل” ستحوّل الباقات الاعتيادية المخصصة للجمهور إلى سلعة فاخرة وفاحشة الثمن، مما يجعلها حكرا على الطبقة البرجوازية المخملية، وتنفصل عن أهمية تلبية احتياجات الجمهور الواسع.

كما وأعلنت “وزارة الاتصالات السورية” في نيسان/أبريل الفائت، تعديل أسعار خدمات الاتصالات الثابتة والخلوية والإنترنت بنسبة 30-35 بالمئة والاتصالات الثابتة بنسبة 35-50 بالمئة، وأرجعت ذلك لارتفاع كلف المكونات الأساسية والمصاريف التشغيلية للشبكات.

في هذا البلد حيث أصبحت الحياة مرهقة، لا تنظر الشركات والحكومات إلى التوازن المطلوب بين تقديم الخدمات والسلع بأسعار معقولة والحفاظ على الاستدامة المالية للشركات. على المستوى القطاع الخاص، فإن وجود طبقة برجوازية قادرة على مواكبة ارتفاع الأسعار هو المطلوب حاليا لاستمرارية القطاع الخاص، فمحدودي الدخل باتوا خارج خطط هذه الشركات، فحتى اقتناء الأجهزة الخلوية الحديثة والاشتراك بباقات الإنترنت وغيرها من الأمور، باتت من المقننات لدى شريحة واسعة من السوريين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات