يوم الأحد الفائت، صدم مشتركو شركة “سيريتل” للاتصالات، وخاصة الطلاب الجامعيون ذوي الدخل المحدود، بإعلان الشركة عن رفع أسعار باقات الانترنت ابتداء من الأول من شهر آب/أغسطس الجاري، وهو الرفع الثاني للأسعار في هذا العام.

على وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت رسائل “سيريتل” المثيرة للجدل والتي تتضمن ارتفاعا جديدا في أسعار باقات الإنترنت، مما أثار استياء المشتركين الذين أكدوا أن هذه الزيادة ستجعلهم بحاجة إلى الاقتراض من أجل شراء رصيد الإنترنت وتفعيل الباقات. 

بهذا التداعي الكارثي، يرى الطلاب أن “سيريتل” ستحول الباقات الاعتيادية المخصصة للجمهور إلى سلعة فاخرة وفاحشة الثمن، مما يجعلها حكرا على الطبقة البرجوازية المخملية، وتنفصل عن أهمية تلبية احتياجات الجمهور الواسع.

السبحة وصلت إلى بوابات الإنترنت

بعد أيام قليلة من انتهاء جلسة مجلس الشعب السوري “الاستثنائية” بمشاركة أعضاء الحكومة، بدأت بشائر هذه الجلسة بسلسلة من القرارات تتعلق بمزيد من رفع لأسعار السلع والخدمات في سوريا، أبرزها قرار وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، رفع سعر البنزين إلى 10 آلاف ليرة سورية، حيث تم رفع السعر بمقدار 1400 ليرة، الأمر الذي سيكون له انعكاسات على مختلف السلع والخدمات في البلاد.

الزيادة المتكررة في أسعار الإنترنت تجاهلا صارخا لمعاناة المشتركين - إنترنت
الزيادة المتكررة في أسعار الإنترنت تجاهلا صارخا لمعاناة المشتركين – إنترنت

في قرار أثار استياءً واضحا بين أوساط السوريين، رفعت شركة “سيريتل”، أسعار باقات الإنترنت للمرة الثانية خلال العام الجاري، من دون إعلان رسمي، حيث وصلت نسبة الارتفاع بحسب ما تداوله ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى 40 بالمئة، شملت جميع الخدمات المقدّمة من الشركة.

رغم نفي الشركة بشكل أولي أن يكون هناك أي ارتفاع جديد في أسعار خدماتها، إلا أنها أعادت وأكدت رفع أسعار بعض الباقات التي وصفتها بالمتغيرة، حيث وصلت رسائل مصورة وردت إلى مشتركين تخطرهم بالزيادة المتوقعة، حيث أصبحت تكلفة باقة 7 غيغابايت بـ17.500ليرة، وباقة 14 غيغابايت بـ 28.500 ليرة، وباقة 20 غيغابايت  بـ36.500 ليرة، وباقة 35 غيغابايت  بــ54.000 ليرة. 

تعكس هذه الزيادة المتكررة في أسعار الإنترنت تجاهلا صارخا لمعاناة المشتركين وضيق أوضاعهم المادية. فالإنترنت ليس مجرد ترفيه للكثيرين، بل أصبح ضرورة أساسية للتعليم والعمل والتواصل في هذا العصر الرقمي. ومن هذا المنطلق، يرى الطلاب الجامعيون أن “سيريتل” تقوم بإلحاق ضرر مباشر بمسارات تطور المجتمع وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي.

طلاب السكن الجامعي بلا اتصالات

الفئة التي تعمل عبر الإنترنت تعد المتأثرة بشكل مباشر جراء رفع أسعار الباقات، إذ يُعتبر الإنترنت بالنسبة لهم شيئا أساسيا لا يُمكن الاستغناء عنه بل ركيزة العمل في عالم الشبكة الرقمية. ومع هذه الزيادة المفاجئة في الأسعار، اضطرت هذه الفئة إلى البحث عن بدائل كالاقتراض لتجديد الباقات، بدلا من الاعتماد على وسائل المواصلات أو الإنفاق الشخصي في ظل ارتفاع تكلفة الانتقال إلى أماكن العمل.

التغيير في الأسعار يشمل بعض العروض الخاصة ذات الفترات المحددة - إنترنت
التغيير في الأسعار يشمل بعض العروض الخاصة ذات الفترات المحددة – إنترنت

بالنسبة لطلاب السكن الجامعي، وبحسب حديث بعضهم لـ”الحل نت”، يعتبر الإنترنت حاجة أساسية تضاهي أهمية الطعام والشراب، حيث يعتمدون عليه في دراستهم واستيفاء احتياجاتهم الأكاديمية والتواصل مع أهاليهم. ونظرا لعدم امتلاكهم اتصالا ثابتا في منازلهم، يتوقف تواصلهم مع أهاليهم وأصدقائهم خارج محافظاتهم على خدمات الإنترنت. وبذلك، أضيفت أعباء جديدة على أكتاف هؤلاء الطلاب، حيث يجدون أنفسهم في مواجهة تحديات مالية إضافية بسبب تلك الزيادة.

بخصوص تبرير شركة “سيريتل” لهذه الزيادة، أوضحت مصادر داخل الشركة أن التغيير في الأسعار يشمل بعض العروض الخاصة ذات الفترات المحددة، فيما لا يوجد أي تغيير في أسعار الدقائق والإنترنت والباقات الأساسية الدائمة مثل باقات “حماة الديار” و”صبايا” وغيرها من الباقات الشائعة.

الأسعار في سوريا للطبقة البرجوازية 

يذكر أن وزارة الاتصالات السورية أعلنت في نيسان/أبريل الفائت، تعديل أسعار خدمات الاتصالات الثابتة والخليوية والإنترنت بنسبة 30-35 بالمئة والاتصالات الثابتة بنسبة 35-50 بالمئة، وأرجعت ذلك لارتفاع كلف المكونات الأساسية والمصاريف التشغيلية للشبكات.

السياسات الاقتصادية والأسعار ليست قضية معزولة عن الواقع الاجتماعي - إنترنت
السياسات الاقتصادية والأسعار ليست قضية معزولة عن الواقع الاجتماعي – إنترنت

“سيريتل” بهذه الزيادة تجبر المشتركين من الطلاب على تحمّل أعباء مالية غير محمودة وتقيدهم بدائرة الديون والاقتراض الباهظ. وهذا التصرف يؤثر بشكل سلبي على الثقة بين الشركة وعملائها ويضعف تواصلها الاجتماعي، وقد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية كارثية بالنسبة للعديد من العائلات والطلاب الذين يعتمدون بشكل كبير على الاتصالات السريعة والميسورة التكلفة.

السياسات الاقتصادية والأسعار ليست قضية معزولة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي العام في سوريا. إذ تؤثر القرارات الاقتصادية الحكومية وسياسات الشركات على النمو الاقتصادي ومستوى التوازن الاجتماعي.

في سوريا باتت الشركات والحكومات لا تنظر إلى التوازن المطلوب بين تقديم الخدمات والسلع بأسعار معقولة والحفاظ على الاستدامة المالية للشركات. على المستوى القطاع الخاص، فإن وجود طبقة برجوازية قادرة على مواكبة ارتفاع الأسعار هو المطلوب حاليا لاستمرارية القطاع الخاص، فمحدودي الدخل باتوا خارج خطط هذه الشركات.

هذا الانحدار في مستوى المعيشة بسوريا، يأتي في ظل عجز شبه كامل للحكومة السورية عن التدخل لتحسين الواقع الاقتصادي، لتتحول الحكومة إلى “شاهد زور” على معاناة الأهالي، بحسب رأي مختصين ومطّلعين على الوضع الاقتصادي في البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات